الجمعة , مارس 29 2024 | 12:56 م
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب: لا يحارب الفساد بما هو فاسد

رايق المجالي يكتب: لا يحارب الفساد بما هو فاسد

فيلادلفيا نيوز

في مؤسسات الدولة هناك أخطاء وهناك فساد نعم ولكن مكافحة وتصحيح الأخطاء والفساد لا تكون بأن تثار عواصف إلكترونية على أخطاء تافهة أو بسيطة أو أن نهرف بما لا نعرف فنعتبر الصحيح خطأ والخطأ صحيحا لأن هذا ما يشتت حتى الجهات الرقابية المسؤولة عن المراقبة والمحاسبة عن تتبع الفساد والأخطاء الجسيمة لأنها تضطر للتركيز على ما يثيره الرأي العام ويتداوله وبالتالي فالمؤسسات يكون لديها الردود المقنعة بأن ما أثير ليس صحيحا بل هجوم كيدي على هذه المؤسسة أو تلك وقطعا يضيع الوقت والجهد على مجرد إثبات ما لا يؤثر في الحقيقة على الواقع ترديا أو تصحيحا.

مثال بسيط في الجانب الصحي والطبي يحدث يوميا ويتمثل بأن لا يرضى مريض او ذوي مريض عن خدمة طبية لعدم الرضا عن النتيجة برغم بذل العناية من قبل الجهة الطبية وطبعا مسؤولية مقدم الخدمة الطبية هي مسؤولية بذل عناية وليس تحقيق نتيجة فيدعي أصحاب العلاقة وجود تقصير أو وجود خطأ طبي ويبدأون بتقديم الشكاوي وإعلان نتيجة الحالة المرضية لمريضهم عبر كافة الوسائل فيتداول الرأي العام الأمر على أنه حقيقة وواقع فيحكم على مقدم الخدمة بأنه أخطأ بل أجرم ويبدأ الضغط الشعبي على الجهة الطبية وعلى الجهات الرسمية المعنية ويتحول الأمر إلى أزمة أحيانا تصبح ككرة الثلج تتدحرج وتكبر إلى درجة انها تسحق كل ما يقف في طريقها.

وما لا يعرفه العوام هو أن هناك قانون يسمى (قانون المسؤولية الطبية والصحية) صدر في ٢٠١٨ عن مجلس النواب وهو تشريع وضع قواعد مراقبة ومحاسبة الأخطاء الطبية أو مراقبة ومحاسبة مقدمي الخدمة الطبية والصحية وهذا التشريع نص على تشكيل لجان عليا واخرى فرعية متخصصة من أصحاب الإختصاص والخبرات مناط بها تحديد ما هو خطأ طبي وما هو غير ذلك وأيضا هناك لجان تنظر الطعن في تقارير اللجان الأولية عندما لا يرضى المدعون أو الشاكون بالتقارير الصادرة عن اللجان الطبية المتخصصة.

وهذا القانون والذي أيضا هناك أنظمة وتعليمات صادرة بمقتضاه يطبق من قبل السلطة القضائية وهي سلطة العدالة التي تحرس الحقوق وللجميع بالإضافة إلى وجود التشريعات الإدارية التي تعطي الصلاحيات للجهات الرسمية المشرفة على القطاع الطبي والصحي لمراقبة ومحاسبة مقدمي الخدمة الطبية والصحية.

واكرر أنني لا انكر وجود أخطاء جسيمة تتكرر أو وجود فساد مقيت مستشري في أوصال مؤسسات الدولة وهذا حتى رأس الدولة حضرة صاحب الجلالة عبدالله الثاني بن الحسين قد أعلنه بنفسه ووجه الحكومات وكل أجهزة الدولة لمجابهته ولتصويب وتصحيح كل وضع فيه إخلال بالمسؤوليات وقد أعلنها جلالته مدوية ولمرات ومرات ” لا أحد فوق القانون”.

خلاصة القول عندي أن إستثمار ثورة الإتصال الرقمي بكل أشكالها وصورها والإستمرار بفتح الباب على مصراعيه لكل من لا يعجبه ما تلقاه من خدمة أو من لم يفهم أو يعرف كيف هي طبيعة الأمور ليفتي هو لنفسه أو يفتي له العوام صار أمر له من العواقب والسلبيات ما شكل تقويضا وتدميرا لكل ما هو إيجابي في الوطن فأصبح الخطأ البسيط أو المفبرك كعصا موسى يلتهم كل شيء ويثير العواصف التي شتت كل جهد للمكافحة الحقيقية للفساد ولتصحيح الأخطاء والإختلالات فصار ما يدعى بالضغط الشعبي أو برقابة الرأي العام هو ما يستفيد منه الفاسد الحقيقي لأن هذه العواصف أصبحت تثير زوابع مشبعة بالرماد الذي يذر في كل العيون فتتجه كل الجهات والايادي للأمور التافهة وتترك عظائم الأمور فيفلت من إقترفوا أبشع الجرائم بحق الناس والوطن.

وأسوأ ما نتج عن هذا هو انتفاء الثقة بين مؤسسات الوطن وبين الشعب وكذلك راح الصالح بعروى الطالح من الموظفين ومن المسؤولين فلا يعقل إذا كان القطاع العام يعد على سبيل المثال ٥٠٠ الف موظف ومسؤول بأن يكون لدينا ٥٠٠ الف موظف ومسؤول كلهم بلا إستثناء فاسدون.

فلنتقي الله بأنفسنا لأننا بهذا الجلد الأعمى للوطن نوجه الطعنات إلى نحورنا نحن لا إلى غيرنا.

والله والوطن من وراء القصد.
المستشار القانوني: رايق عياد المجالي /ابو عناد

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com