الثلاثاء , مايو 21 2024 | 12:42 ص
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب :العمل الحزبي في الأردن والمنهجيات العرجاء

رايق المجالي يكتب :العمل الحزبي في الأردن والمنهجيات العرجاء

فيلادلفيا نيوز

من المعروف أن الحزب هو عبارة عن رابطة فكرية تجمع بين عدد من الافراد فيكونوا أطارهم للعمل السياسي استنادا للرابطة الفكرية بينهم وداخل هذا الإطار يتم انتاج منهجية وبرنامجا للحزب وعندما تكتمل العناصر وتترابط يكون لدينا هذا الإطار القانوني السياسي الذي يكتسب مركزا قانونيا كمؤسسة وطنية نشأت في ظل الدستور والقانون لتمارس ايضا عملها إستنادا للدستور والقانون , فالحزب يولد أيضا وفق القانون ليكتسب شخصية اعتبارية معنوية في المفهوم القانوني من حيث الحقوق والواجبات تماما كما يولد الإنسان فيكتسب الشخصية الطبيعية التي يكون لها حقوق وواجبات وهذا الشرح أو التعريف من زاوية قانونية بحتة يبين أن الحزب هو الإطار القانوني لممارسة العمل السياسي في الدولة وهذا التعريف للحزب يخرج أي من الأنشطة الأخرى التي يمارسها الأفراد من تعريف العمل السياسي أو العمل الحزبي فالحزب السياسي هو الإطار القانوني الشرعي لممارسة العمل السياسي وبالنتيجة فأي نشاط سياسي خارج الإطار القانوني وهو (الحزب ) ما هو إلا نشاط فردي سواء أكان سياسيا أم أي نوع آخر من الأنشطة حتى لو مارسه عدد كبير من الأفراد في مكان واحد وفي ذات الوقت وقد يطلق على ذلك النشاط عندما يأتيه عدد من افراد المجتمع مجتمعين بالفعل الشعبي لأنه لا ينسب لإطار قانوني موحد أو لشخصية إعتبارية أو لشخص طبيعي بإسمه أو صفته وأي فعل جماعي خارج الاطار القانوني الحزبي تطلق عليه تسميات اخرى كنشاط اجتماعي او نشاط تطوعي تعاوني أو خيري .

أما من الزاوية السياسية فالعمل الحزبي لا يعتبر (عملا حزبيا ) بمجرد ولادة الإطار القانوني السياسي بإكتساب الحزب المركز القانوني فولادة الحزب وترخيصه قانونيا تخضع لإجراءات وإشتراطات قانونية تتم بين هيئة التأسيس والجهات ذات الصلاحية بترخيص الحزب وإعلان وجوده القانوني , بينما ولادة الحزب سياسيا تكون بممارسة الحزب لأنشطته السياسية وهذا ما يقال عنه (العمل الحزبي السياسي ) أي بداية الحزب بممارسة واجباته وحقوقه وهذه الممارسة ساحتها وميدانها هو الشارع الشعبي والشارع السياسي أي الحاضنة الشعبية المطلقة وهي (جميع افراد مجتمع الدولة الذين يرتب لهم الدستور والقانون الحقوق السياسية وأولها حق الإنتساب للأحزاب ثم حق الإنتخاب والترشح وفق قانون الإنتخاب أي من لهم صفة “مواطن ” ) وهذا الميدان أو هذه الساحة هي (الشعب الأردني ) كاملا بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الطائفة أو مكان السكن , والممارسة الحزبية في الساحة السياسية تبدأ في القاعدة أو ما يعرف (بالشارع ) أو (القواعد الشعبية ) فلابد أن تتسع قاعدة اي حزب الشعبية بانتساب اعداد لهذا الحزب لتتكون هيئته العامة التي تؤلف منها قيادات الحزب وكوادره , ثم لابد أن يحقق الحزب نوعا من الإنتشار من حيث عرض أفكار الحزب ومبادئه وكذلك برامجه للكافة وهم كل من له حق سياسي من الشعب بالتصويت في انواع الإنتخابات العامة (برمانية أو بلدية ) فالشعب هو الذي يقوم فعليا وعمليا بالفعل السياسي من خلال اختيار الحزب الذي يصوت له كل فرد أو (مواطن ) وبالنتيجة فالحزب الذي يكسب العدد المطلوب من الأصوات في الإنتخابات وفق ما يحدده القانون يحجز مقعده على طاولة الحياة السياسية وفي ميدانها وهو (البرلمان ) وبالوصول للبرلمان يكون الحزب قد خطى أول خطوة في العمل السياسي بعد ولادته ثم بعد ذلك تبدأ خطواته التي يقال عنها نشاط الحزب وما نعرفه بانه (العمل السياسي الشرعي ) .

وعلى ضوء ما سبق بيانه -وهو ليس من عندي – والذي هو تلخيص لقواعد العمل السياسي في كل العالم فلا يعتبر مجرد البدء بإجراءات تأسيس حزب وتقديم الطلبات والأوراق والوثائق المطلوبة كشروط للترخيص عملا سياسيا أو نشاطا سياسيا وهذا فقط إجراءات ادارية قانونية مطلوبة حتى يولد الإطار القانوني الشرعي الذي يولد تحت إسم حزب ,فإذا ولد الحزب مكتملة عناصره ورخص يبدأ بعد ذلك النشاط السياسي الحزبي الذي يقال عنه ممارسة للعمل السياسي وهو في كل مجتمعات الدول أول وأهم نشاط وعمل سياسي لأن الأحزاب لا توجد فعليا ولا تؤثر في الفعل السياسي على مستوى الدولة ومجتمعها إلا بوجود قاعدة شعبية لها تنقسم هذه القاعدة بين (1-المنتسبين للحزب من المواطنين 2-المقتنعين بالحزب وبرنامجه فيصوتوا له في الإنتخابات ) لذلك فإن نجاح الحزب في نشر افكاره والحصول على التأييد الشعبي لبرنامجه هو ما قلت عنه اول خطوة مهمة في العمل السياسي لأنها يترتب عليها أن يحجز مقعده أو مكانه في ساحة العمل السياسي في الدولة ,فبدون قبول الحاضنة الشعبية لأفكار ومباديء وبرامج أي حزب وبدون انتساب الأفراد بأعداد ثم تصويت الأفراد ايضا بالأعداد التي تحجز مكانا او مقعدا للحزب في (البرلمان ) يبقى هذا الحزب مجرد مجموعة من الأوراق ورخصة مطبوعة ومبنى تعتلي واجهته (آرمة أو يافطة ) مكتوب عليها اسم الحزب وهذه ايضا ليست نشاطا وعملا أو فعلا سياسيا وبالتالي فأحاديث أعضاء هذا الحزب وما يقومون به من فعاليات ليست الا نشاطا اجتماعيا وأحاديث افراد يتطرقون لمناقشة الشأن السياسي أي ان كل ذلك يبقى مجرد (اقوال ) وليس (افعال ) سياسة .

وقد اطلت أو أسهبت ربما في التفريق بين الولادة القانونية والولادة السياسية للأحزاب ولكن ذلك ضروري حتى يتضح ما جاء في عنوان مقالي هذا عن (المنهجيات العرجاء ) للأحزاب الأردنية على الساحة من قديمها وجديدها فكل متابع متابعة حثيثة أو حتى غير المهتم والمتابع للشأن السياسي في الوطن يعرفان بأن الواقع الحزبي في الأردن ما كان وما هو قائم محزن بل يكاد يكون مدعاة لسخرية وتهكم البعض من افراد وفئات المجتمع والشعب الأردني حتى من أولئك الذين يتفاعلون مع انشطة بعض الأحزاب بالحضور في مؤتمرات أو لقاءات أو اجتماعات فالواقع حقا مرير وذلك للأسف الشديد بسبب (المنهجيات العرجاء ) للأحزاب الأردنية وهذا بيت القصيد في مقالتي هذه حيث نجد حراك أحزابنا الأردنية المرخصة أو التي هي قيد الترخيص مازالت لا تراعي خصوصية المجتمع الأردني وطبيعة تكوينه الإجتماعي أي انها لا يظهر من حراكها ما ينبئنا عن فهم هذه الأحزاب (لطبيعة المجتمع الأردني وسيكولوجيته الشعبية ) كمجتمع كان وما زال لحواضنه الشعبية ومنذ تأسيس الدولة الأردنية (طبيعة وصبغة عشائرية ) قد إستمد المجتمع الأردني من هذه الطبيعة مفاهيمه السياسية في ممارسة اي نشاط سياسي أو غير سياسي كما تأسس العمل السياسي في تاريخ هذا البلد وفقا لطبيعته العشائرية والقبلية بحيث تشكلت المجالس البرلمانية منذ وجدت مؤسسة البرلمان إلى يومنا هذا وفق الأسس العشائرية والقبلية فكانت الحواضن الشعبية تنتخب ممثليها وفق المعايير والأسس العشائرية وأهم مفهوم سياسي ساد في المؤية الأولى للدولة كمعيار شعبي (للناخب ) كان مدى ولاء المرشح وإنتمائه للدولة الأردنية بل كانت الحواضن الشعبية والقواعد -بالمجمل – لم تسمع يوما بمصطلح (معارضة أو معارض سياسي ) وكان هذا طبيعيا لإختلاف ظروف الوطن بالأمس البعيد (سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا ) عن ظروف الوطن اليوم في كل مجال لذلك كانت (الذهنية والعقل الجمعي ) تفكر بطريقة تختلف عن (الذهنية والعقل الجمعي ) لمجتمعات اخرى خصوصا المتقدمة في مجالات العمل السياسي والحزبي أجنبيا وعربيا .

وإنني إذ إتهمت الأحزاب الأردنية بأن منهجياتها عرجاء فلابد لي أن أدلل على ذلك من الواقع والذي يحدث اليوم ,فكما قلت فالمتابع المهتم أو غير المتابع والمهتم إذا ما التفتا قليلا لحراك الأحزاب سيجدان أنه ما زال نخبويا صرفا فلا نجد تفاعلا شعبيا حقيقيا مع أي فعالية حزبية وكل ما هنالك إنتشار لإعلانات عن لقاءات أو إجتماعات حزبية عبر وسائل الاعلام والتواصل وإقامة الفعاليات حسب نجاعة جهود المنظمين لها في حشد عدد لا بأس به من الحضور لغايات التقاط الصور التي تعكس الحضور الشعبي على غير الحقيقة والواقع ,فإذا دققنا في أي فعالية وتتبعنا كيف ولماذا اقيمت لوجدنا أغلب الحضور من غير المنتسبين للحزب صاحب الفاعلية -ويكونون قلة أيضا – تنوعت اسباب حضورهم وتفاعلهم من مجامل لقريب أو صديق إلى صاحب حاجة جاء ينشدها عند إحدى الشخصيات مضافا لهذا العدد الافراد الذين يكون دورهم القيام على خدمة المجتمعين في القاعة او الصالة المحجوزة لإقامة الفعالية فتأتي اللقطات والصور مبينة أن هناك حضور جيد خلاف الواقع ,وهذا واقع يعرفه من يدعون لتلك اللقاءات والفعاليات ومن يشاركون بها لأي سبب فإن أنكروا فذلك عناد ومكابرة لكن الكافة وجموع الشعب تعلم أن ما وصفته من واقع هو الصحيح وهو ما يحصل (وحارتنا ضيقة وبنعرف بعضنا ) .

وحتى اوضح أكثر أين هو (العرج ) في منهجيات الأحزاب الذي يؤدي إلى الواقع الذي نعيشه وتعيشه الأحزاب والذي لا يحتاج إلى إدراج ادلة وبراهين لأنها يزخر بها المشهد السياسي ولأنها -الأدلة والشواهد – منثورة وترى بالعين المجردة وحتى بالعين ضعيفة النظر ,فإنني أشير إلى ان الأحزاب الأردنية إستطاعت أن تسير في قنوات تأسيسها والحصول على التراخيص وولدت قانونيا وهذه اسميها (القدم القانونية ) لكنها لم تستطع للآن تحقيق القبول الشعبي الفعلي وتفاعل القواعد الشعبية لتحق الإنتشار الحقيقي لأفكارها ولبرامجها وإيجاد التأييد الشعبي المؤثر والمؤازر للحزب والذي سيمكن الحزب _أي حزب – من خوض إنتخابات برلمانية مستندا لقاعدة شعبية وحزبية عريضة تجعله منافس حقيقي في انتخابات حقيقية ونزيهة وهذا هو (القدم السياسية ) التي لم تكن لأحزابنا إلا في الماضي لجزب واحد هو الحزب المنبثق عن التيار الإسلامي (حزب الإخوان المسلمين ) لأن هذا التيار وحزبه في الأصل يمتلكان حاضنة شعبية مبنية على الوازع والشعور الديني في مجتمع مسلم .

وفي النهاية ألخص قولي وفكرتي لأدلل عليهما مباشرة بشاهد او دليل مباشر بأن أشير للوراء الى مشاهد كثيرة نجد فيها عزوف شعبي عن حضور اي فعالية أو اجتماع يكون له مسبقا طابع او صبغة سياسية حزبية حتى لو كانت القضية والموضوع المطروح هو امر من امور الناس وقضية عامة ومعانة شعب بأكمله -لو كان مثلا انقطاع المياه عن منطقة أو البلد كاملا لعام كامل – فمجرد معرفة الناس أن التنظيم يقف خلفه حزب من الأحزاب فقد اختبرنا أن لا احد يهتم بالحضور وتلبية الدعوة ,لأن العقل الجمعي كما قلنا وحسب الذهنية المبنية على الطبيعة القبلية والعشائرية لم تستوعب للآن ولم تختبر اساليب العمل المنظم الحزبي بل هناك من يجفلون -وهم اغلبية – من تأطير أي اجتماع تحت إسم حزب خصوصا ما يعرف الناس انها من الأحزاب التي تعارض الحكومة ” فالناس عند حوائجها ” والعوام يعتقدون ان المشاركة مع اي معارض تسجل عليهم فيصنفون معه فلا تنقضي حوائجهم عند الحكومة و/أو السلطات العامة .وللأمام أطرح شاهدا آخر كتحدي أيضا بأن تتم الدعوة في منطقة ما لمناقشة موضوع حتى لو كان سياسيا لكن دون ان يكون موجه الدعوة حزبا او شخصا أو اشخاص لهم خلفية حزبية وأن تكون صبغة الأجتماع عشائرية او شعبية مناطقية فسنرى قطعا تواجدا وتلبية للدعوة ومشاركة بزخم من كل الفئات في مناقشة الشؤون العامة كلها او بعضها في موقع وزمان الإجتماع .

وأخيرا وليس آخرا فالأحزاب الأردنية واقعا تسير على(قدمها القانوني ) فقط ولا توجد لها (قدم سياسية ) لهذا فهي تسير عرجاء لأنها تطبق ماجاء في دفاتر الأحزاب فقط عن العمل الحزبي دون فهم طبيعة الساحة التي يريدون السير فيها .

رايق عياد المجالي/ابو عناد .

في 5/8/2023

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com