فيلادلفيا نيوز
لا ينبغي أن نتذكر الشهداء لمجرد التفاخر بل من أجل إحياء ما ماتوا من أجله وعليه ، ولا يجب أن نستذكر الشهيد ونستذكر الأحداث لمجرد سرد التاريخ وإستعراض الرموز والأجيال التي مرت على وطن وقضية كأننا نستذكر ذكريات نجوم كرة القدم أو رياضة أخرى فالشهداء الذين قضوا من أجل وطن وقضية لم تعلو منازلهم عند الخالق عز وجل إلا لأنهم إفتدوا قضية من الضياع بالثبات على المباديء.
وكذلك لم يتحولوا لرموز وطنية إلا لأنهم كتبوا بالدم وصاياهم الصادقة وحرصهم على صون وطن من المتاجرة بهذا الوطن فكان ارتقائهم شهداء عند ربهم لأنهم لم يقبلوا المساومة أو المتاجرة بما وقر في قلوبهم وعقولهم عن قيمة وكرامة الوطن.
فإذا إستذكرنا الشهيد هزاع المجالي أو الشهيد وصفي التل مرورا على تاريخ يوم وسنة لمجرد التذكر أوالتفاخر فحسب فنحن بذلك – للأسف – نكون أول من نقض وخان عهدة الدم التي كتبوها ووجهوها لنا.
ولمن يهمهم أمر الوطن حقا ومن يؤمنون ويحبون هذا الرمز الوطني العربي إليكم بعض القبس من فكر الشهيد هزاع المجالي وما أقدم له عن اليسير مما حمله الشهيد لشعبه وأهله ووطنه :
لله درك أبا أمجد ,, وكأنك وأنت تخط عباراتك قبل الإرتقاء إلى جوار ربك قد أردت إرسال نبوءة من زمانك إلى زماننا , أو كأنك في تلك اللحظات قد أسري بعقلك وقلبك من زمانك ألى زماننا هذا , فعرجت على حال وطنك الآن – الذي إستشهدت فيه ومن أجله – تتدارس أوضاعه وما آلت إليه أحواله في زمان تجهمه وتولى أموره من تحملهم الألقاب ومواقع المسؤولية ولا يحملونها , حتى (سامه كل مفلس) وبلغ به الهزال حد إختصاره وتعلق كل طموح شعبه العريق بخطبة إنشائية لا يدقق فيها إلا على الإلتزام بقواعد النحو والصرف -دون أن يفلحوا – يلقيها شخص أقسم على أن يحافظ على دستور لم يقرأه ولم يؤمن به -صدقا وحقا – وأن يخدم أمة -يعتقد أنها مجرد صفوف من تلاميذ الإبتدائية – , ويصادق على تلك الخطبة ويصفق لها من يسمون بنفس التسمية التي حلمتموها -وجيلكم من الرجال – نواب الأمة :
..إيييييه ,,, يا أبا أمجد : “ماذا أقول فمي يفتش عن فمي …والمفردات حجارة وتراب ”
*** مقتطفات من مذكرات الشهيد هزاع المجالي الذي جلس في موقعه وحمل لقبه طابور من الرؤساء آخرهم الرئيس الملهم والمنقذ نسأل الله له السداد والتوفيق وندعوه لو يقرأ بعض صفحات في مذكرات الشهيد هزاع المجالي والتي تشرح فكره ونهجه في إدارة وطن ودولة وأسوق منه الجزء التالي :
كتب دولة رئيس الوزراء هزاع المجالي :
“من البديهي ان يكون ولاء الموظفين للقانون والنظام , وان تكون الكفاءات العلمية والخلقية ومدى الخبرة العملية هي الأساس الذي يعول عليه في انتقاء الموظفين ، غير ان اعتبارات شتى قد تفاعلت في تكوين هذا الجهاز فانتابه الضعف واقتحمته العيون فكاد يخرج عن الغايات التي قام من اجلها ، ودراسة شاملة لأحوال هذا الجهاز وتطوراته ، تبرز لنا بصورة جلية الدوافع التي تكمن وراء الفساد الذي تخلله ، وهذه الدوافع تتحمل وزرها الوزارات المتعاقبة دون استنثاء ، فقد درجت كل حكومة وكل رئيس وزراء او وزير يأتي الى الحكم ، على مفهوم غريب لولاء الموظف ، فبدلاً من ان يكون الولاء للقانون والنظام وللدولة ، ارادوا ولاء لهم … وتحت تأثير هذا الفهم الخاطيء الخطير ، لجأت الحكومات الى تحطيم القواعد السليمة التي يجب ان تأخذ بها في صدد التعيين والترفيع ، فكانت تحدث الاستثناءات وتخص بها ” زلمها ” ومن كان من انصارها او من انحاز الى صفها المزعوم ، وكان الوزراء المختصون يجعلون التعيينات والترفيعات طبقاً لرغباتهم وامزجتهم ، بغير ما اكتراث لما تتطلبه الدولة في مفهومها المجرد المنزه عن الغرض .
وكثيراً ما حدث ان اقصت عن حقول الدوائر المرتكزة على كفاءات مشهود لها تلك الكفاءات لا لشيء الا لانها لا تأتلف وميولها ، وبهذا ومثله اختل ميزان العدالة ومبدأ تساوي الفرص ، وانكمشت ثقة الموظفين في النظام العام ، بل وتلاشت كلياً في بعض الاحيان ، اذ اصبح التعيين او الترفيع ، مقياسه الصلة بالوزراء او عدم الصلة ، واصبح هم المستوظف والموظف تبعاً لذلك ، تدبير شأنه بطرق ولو ملتوية لتأمين مستقبلة باسرع وقت ممكن لانه لم تعد له الثقة بقدرة النظام على حمايته وانصافه .
وطبيعي انه ما لم يتغير مفهوم الوزراء والوزارات المختلفة ، لولاء الموظف كما مر ، فانه يكون عسير بل ومستحيلاً ايجاد الحلول التي تكفل تحسين الجهاز الاداري “.
(المصدر مذكرات الشهيد هزاع المجالي ).
رحمك الله يا أبا أمجد وأسكنك ما وعد الله أمثالك من الشهداء مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ووعد الله حق.
رايق المجالي ابو عناد.