السبت , أبريل 27 2024 | 4:29 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب: (Joy awards) المملكة العربية السعودية

رايق المجالي يكتب: (Joy awards) المملكة العربية السعودية

فيلادلفيا نيوز

لمن لم يعرف العنوان فهو ذلك الحفل المبهر الذي أقيم في مدينة الرياض وضم حضور أهل الفن بكل أصنافه من عالمنا العربي وكان فعالية أقامتها هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية لتكريم المبدعين في مجالات الفن العربي وبحضور عدد من النجوم على مستوى العالم .

ومما لا شك فيه بأن هذه الفعالية قدمت لنا صورة غاية في الإبهار بكل تفاصيلها أظهرت حجم الجهد الذي بذل لإخراجها بهذا الشكل وللأمانة علينا أن لا ننكر بأن هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية ومنذ إنشائها تجتهد في تقديم الأفكار المبدعة لبث صورة مغايرة لما هي في أذهان شعوب العالم على مساحة الكرة الأرضية عن الأمة العربية , فصورة العربي عند كثير من الشعوب وبفعل سياسات الأنظمة الصهيونية في العالم تكرست على أنها (صورة الإنسان البدائي المتخلف الذي على هيئة وحش بشري ولا يستمتع إلا بملذات الحياة من أكل وشرب وممارسة ما تمليه عليه الغرائز بصورتها الحيوانية مثل (الجنس ) ويظهرون هذه الصورة على أنها تتشكل بفعل الثقافة الإسلامية والعربية فالمقصود من هذه الصورة هو تشويه الثقافة الإسلامية والعربية وتكريس فكرة نمطية عنهما بأن ثقافتنا العربية الإسلامية وحضارتنا ما هي إلا حضارة بدائية تقوم على سفك الدماء وإستباحة كل شيء لمجرد إشباع الغرائز البشرية الحيوانية ) , والذي يجب علينا عدم إنكاره هو ذلك الجانب النافع في محاولات تغيير الصورة النمطية التي كرست على مر سنوات طوال عن العربي والمسلم لدى شعوب العالم .

ولكن وحتى يكون هذا الجهد وتلك الرؤية لدى المملكة العربية السعودية في إتجاههما السليم والصحيح علينا أن نناقش هذا الجهد وهذه الرؤية وما نتابعه من فعاليات تقوم بها هيئة الترفيه في السعودية الشقيقة بطريقة أعمق وأدق من مجرد التصفيق للإبهار أحيانا أو النقد اللاذع والهجوم من منطلقات دينية أو أخلاقية أحيانا أخرى , وعلينا أن ننفتح على جميع الأفكار ووجهات النظر في عالمنا العربي تأسيسا على الإنفتاح على العالم وعدم إنكار العصر الذي نعيشه بوسائله وأدواته الثقافية التي ليست في أيدينا نحن العرب والمسلمين ,بل هي في أيادي غيرنا سواء أكانوا أصدقاء أم أعداء .

والنقاش الموضوعي العميق لما يصدر عن هيئة الترفيه في السعودية (بلاد الحرمين ) كعاصمة دينية للعالم الإسلام يقتضي منا الفصل بين دور المملكة العربية السعودية الديني في خدمة (الحرمين الشريفين ) والأمة الإسلامية التي يتوافد حجاجها للمملكة تعبدا وتأدية لمناسك الحج والعمرة وبين دورها السياسي الإقليمي والعالمي كإحدى أكبر الدول العربية والإسلامية وأغناها , فالخلط بين هذين الأمرين يبعدنا كل البعد عن التفكير المنتج والموضوعي وهذا الخلط بالضرورة ينم عن جهل وتخلف فعلي بمعطيات العصر وبتطور المجتمعات في العالم وهو بالتأكيد (إنكباب على الوجه وتقوقع ضمن أطر نمطية للتفكير وللثقافة التي لا تواكب العالم في حركته الدائمة .

ومن هنا وإستنادا لما سبق أود أن أبدي عدة ملاحظات على نتاج هيئة الترفيه في الشقيقة السعودية وخصوصا الحفل الأخير الذي أقيم تحت العنوان أعلاه (joy awards) :

1- كان الإبهار الشديد وجمال الصورة لافتا وعاليا جدا وكان الجهد في التنظيم مميزا ,
2-تركز الإبهار على الصورة وتركزت الصورة على الفن بأصنافه ولكن الأبرز كان الغناء والتمثيل وجاء الإبداع الثقافي والنتاج الفكري والأدبي للمؤلفين في كل أنواع الفن من شعراء وكتاب ومخرجين في المقام الثاني والثالث والرابع مما جعل الإنتاج الإبداعي الفكري والثقافي وكأنه يشار إليه ويكرم على هامش تكريم نجوم الشاشات ومن لهم متابعات عبر جميع وسائل الميديا من مطربين وممثلين .
3-الشكل المبهر بالمجمل وكذلك بالتفاصيل كان بحد ذاته (نسخة مقلدة ) عن مهرجانات أو حفلات أو فعاليات أجنبية من دول العالم المتقدم مثل (حفل توزيع جوائز الأوسكار ) وغيره من الفعاليات العالمية التي تحتفي بفنون الغناء والتمثيل (دراما تلفزيون , سينما ) , فكان الطابع أجنبيا بإمتياز ولا حضور للطابع العربي .
4-لا يكفي لتغيير الصورة النمطية عن العربي والمسلم أن نبث للعالم إرتداء الرجال والنساء العرب للملابس والأزياء الفاخرة والمتماشية مع آخر (الموضات العالمية ) على أرض عربية وإسلامية , بل الأهم والضروري هو إظهار حقيقة ثقافتنا الإسلامية والعربية ونتاجهما الإبداعي ليعرف العالم حقيقة ما وصل إليه العقل العربي في بداية الألفية الثالثة ولدينا للبرهان على ما قد نظهره عن ثقافة الشعوب العربية في هذا العصر الكثير من الأسماء المسلمة والعربية التي عرفها العالم في كل المجالات وفي بلدان العالم وكانت مبدعة ومتميزة ومتفوقة وأخذت مكانتها في كل مجال علمي وعملي في المجتمعات المتقدمة ولنقول للعالم أن هؤولاء ليسوا مجرد طفرات أو صناعة مختبرات أجنبية بل هم نموذج للإنسان المسلم والعربي الذي ولد وتربى على ثقافته وحضارته الإسلامية في بلد من بلدان العالم العربي والإسلامي (العالم الثالث ) وهو الذي يبدع دائما إذا ما توفرت له الظروف والأدوات التي تمكنه من الإبداع .
5-إكتساب إحترام العالم وتغيير الصورة النمطية عن العربي والمسلم لا يكون بإقناع العالم بأن العالم العربي أصبح يتقبل (شكل المرأة ) في عدم إرتداء الحجاب أو عدم الإحتشام باللباس وكذلك تقبل (الرجل الشرقي والعربي المسلم ) لظهور إبنته أو أخته أو أمه أو زوجته على الملأ دون إحتشام لتماشيها مع الموضة وكذلك تقبله لثقافة الغير فيما يتعلق بالعلاقات بين الرجل والمرأة أو الرجل والرجل , فلن يقتنع أحد أن حتى ألمع النجوم من المطربين أوالممثلين في قرارة نفسه يتناقض مع طبيعة الرجل الشرقي العربي المسلم والمسيحي في مسائل كثيرة موجودة في الثقافات الأجنبية والغربية عن المجتمعات العربية والمجتمعات المسلمة , وإن تغاضى بعضهم عن ذلك في الظاهر فذلك لأن من يحبون المال أكثر من أي شيء -وفي كل العالم – سيتخلون بالطبع عن أي شيء لجني المال-وهم إستثناء – ولكن الطباع والثقافة الراسخة عند القاعدة هي غير ذلك حتى لو نظم في كل يوم حفل ووضعت سجادة حمراء وفي كل دولة ومدينة عربية أو مسلمة .
6- إكتساب إحترام العالم يكون بأن يقتنع العالم بثقافة شخص أو ثقافة مجتمع وطريقة تفكير ذلك الشخص بغض النظر عما يرتديه وعن الطابع الذي يظهر به للعالم وبالعكس فعندما يقتنع الأفراد بكل العالم ومن كل الثقافات والحضارات بثقافة شخص أو مجتمع يتحولون إلى معجبين ومقلدين لطابعه في الهيئة وفي طريقة فعله للأشياء وأحيانا بلغته ولهجته , وخير دليل أن أشقائنا في الخليج العربي وأبرزهم السياسيين لا يتخلون عن طابعهم في اللباس العربي الخليجي عند ظهورهم في المحافل الدولية ويراهم العالم وهم يتحدثون بكل لغات العالم ويمارسون العمل السياسي وهم من تخرجوا من أعتى جامعات العالم ,فيحترمون -وأقصد شعوب الأرض – من يقنعهم فكره وطرحه وقدرته على إيصال الأفكار الجيدة ولا يلتفتون إلى ثمن (البشت ) أو (العقال) أو (الساعة ) والتي نعلم أن أثمانها تفوق بأضعاف ما يرتديه (الرئيس الأمريكي ) من ملابس .
7-المملكة العربية السعودية وهي سيدة الجزيرة العربية ومن أراضيها الإشعاع الأول للثقافة العربية والإسلامية التي غزت العالم وخرج من صحاريها وجبالها ووديانها من تسيدت حضارتهم الكرة الأرضية وكانوا قادة تلك الحضارة الإسلامية والعربية وهي إذا مخزون لا ينضب من الموروث الثقافي بكل أشكاله والذي أنار العالم وفيها من الكنوز الثقافية والأدبية ما يفوق (كنوز الأرض من الذهب الأصفر والذهب الأسود ) وهي بذلك منطلقا وعاصمة أولى للحضارة الإسلامية والعربية والتي أسست إتباعا لها عواصم للدولة الإسلامية وللثقافة العربية .
8-يا حبذا لو تم توظيف هذا الفكرة والرؤية وهذا الإبداع والجهد من قبل هيئة الترفيه لإبراز الثقافة العربية والإسلامية للمجتمع العربي تحديدا بتبايناته وأطيافه وألوانه الثقافية ولكن في إطار إبراز الطابع السعودي والخليجي وفي التفاصيل إبراز طابع الدول والمجتمعات العربية التي يأتي منها مشاركات , كأن يسيطر الطابع الخليجي والسعودي على شكل الحفل والمكان وأن تشارك الوفود والأشخاص من كل دولة عربية بالشكل والطابع الذي يمثل الدولة من حيث اللباس ومن حيث تقديم فقرات ومقتطفات تمثل خصوصية موروث كل قطر عربي , ومثلا يمكن تحويل (الريد كاربت ) (السجادة الحمراء ) إلى (سجادة بالنقش الخليجي العربي ) يسير عليها الضيوف والحضور بالأزياء العربية التي تمثل موروث الأقطار العربية الشعبي في الأزياء .
9-وأهم توظيف لهذه الرؤية وهذا الجهد وما يبذل من أموال يجب أن ينصب على دعم وتسويق الإنتاج الفني والإعلامي الذي يوثق ويبعث الثقافة الإسلامية والعربية وفي كل المجالات والفنون لنقلها من المحلية ومحدودية الإنتشار في حدود المجتمعات العربية إلى العالمية ليفهم العالم أن الشعوب العربية والمسلمة ليست حواضن للأفكار الظلامية وليست قواما للعصابات الإرهابية وهذا إن حصل على تراخي الزمن في المستقبل سيكون أهم هجوم عكسي على الهجمات الثقافية الصهيونية الممنهجة التي ما إنفكت تدك المجتمعات العربية حتى حطمت منظوماتها الثقافية والقيمية وبالتالي حفرت عميقا لدفن الحضارة العربية والإسلامية ومحوها من على الخارطة الثقافية للعالم .
10-في النهاية لا يجب أن نمر على ما يجري في الشقيقة السعودية مرور الكرام وإنكار أهمية ما يستجد على ساحتها وكذلك ريادة ودور المملكة العربية السعودية في مناجزة ومحاربة ما يتعرض له العالمين الإسلامي والعربي من مؤامرات لأن عقارب الساعة لا تعود للوراء من جهة ولأن المملكة العربية السعودية شاء من شاء وأبى من أبى ستبقى بلاد الحرمين ومقر المؤتمر الإسلامي الدائم محج العالمين من المسلمين إلى قيام الساعة وستبقى المملكة زعيما وقائدا للأمتين الإسلامية والعربية في ميادين السياسة على مستوى العالم .

ونسأل الله أن يطيل في عمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأن يمتعه بالعافية وأن يوفق ولي عهده الأمير محمد بن سلمان ويرشده سواء السبيل لخدمة المملكة العربية السعودية وشعبها الكريم وأن يهدينا مسلمين وعرب وإياهم لما فيه نفع الأمتين العربية والإسلامية وبارك الله في كل جهد صالح يهدف لخدمة المملكة والشعب السعودي وكذلك أمتنا العربية ونتضرع إلى العلي القدير أن يجنبهم ويجنبنا معهم شعوبا وأنظمة عربية آفات المجتمعات الغريبة ومخلفات الحضارات التي إن رمينا بها وأستبدلناها بما هو لدينا وقلدناها فهي -لا محالة – أشرس أسلحة دمار شامل وعامل للأمتين العربية والإسلامية .

ولمعالي المستشار تركي آل الشيخ أقول : لقد أجدتم وأبدعتم تنظيما وإبهارا ونتمنى عليكم الإبداع أكثر في التجويد من حيث المحتوى والمضامين والرسائل الثقافية حتى يبارك الله جهودكم ويسجل الجهد في صحيفة أعمالكم وفاء وإنتتماء للمملكة وللعروبة وللإسلام .

(المتابع العربي : المستشار القانوني رايق عياد المجالي /ابو عناد…من قبيلة تميم النجدية /الأردني الإنتماء والتابعية /العربي الإسلامي الهوية .

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com