فيلادلفيا نيوز
يعيش فلسطينيو الأردن حالة من الترقب والقلق على مستقبل الخدمات التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وسط أزمة مالية غير مسبوقة تشهدها الأخيرة؛ جراء قرار أمريكي بقطع التمويل المقدم لها.
وبات نحو مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن، يقطنون في 10 مخيمات خاصة بهم، يعيشون على أمل هَبّة دولية تُنقذ “الأونروا” من أزمتها التي تحوّلت إلى قضية تشغل العالم؛ لما سيترتب عليها من مخاطر تهدد الفلسطينيين.
وأعلنت واشنطن، مساء الجمعة، قطع كامل تمويلها لـ “الأونروا”، بدعوى أنها “طلبت معالجة مشاكل في طريقة عمل الوكالة الأممية لكن لم يحدث أي تغيير”.
الوكالة كانت تعاني أساسًا من أزمة مالية منذ قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في يناير/ كانون ثانٍ الماضي، تقليص مساهمتها خلال 2018، إلى 65 مليون دولار، مقارنة بـ 365 مليونًا في 2017.
مراسل الأناضول التقى عدداً من لاجئي مخيم إربد (شمال)، والذين انتقدوا القرار الأمريكي بشدة، معلقين آمالهم على الاجتماع الدولي “المرتقب” لبحث تداعيات الأزمة المالية للوكالة الأممية.
وأُنشئ مخيم إربد عام 1951، على مساحة 0.244 كيلومتر مربع، شمالي الأردن، ويبلغ عدد سكانه حوالي 25 ألف لاجئ فلسطيني.
** “صفقة القرن”
محمد كلش، والذي كان يمسك بيد ابنه ليوصله إلى مدرسة الأونروا الموجودة في المخيم، يقول للأناضول: “قرار ترامب غير صحيح، وآلاف الأطفال يريدون أن يتعلموا، ألا يكفي أنه سلبهم وطنهم (في إشارة لاعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وما يتردد عن “صفقة القرن”)، يريد أن يسلبهم حقهم في التعليم”.
ويختم حديثه قائلاً: “كل ما يريده ترامب هو القضاء على القضية الفلسطينية”.
حسين أبو عواد، صاحب محل بقالة، يعتبر أن “المساعدات التي تقدمها الأونروا لسكان المخيم تراجعت وهو أمر واضح”، مضيفًا: “ما نقدر عليه هو مقاطعة المنتجات الأمريكية”.
أما عمر مسعد، وهو طالب جامعي في تخصص الشريعة الإسلامية، فيعتبر أن السبب وراء عدم قطع ترامب المساعدات عن “الأونروا” منذ وصوله البيت الأبيض مطلع 2017، كان مرتبطًا بتحقيق هدف معين وبعد أن حققه قرر وقف المساعدات، مضيفًا: “أعتقد أن هدفه مرتبط بصفقة القرن”.
و”صفقة القرن” تسمية متداولة إعلامياً لمساعي واشنطن لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإرغام الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة، وتتضارب الأنباء عن بنودها، التي جرى الحديث عدة مرات عن اقتراب موعد الإعلان عنها، ثم يتم تأجيل ذلك.
** رسالة استغاثة
الخمسينية آمنة نعامنة، والتي اعتبرت “قرار أمريكا وقف المساعدات ظلم للاجئين الفلسطينيين”، وجهت رسالة استغاثة عابرة للمخيم بقولها “نتمنى على دول العالم أن تتحد ضد هذا القرار المجحف الذي سينعكس على الخدمات التي توفرها لنا الأونروا”.
فيما يؤكد نايف أرهيدي، صاحب محل لبيع العصائر أمام مدرسة “الأونروا” بالمخيم، أن “ترامب قضى على الفلسطينيين بقراره، وهو يخطط لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل”.
** تراجع الخدمات
أما فرج عبد القادر، فيتحدث عن تدني مستوى الخدمات التي تقدمها الوكالة بالمخيم بعد قطع المساعدات الأمريكية عنها.
وقال عبد القادر :”هناك تراجع في الخدمات، كما ترى النظافة على سبيل المثال تراجعت مع خفض المساعدات والنفايات في كل مكان، فما بالك بوقف المساعدات.. نأمل أن تعود الأونروا إلى ما كانت عليه”.
** الموقف الأردني
من جهته، يقول نضال حداد، مدير دائرة الشؤون الفلسطينية في الأردن (حكومية)، إن “الأونروا الشريك الاستراتيجي لنا، وسنحافظ على هذه الشراكة حتى حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتطبيق الحل”.
ويضيف في حديث للأناضول: “الوكالة تمر بظرف استثنائي تواجه فيه أزمة مالية تهدد حق الملايين في العيش الكريم، إننا أمام تحدٍ كبير”.
ويتابع حداد: “هناك 122 ألف طالب يدرسون في مدارس الأونروا بالأردن، وسنعمل على الاستمرار في ممارسة حقهم الأساسي في التعليم”.
ويمضى قائلاً: “هناك مئات الآلاف منهم سيستمرون في الحصول على حقهم في المعالجة الصحية اللازمة”.
وأوضح المسؤول الأردني أنه “يجب أن يكون هناك رد فعل للمجتمع الدولي الذي أنشأ الأونروا، كون الاستمرار في دعمها رسالة سياسية مفادها أن العالم ما زال يأبه لمعاناتهم ولم يتخل عنهم ويتركهم ضحايا للعوز واليأس، ولن يسهم في حرمانهم من الخدمات الأساسية والتي هي ليست منَة بل هي حق لكل لاجئ”.
ويزيد: “نعم الوضع خطير، وآثار توقف الدعم الأمريكي مؤسفة، ومقلقة، وستسهم في إضعاف الأونروا ودورها الحيوي، وعلى المجتمع الدولي المساعدة في إنهاء هذا القلق عبر توفير الموارد المالية وبما يوفر الأمن والاستقرار للاجئين الفلسطينيين”.
ويشدد حداد على أن “موقف الأردن ثابت والملك عبد الله (عاهل البلاد)، مستمر في جهوده الداعمة للأونروا من أجل تجاوز أزمتها”.
ويقول فلسطينيون إن واشنطن تستهدف “الأونروا” في محاولة لتصفية قضية اللاجئين، تمهيدًا لإعلان خطة سلام أمريكية، تتضمن إجبار الفلسطينيين على تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل.
وتأسست الوكالة بقرار من الأمم المتحدة، عام 1949، لتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وهي: الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة
.”الاناضول”