فيلادلفيا نيوز
أما وقد انتهت مشكلة إضراب المعلمين بانتظام الدراسة في المدارس الحكومية… وبعيداً عن موقفي حول هده الإشكالية بين الحكومة ونقابة المعلمين( مؤيد او معارض) … يأتي هذا التحليل الذي يركز على جزئية الأجهزة الأمنية وتعاملها مع الإضراب منذ لحظاته الأولى…
بداية أخطأت الحكومة خطأ ً تكتيكياً عندما منعت نقابة المعلمين من اقامة فعالية الاعتصام على الدوار الرابع لمدة ساعتين وبعدها تعود إلى العملية التدريسية… فبمنعها ذلك شيطنة النقابة التي كانت تنفذ وصية نقيبها – رحمة الله عليه -.. فالمعلمون كلموا بنقيبهم… ولو درست الحكومة قرار المنع من كافة جوانبه لما اقدمت على ذلك… لكن قرارها كان غير واقعي بُني على الصورة الذهنية التقليدية للحكومة وهي ان الإنسان الأردني سرعان مايثور وسرعان ما يهدأ… ولم تتعض من درس إسقاط حكومة الملقي… أيضاً بقرار المنع نجحت نقابة المعلمين من تجييش غالبية الشارع الارردني خلفها واثبتت قوة اعلامها بادواته البسيطة مقارنة بأدوات اعلام الحكومة الكثيرة والمتنوعة يقابله ضعف ووهن واضح بادائه…. فوق كل ذلك تناست الحكومة شعبيتها المتدنية وحالة عدم الرضا والشك بادائها عند المواطن فكان اي اامواطن على استعداد تام ومهيأ نفسيا وعاطفيا الدوران مع النقابة في فلكها… ودعمها معنوياً وعملياً نكاية بها وليس حباً بالنقابة… فرض المواطن دعوات الحكومة وتهديداتها الانتظام بالدراسة بل زاد اصراره على مخالفة تعليمات الحكومة وتحديها….
الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الحكومة وقصم ظهر البعير الزج بالأجهزة الأمنية لمواجهة المعلمين في بداية اعتصامهم بإعداد غير مسبوقة وبادوات ومعدات لا تليق بنوعية المعتصمين فساوت بين معلم الاجيال وعنوان الحضارة وصمام امنها ورمزها باخرين يلوحون بخراب البلاد ويسعوا إلى تحقيق اهداف شيطانية…
لو درست الحكومة المشكلة من بدايتها دراسة وافية واعتمادها على الخطوات العلمية في حل المشكلات لتمكنت من الوصول لعدد من البدائل واختارت القرار الانسب في التعامل معها…
الأجهزة الأمنية تداركت لاحقاً هفوة الزج بها في بداية الاعتصام وجلست مع نفسها وقيمت مواقفها الامنية من هذه المشكلة فوجدت نفسها انها تعاملت مع حالة لم تشكل ابداً خطراً على أمن الوطن والمواطن.. وانها مشكلة داخلية مالية وحقوقية صرفة بين النقابة ووزارتها وليس فيها قيد انملة شبهة امنية او سياسية او تدخل قوى داخلية او خارجية لحرف مؤشر ر بوصلة الإضراب عن اهدافه الأساسية لذلك اتخذت قرارا بالنأي بعيدا بنفسها عن هذه المشكلة ( العائلية) وايقنت تماماً بحسن سلوك النقابة ولا ضرر أمني من اضرابها….
حاول البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصالونات الاجتماعي وبعض اقاويلهم لايخلو من الحقد والكراهية للأجهزة الأمنية لموقف ما ان يشوه صورة هذه الأجهزة الأمنية بنسب اي طاريء او دخيل على اضراب المعلمين انه من صناعتها وبالتحديد دائرة المخابرات العامة…
فاحتجاج بعض المواطنيين على الإضراب نسبوه انه من تكتيكات دائرة المخابرات العامة وانها هي من زجة (بصاحبة الكلب) ومن هدد المعلمات بإحدى المدارس وغيرها من الحالات العفوية الأخرى والتي كانت متوقعة من قبل المواطنيين رداً على الإضراب…
الأجهزة الأمنية وخاصة دائرة المخابرات العامة تعلم جيدا بعد تقدير موقف الإضراب وتحليله وتقييمه بعدم الاختصاص بهذا الموضوع وكما اسلفت سابقا (مشكلة عائلية ) اهدافها واضحة…
دائرة المخابرات العامة لا تستخدم مثل هذه الأساليب التقليدية البالية الفاضحة المكشوفة لفض الإضراب… نحن نعلم الاحترافية والمهنية العالية التي تتمتع بها هذه الدائرة ومنتسبيها… وللأسف نحن (شعب نطفوا على شبر مية) وعاطفي… (عليهم عليهم… معاهم معاهم).. فبالامس ونحن نمجد رجال المخابرات العامة ونرفع القبعة لهم… ونتغزل ونتغني بهم… انسيتم اغنية فرسان الحق… انسيتم الكربولي والجيوسي وساجدة الريشاوي… انسيتم ارهابيي القلعة والسلط… انسيتم تفكيك خلايا ارهابية كثيرة… نحن شعب ننسى الجميل وننسي ولاءنا وانتماءنا مع اول بوست او فبركة إعلامية تشوه صورة المخابرات العامة او الأمن العام او الدرك…. فنتبنى ذلك دون التمحيص… نقتنع بسرعة دون تحليل باي خبر او صورك تسيء لاجهزتنا الامنية وخاصة المخابرات العامة..
المخابرات العامة لم تتدخل لا من قريب ولا من بعيد بالمشكلة العائلية بين النقابة ووزارتها وليس من صالحها ذلك ولا تقع هذه المشكلة ضمن اختصاصها واولوياتها… فاولوية المخابرات العامة المحافظة على أمن الوطن والمواطن من اي مارق خائن… أولوياتها ليس المعلم ومطالبته المالية والحقوقية… اولويتها نزع فتيل اي حدث أمني قبل اشتعاله وليس ارسال فتاة وكلب ومواطن متهور يهدد معلمات آمنات بمدارسهن… المخابرات العامة ترسل جنودها لجلب كل من يهدد الإنسان الأردني داخلياً او خارجيا فالكربولي والزرقاوي عملهم وليس معلمة مضربة لمطالبة مالية…
أولوية المخابرات العامة البحث عن جحور الارهابيين وحرقها بمن فيها وليس معلمة آمنة بمدرستها.. المخابرات العامة ترصد كل حراك ذو سقوف عالية يريد جر الوطن إلى المجهول وتدميره وتمزيق نسيجه… وليس هدفها معلم ابناءهم وابناءكم يحمل يافطة فحواها صورة جلالة الملك والعلم الأردني… المخابرات العامة وقفت بعيداً عن مشهد الإضراب لقناعتها بانه سأن داخلي لوزارة التربية والتعليم… المخابرات العامة لم تعتقل معلم ولم تستدعي معلم ولو كان هذا الإضراب في بلد أخرى ( من اللي معاكم خبرها) لأنهوه بكارثة بشرية وزهق وقتل ارواح وتعذيب ممنهج… المخابرات العامة في اردننا الحبيب أنموذجا ولا اروع في حماية مواطنها وحضنه عند جنوحه وارشاده إلى الطريق الصحيح مرة ومرتين وثلاثة… فهي كالأب في عطفه وحنانه على ابنائه ولو (قرصهم) وأنَّبهم بشدة يبقى الحضن الحاني والملاذ الآمن لأبنائه وهي كذلك دائرة المخابرات العامة لابناء الوطن الشرفاء…
الإضراب درس قاسي للحكومة وفيه دروس مستفادة نتمنى أن تعزز الإيجابيات وتتلافى السلبيات مستقبلاً عند التعامل مع أي اضراب قادم واتوقع إنها فتحت على نفسها عش الدبابير… بسبب عدم تصرفها بحكمة في بدايات الاعتصام….
انتصر الوطن وخرج سالما معافى من هذه المشكلة… وأصر على انها مشكلة وليست ازمة في مفهومها وخصائصها وسماتها ومراحلها… فالازمة تكون مدمرة وأثارها ونتائجها وخيمة – والعياذ بالله-… فما يحدث الآن في العراق الشقيق هو ازمة مكتملة الشروط وما حدث عندنا هي مشكلة ومشكلة عائلية…
الحكومة عليها الآن تحليل وتقييم المشكلة برمتها وعليها البحث عن نقاط القوة وتعزيزها مستقبلا والبحث عن نقاط الضعف والانحرافات والاختلالات وتصحيحها… وأولها ردم الهوة بينها وبين المواطن وإعادة بناء جسور الثقه معه… اعادة انتاح المواطن الاردني رقمياً واقصد كيفية تغيير الصورة الذهنية المشوهة عن الحكومة التي رسمها الإعلام الرقمي… ووقفة خاصة وصريحة لدائرة المخابرات العامة في كيفية تخليص المواطن الاردني من فوبيا نظرية المؤامرة ومعالجته منها ومن اسبابها…وكذلك المطلوب مزيداً من الرصد والتحليل للمضامين الإعلامية خاصة مضامين الإعلام الرقمي ولا نكتفي بعقوبة الجرائم الإلكترونية وإنما كيفية إفسادها وكشف اهدافها….
حمى الله الاردن وطننا وقيادة وشعبا… وللحديث بقية
#د. بشير _ الدعجه