الأربعاء , أبريل 24 2024 | 1:06 ص
الرئيسية / stop / د. ابراهيم العدرة يكتب:الطبيب المعجزة..

د. ابراهيم العدرة يكتب:الطبيب المعجزة..

فيلادلفيا نيوز

أبهرني هذا المسلسل التركي المقتبس عن مسلسل كوري في الأصل، وهذا ليس من الناحية الفنية فقط كجماليات النص والطرح والتصوير والموسيقى والإخراج الفني والأداء لتبقى مشدوداً لساعات مشاهداً ومتابعاً ومنسجماً.. ولا من حيث التعاطف مع البطل من حيث ما يعانيه من التوحد والرفض والتمييز والمعاناة مع مجتمع العاديين، ولا من كمية الرسائل الإنسانية والمفاهيمية التي يقدمها العمل ككل رغم اعتراضي على العديد منها والتي لا تتوافق مع معاييرنا الأخلاقية والدينية..
ما أدهشني حقاً هو ذلك الإلتزام والجِدة في العمل، والدقة في الإنجاز، والإخلاص في إتمام المهمات، والعمليات الطبية لخدمة المرضى.. وتقديم طبابة في أعلى مستوياتها الدقيقة والمثالية.
فالمتتبع لعالم المسلسل وحلقاته والقصص داخل هذا العمل يتوقف حائراً ومنذهلاً من تكاتف الفريق الطبي بأبهى صورته، وتقديم أنموذج مثالي جميل وعاصف بتناغم الألفة الجماعية، والإبداع الميداني، والعصف الذهني لإيجاد حلول لعقد الحالات المرضية الصعبة والمستعصية للوصول بالخدمة والمساعدة المقدمة إلى أعلى مستوياتها بروح الفريق والإحتراف والإتقان.
وعند إسقاط ما يحصل في هذه الدراما على واقعنا المهني نرى بأن هذا ما ينقصنا حقاً في اعتبار الدور والوظيفة والمهنة أمانة بكل معانيها، والإنخراط في أخلاقياتها، وإتقان جزئياتها بعيداً عن حالة التذمر والسوداوية والملل والتقاعص وسوء التواصل التي تسود مؤسساتنا اليوم.. ولا ننسى ذلك الجو المشحون والمليء بالتسلقية، والنفاق، واللف والدوران والتعالي والغرور والتكبر في التعامل مع طالبي الخدمة، أو المستفيدين أو المراجعين أو الزبائن.. كما لا ننسى واقع الترهل العام، والتسيب والتسلط من قبل الإدارات والسلطات العليا مما يعاكس كل المفاهيم والمواثيق المهنيه…
ما قدمهُ المسلسل -بعيداً عن الحبكة الدرامية والقصص الجانبيه للأبطال- نماذج إبداعية خلاّقة لأطباء إنسانيين، مبدعين، مهنيين، ملتزمين، مسؤولين عن أدائهم وسلوكهم التنظيمي..
أنا لا أقدم دعاية لمشاهدة المسلسل، أو متابعته لكنني أطمح بمؤسساتنا وعاملينا ومقدمي الخدمات انتهاج هذا النموذج للجودة الحقيقية لعاملين شعارهم الوحيد هو العمل والجد والإنجاز متجردين من قضاياهم الذاتية، وأوضاعهم الشخصية، وعقدهم الفردية، ومشكلاتهم الإجتماعية على حساب حياة الآخرين من العملاء والمرضى، وأحوالهم، وحالاتهم ومشكلاتهم الصحية.. وهذا درسٌ مهم لكل العاملين في المهن الإنسانية والنفسية والإجتماعية للعمل بروح الفريق، والمهنية والموضوعية لتقديم خدمة إنسانية عادلة، رفيعة المستوى تحاكي أفضل معايير التميز والجودة وعلى رأسها الإنسانية التي نطمح ونرنو للوصول إليها. المسلسل باختصار قدّم الموضوعية على حساب الذاتية، والمهنية على حساب الشخصية، وخدمة المستفيدين على حساب واقع مقدمي الخدمة وهذا هو المطلوب فالإنسان أولاً ثم أولاً.. والعمل معه ولهُ ولأجله هو هدف المشاركة، والتنمية، والتقدم والتحضر.. نحو الوصول لحالة التقدم الإداري والوظيفي والمهني المنشود.
دمتم بود.. والله ولي التوفيق.
د. ابراهيم العدرة
الجامعة الأردنية
كلية الآداب

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com