الأحد , مايو 5 2024 | 11:42 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : ما الذي يصنع ربيع الشعوب ..؟؟؟

رايق المجالي يكتب : ما الذي يصنع ربيع الشعوب ..؟؟؟

فيلادلفيا نيوز

(الربيع في اي دولة ولدى اي شعب) هو اصطلاح سياسي اعلامي يعرف بأنه تحول التململ الشعبي إلى إحتجاجات وإلى ثورات سلمية بسبب ما يتعرض له مجتمع من ضغط شديد في كل نواحي الحياة من انسداد الافق السياسي وتقييد الحريات العامة والخاصة وتعرض الشعب في دولة ما للتحكم المستبد فتغيب العدالة في كل شيء وتضيق على الافراد سبل العيش بسبب الكساد الاقتصادي وإنهيار منظومته وتعطله مما يدفع الافراد في مجتمع ما إلى الخروج عن صمتهم وحصول حالة من الإتفاق الضمني والتوافق على رفع شعارات موحدة تطالب بالعدالة وبالعيش الكريم وبالتغيرات على كل صعيد وهذا الإنفجار (السلمي ) العامودي من الاسفل للأعلى يسبقه عادة إنفجار أفقي في المجتمع تتمدد فيه حالة الغضب والاحتقان لتتحول الى صدامات بين الافراد والجماعات وفتن بين مكونات المجتمع فيأكل الافراد بعضهم وتتحول الاجواء إلى ما يشبه الغابة لا بقاء فيها إلا للكاسر القوي ثم تزيد هذه الحالة من الضغط الذي تتعرض له الأغلبية (الضعيفة ) فيحدث الغليان الصامت اولا ثم يبدأ بالصعود حتى ينفجر في توقيت وطرق لا يمكن لأي شخص أو جهة او محلل مهما بلغت قدراتهم بأن يتوقعوا التوقيتات لإنفلات الغضب العام وكيفية التنفيس والتعبير عنه.

وقد جاءت إيديولوجيا التغيير في المنطقة العربية لعدة أسباب وعوامل داخلية سياسيةو اقتصادية واجتماعية ثقافية وبشكل طبيعي تأثرا بأنواع المتغيرات في العالم من ظروف سياسية وإقتصادية فكان لها دور مهم وحاسـم في تغـيير الأحداث هذا بجانب عوامل خارجية لا يمكن إغفالها لأن البعض يرى أن الإحتجاجات والثورات العربية إندلعت من المحيط العربي الداخلي ولم يكن لأي عنصر خارجي دور في ذلك والبعض يرى أن هناك تدخلات خارجية استثمرت الحراك الشعبي وانفجار الإحتجاجات السلمية وتعاملت معها لتحويلها لأداة طيعة في تغيير يخدم مصالح قوى خارجية غير آبهة بالثمن الشعبي الذي يدفع من اجل احداث هذا التغيير ,ولكننا في الحالتين لا يصح أن ننسى أن الأرضية والأجواء والمقدمات تأتي دائما وأبدا إستنادا للظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها شعب ما وما يعانيه على مدى سنوات طوال من ضغوط فهي _أي التململ والإحتجاج أو الثورة – لا يمكن أن تأتي بين ليلة وضحاها ونتيجة توجيه من أي قوى أو جهة ولا يصح القول أن إنجفار الشعوب قد يأتي نتيجة مؤامرة خارجية أو داخلية أو إنجرارا وراء دعوات من أي جهة او طرف بل هو دائما ردة الفعل الطبيعية على الضغوط الهائلة على شعب أو مجتمع .

ويأتي مفهوم التغيير السياسي الذي يصبح مطلبا شعبيا ينشد مختلف التحولات وفق ما يترسخ في العقل الجمعي والذي يصبح مقتنعا بضرورة أن يطال التغيير البنى السياسية في المجتمع حيث يعاد توزيع السلطة والنفوذ داخل الدولة نفسها ، كما يقصد به الإنتقال من وضع إستبدادي إلى وضع ديموقراطي.

وإذا نظرنا للوراء قليلا لوجدنا أن ما عرف (بالربيع العربي ) لم تنجو منه المجتمعات في الدول التي طالها إلا الدول والمجتمعات التي إستطاعت أنظمتها السياسية التعامل والتفاعل بشكل إيجابي وحكيم مع الإنفجار الشعبي وإنتشار الإحتجاجات السلمية دون السماح لحدوث أدنى حد من الصدامات بين السلطات وأي محتج من الأفراد وتمثل هذا الإنموذج فقط في دولتين عربيتين هما الأردن والمغرب حيث أبدت أنظمتها السياسية تفاعلا ايجابيا أدى إلى إحتواء الجموع البشرية التي تدفقت إلى الشوارع تهتف وتطالب بالتغيير كعنوان وشعار اختلفت سقوفه بين الشعوب العربية إلا أنه في الأردن والمغرب لم يصل إلى أعلى السقوف والمطالبة بتغيير النظام السياسي بل توقف عند مطالب تغيير منهجيات الحكم وإدارة الدولة والمجتمع تحقيقا للعدالة وطلبا لإحداث إنفراجات على كل صعيد وتركزت كل المطالب حول ضرورة اتباع النهج الديمقراطي واطلاق الحريات العامة وإعادة السلطة الفعلية إلى الشعب وفق قنوات دستورية وقانونية وجاءت المطالب الشعبية في شعارات المحتجين (عدالة ,حرية ,ديمقراطية ) وكانت الآليات المطلوبة لتحقيق الشعارات هي آلية مراجعة القانون الأساسي وكافة تشريعات الدولة لتعديلها أو تجويدها لتحقيق شعارات المحتجين وآلية ترسيخ إحترام الدستور والقانون أولا من قبل السلطات الحاكمة وتطبيقهما بنزاهة وعدالة .

وكما عشنا على صعيد الوضع الداخلي في المملكة الأردنية الهاشمية إبان إنطلاق الإحتجاجات السلمية ما بعد 2011 فقد إنتهجت سياسة (الأمن الناعم) وهي السياسة الأمنية التي تحمي كل عناصر الدولة وأركانها وأولهم الشعب وسلمه الأهلي ثم بدأت إستجابات وتغييرات تمثلت في تغيير الخطاب الموجه للشارع وكذلك تمثل في رفع شعارات وعناوين من قبل السلطات تحاكي الشارع لتبرهن له جدية الإتجاه للتغيير والإستجابة للمطالب الشعبية وبدأت بالفعل سلطات الدولة الدستورية بإحداث تغييرات محدودة بالرغم من ان الشعارات والعناوين التي تم رفعها من السلطات العامة كمؤشر إستجابة للمطالب الشعبية كانت عميقة وكبيرة وساهم ذلك في تراجع الإحتجاجات وحجم الإحتقان فجاءت الإستجابة متبادلة وسار النهج الجديد على قاعدة الثقة بأن التوجهات جادة لإحداث التغييرات سياسيا واقتصاديا والبدء بخطط الإصلاح .

مر عقد ونيف من الزمان يفترض انه كان كافيا للوصول إلى حالة مرضية من التحول في النهج وولوج مرحلة جديدة وجادة من التغيير والإصلاح على كافة الصعد ولكن واقع الحال قد شهد إجترارا للوعود وتكرارا لذات الشعارات دون ان يلمس المواطن أي تحسن في أحواله المعيشية بل زادت صعوبة وطال التراجع كل القطاعات وتفاقمت المديونية العامة فوصلت حدودا مرعبة مع استمرار الحكومات في اطلاق التطمينات ورفع الشعارات ونثر الوعود وكذلك استمرارها في التقلب بمظاهر البذخ الواضحة والظاهرة على كافة الصفوف الأولى للمسؤولين في الدولة واستمر انهاك الخزينة العامة بالبذخ والترف الحكومي الذي نافس الدول النفطية فكان الطبيعي جدا أن تعود حالة الإحتقان الشعبي للتتشكل وتتعمق وتلاشت شيئا فشيئا خيوط الثقة بين السلطات العامة والشعب بل جاءت حكومات أجهزت تماما على هذه الثقة وقطعت خيوطها وأدارت ظهرها -إلا تظاهرا وزيفا – للشعب فظهر الإحتقان الشعبي وتناميه على الوجوه وتغلغل في القلوب ولم يجد الأردنيون إلا ما اصبح متاحا لهم من الفضاء الإلكتروني ليحولوه إلى شارعهم السياسي والإجتماعي والمطلبي مع تحول مفهوم الإعلام تماما ووجود مفهوم جديد للصحافة والإعلام فصار هناك المواطن الصحفي وصار هناك منبرا ومنصة لكل مواطن يستطيع من خلالها أن يعبر عما يريد وأن يناشد من يريد وأن يناقش أي أمر من زاويته وكان هذا الفضاء في حقيقة الأمر (المتنفس الوحيد ) الذي يشعر المواطن بأنه يملك هامشا من الحرية يعبر فيه عن نفسه ويرفع من خلاله صوته في التظلم والإحتجاج والمناشدة ورفع ما يريد من الشعارات والمطالب فصار الربيع الأردني ربيعا الكترونيا انتقل من الشارع إلى وسائل الإعلام والتواصل .

لكن هذا الربيع السلمي اولا والذي توقف سابقا على الأرض وفي الشارع والمتحول لاحقا من الشارع العادي إلى الفضاء الإلكتروني قد ضاقت به الحكومات لأنه خلق (صداعا دائما للمسؤولين ) الذين فشلوا على مدى العقد ونيف في إيجاد انفراجات فعلية وحقيقية على اي صعيد وفي اي مجال فظهرت (ردة رسمية ) تقودها الحكومة الحالية على النهج الذي أعلن عنه في بداية الربيع العربي وإنقلابا على كل السياسات والتوجهات العليا للدولة والتي عبرت عنها خطوات ملكية بالتوجيه والدفع نحو التأسيس لمرحلة ديمقراطية حزبية جديدة وتجلت هذه (الردة ) في السلوك الذي يتنافى مع الأقول للحكومة فعمدت إلى إيجاد ما يسد أو يلغي الشارع الأردني الإفتراضي الذي يشهد ربيعا الكترونيا وذلك بتجريم كل اساليب التعبير الحر عن الرأي عبر كل الوسائل الإلكترونية فتمخضت الحكومة فولدت (مشروع قانون الجرائم الإلكترونية ) لتضع من خلاله المتاريس والجدران التي تسد وتقيد طرق التعبير عن الرأي عبر الفضاء والشارع الإلكتروني حيث لا يختلف إثنان من مع ومن ضد هذا القانون على ان اقراره إنما هو لجم كل المواقع والوسائل الإلكترونية وتقييد لها وإن اختلفت الحجج والذرائع وإن أصابت هذه الحجج والذرائع أم أخطأت فالمجمع عليه نتيجة واحدة هي (إنسداد هذا الفضاء أمام الحريات العامة والرغبة في التعبير عن المظالم والشكاوى والنقد وهذا كله بالنتيجة يطرح السؤال الأهم : (ماذا سيكون البديل لخروج الإحتقان المعتمل في الصدور و المتفاقم والمتصاعد وإين ستكون فوهة البركان …؟؟؟؟) …وهذا ما يقودنا قطعا للسؤال الذي تضمنه عنوان المقال :” ما الذي يصنع ربيع الشعوب ,,,؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟” .

وسؤالان أخيران أطرحهما أنا على الجميع : فإذا صح القول ان تحرك الشعوب وإختيار الشارع كوسيلة هو هدف مؤامرات ومتآمرين ومندسين يدفعون باتجاه الشارع والفوضى ضد الوطن فكيف تكون اساليب وسيناريوهات التحريض على لجوء الناس للشارع إن لم تكن تلك التي تغلق امام الناس كل السبل ولا تترك لهم إلا الميدان والشارع كوسيلة للتعبير والإحتجاج ؟؟؟؟

وفي أوضاعنا الراهنة ما هي الجهة أو الجهات التي تدفع بالناس إلى البحث عن وسائل غير مرغوبة من الجميع للتعبير أو على الأقل للتنفيس عن الإحتقان الشديد وألا تستحق هذه الجهة الضرب على يدها ومحاسبتها لأنها تدفع لزعزعة الأمن الوطني والسلم الأهلي ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وللجميع ايضا واخيرا : فهمكوا كفاية ,,,,!
ابو عناد .

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com