فيلادلفيا نيوز
عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، جلستها الخامسة من سلسلة الحوارات الإقليمية حول الحماية الاجتماعية في العالم العربي يوم الأربعاء 13 أيار 2020 عبر الإنترنت، حيث تسعى منظمة النهضة (أرض) من خلال جلسات الحوار هذه، إلى تقصي وجهة نظر الخبراء العرب وصناع قرار حول الأثر متعدد الأبعاد لأزمة جائحة الكورونا الصحية على مستويات الفقر والحماية الاجتماعية وأمن الأفراد والمجتمعات من منظور كلي، وتناولت الجلسة الخامسة مأسسة واستدامة خدمات الرعاية الاجتماعية وتجويد الحماية الاجتماعية خصوصاً وقت الأزمات، وإمكانية تحسين واقع الاستراتيجيات والجهود الحالية، والاستجابة لطموح المأسسة والاستدامة من خلال مؤسسات القطاع العام أولاً وبالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني.
استضافت سعادة العين الدكتورة سوسن المجالي، والتي تدير هذه الجلسات بالتعاون من منظمة النهضة (أرض)، كلا من نسرين بركات، عضو فريق الحماية الاجتماعية الوطني، ووزيرة تنمية اجتماعية سابقة في الأردن، ودعاء قريع، المديرة التنفيذية لشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ورشا حلول محامية وناشطة حقوقية مدافعة لتعديل وإلغاء التشريعات التميزية ضد المرأة في النظم العراقية.
استعرضت الدكتورة سوسن المجالي أحوال الحماية الاجتماعية في البلدان العربية وأبرز المطالبات الإصلاحية في ظل أزمة الكورونا، وقالت أن هناك العديد من التحديات التي تواجهه ملف الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، والتي تمثلت بهشاشة استراتيجيات الحماية وعدم شموليتها، وتعقيداتها في دول أخرى نتيجة تداخل أزمات متراكمة مع أزمة الكورونا، ووجود ممارسات تميزية في أحيان أخرى، وغياب التشريعات التي تمهد لاستدامته. وأكدت أن التحدي الأكبر يتمثل في توفر الموارد الاقتصادية المستدامة لمأسسة الحماية الاجتماعية واتساقها، ضماناً لعدم تغييب مستحقي الحماية والقدرة على الإصلاح والتطوير.
أردنيًا، قالت معالي نسرين بركات، بأن “الإستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية قد ساهمت في التخفيف من أثر أزمة الكورونا” كما أن السجل الوطني الموحد قد سمح باستهداف الفئات المحتاجة والاستدلال عليها، وذلك بمساعدة بوابة الكترونية واحدة توجه لها المواطن. وفيما يتعلق بمحاور الاستراتيجية، بينت أن معظم العاملين في الأسر الفقيرة هم الرجال، وأغلبهم يعمل بالقطاع الخاص والعمل غير الرسمي أو غير المنظم، ولا يتمتعون بالضمان الاجتماعي – الأمر الذي لمست أثاره السلبية في الأزمة. أما فيما يتعلق بمحور المساعدات الاجتماعية، والذي يختص بالدعم النقدي والعيني، أكدت على ضرورة تعديل معايير استهداف الفئات المحتاجة التي لم تأخذ سابقًا بعين الاعتبار لتشمل العاملين او القادرين على العمل من الفقراء بدخل غير كافٍ. كما تطرقت لخدمات ذوي الإعاقة، إضافة لمشاكل التأمين الصحي، وحالات سوء التغذية، وضرورة شمول حالات العنف المنزلي والتعامل معها، إذ يزيد عزل ضحايا العنف المستمر من المشكلة. ووفقًا لبركات، يجب العمل على إدماج الإستراتيجية الوطنية في المؤسسات أو الوزارات المعنية، مع رصد النشاطات والمخصصات بشكل دوري والتي يجب تضمينها في ميزانية المؤسسات المعنية.
وفيما يختص بالوضع الفلسطيني، قالت الأستاذة دعاء قريع “إن الجائحة قد زادت عدد المهمشين الأساسيين لأسباب هشاشة قانون العمل وتطبيقه مع ارتفاع نسبة البطالة في فلسطين وغزة التي تصل إلى %48”، كما أنها كشفت عن ضعف الخدمات الاجتماعية في مجال الصحة والحماية، مع التفاوت العالي في الوصول للخدمات النوعية والجيدة. وشددت بأن الحماية الاجتماعية حق للجميع مع ضرورة الاستثمار بها. وأن تعزيز صمود الفئات الضعيفة، وخصوصًا المعاقين، والعاملين لحسابهم الخاص، وعاملات المنازل وغيرهم، هو حق أساسي يكفله القانون كالحصول على الحد الأدنى من الدخل. كما أضافت بأن قانون العمل في فلسطين غير مطبق على جميع العاملين بأجر، وأن قانون الضمان الاجتماعي الذي لم يقر كان يشمل فقط %17 من المجتمع، رغم دور القانون المهم لتعزيز صمود الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال ومحاولات التهجير القسري لهم. وأشارت أن الشبكة حالياً تقود حملة لإقرار قانون مخصص للحماية الاجتماعية لتكون حق للشعب للمطالبة به.
في الشأن العراقي، تحدثت الأستاذة رشا حلول، عن عملها ضمن “جمعية نساء بغداد” للمطالبة بوقف الممارسات التميزية في النظم العراقية ضد النساء. وبينت وضع العراق الذي عانى الكثير من الحروب، وأن عدد معيلات الأسر من الأرامل قد ازداد، كما رفعت المظاهرات والقمع والانتهاكات في العراق منه، وزادت معه معاناة النساء من الأرامل من الانتهاكات الواقعة عليهن من الناحية الاجتماعية والنفسية، ومحدودية قدرتهم على التحصيل العلمي والعملي وفرصهن الاقتصادية والمجتمعية. وقالت حلول “أن العراق يتوافر على قانون للحماية الاجتماعية والضمان، لكن هذه القوانين غير مطبقة بشكل فعال وشمولي، والرواتب المخصصة للأمهات والأطفال لا ترفعهم فوق مستوى الفقر، مع تأخر الدفعات المستحقة عن موعدها والتي لا تشمل الجميع، دون وجود تدابير بديلة لسد هذه الثغرات. ونوهت إلى عدم وجود قانون أو كيان خاص بالأرملة والنساء المعيلات والمطلقات، إذ تدمج مع ذوي الإعاقة، والعاطلين عن العمل، دون الالتفات لحاجاتهن تحديدًا اللواتي تحمل الكثير منهن شهادات عليا تؤهلهن لفرص وظيفية أفضل.
وأجمعت المتحدثات على تقاطع الحماية الاجتماعية مع عدة مجالات كالصحة، والتنمية، والتعليم، وذوي الإعاقة وغيرها، لذا لابد من وجود الإرادة السياسية لتفعيل قرارات الشمول بالحماية وجودتها. وأن خطة طريق واضحة يتحدد بها المسؤوليات هو الضامن لتفعيل منظومة الحماية الاجتماعية، مع ضرورة الضغط على صناع القرار في ظل وجود قوانين غير مفعلة، إضافة إلى مساندة المجتمع المدني بما يضمن إيصال صوت المعنيين من المهمشين والفقراء والأكثر فقرًا، وتعزيز دورهم في تحديد احتياجاتهم الحقيقية، وبناء نظام الحماية المناسب لطبيعة البلد واقتصادها.