الجمعة , أبريل 26 2024 | 8:51 ص
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / المقاطعة أسلوب حياة

المقاطعة أسلوب حياة

فيلادلفيا نيوز

بلال الطوالبة

 

 لم يعتد الأردنيون منذ قيام الدولة الأردنية بنهجها الحديث على التأثير بقرارات الحكومة خاصة المتعلقة بالأمن المجتمعي والتي تمس بشكل خاص قوتهم اليومي ، وفي ظل استقواء الحكومة وتبجحها على المواطن بالإضافة إلى مزاولتها لمهنة اجتثاث كوامن الصبر للمواطن نفسه ،

وبناء على ما تمارسه الحكومة كانت ردة فعل المواطن ووسيلة التعبير عن رفضهم واحتجاجهم تتم ” بالاحتشاد ” في الشارع على الرغم مما كابدته هذه التجمعات من إخماد ، وقد وكان لتواجد القوى الحزبية والنقابية المحرك الأساسي للتجمعات الشعبية.

مر الأردن عبر التاريخ بكثير من الاختبارات الحقيقية التي كادت أن تعصف به ، إلا أن اللحمة بين الشعب والقيادة والحكومة كانت هي الفيصل وهي التي ترجح كفة الخروج من التحديات بسلام ، فتاريخ الشعب الأردني مع القيادة والحكومة تاريخ أبيض لا يشوبه أي شائبة ، بعد أحداث السبعينات والتي شهدت الخروج عن المالوف حيث شاع القتل وكان الاداة المحركة فعاش الأردنيون عقدا مظلما ، ولم يعد الأردني في مأمن على أرضه ونفسه وأهله وماله . أصبحت هنالك حالة من الإنفلات الأمني تسود البلاد ، والتي عززت من قيام الأحكام العرفية وتفعيلها على نطاق عالي ، وبعد أن خمدت النار ، أخذت الأحزاب تعمل على محاولة الخروج من حالة الأحكام العرفية السائدة ، وتعزيز مبدأ الديمقراطية التي طالب بها الكثير من الأردنيين ، وكان الشارع وتوزيع البيانات هي الطريق الأمثل لتحقيق الأهداف المرجوة ، وكان لحركات الأحزاب الأثر الكبير في إنهاء حالة الأحكام العرفية ، والتحول الديمقراطي مع نهاية ثمانينات القرن المنصرم.

بدأت المصالحة الوطنية بمجلس نواب هو الأشهر على الساحة الاردنية ، والذي كان يمثل شريحة كبيرة من الحزبيين الذين أعتقد الأردنيين أنهم سيخلقون حالة من التحول المنشود لتحقيق الرفاه للمواطن الاردني .

سادت ثقافة اللجوء وكان لها تأثير على القرارت على إختلافها ولعل أرتفاع سعر ” الخبز” وما جابهه القرار من حراك شعبي جعل من الحكومة التراجع عن هذا القرار ، سارت عجلة الحياة على الأردن وعلى الشعب الأردني ، وأخذ دور الأحزاب والنقابات يتلاشى فلم يعد القائمين عليها يؤمنون بالمبادئ ولعل دور الحكومة وتدخلاتها في إضعاف الأحزاب جنى ثماره ، فالأحزاب الاردنية والنقابات على اختلافاتها تتصارع وتتناحر لما يهم الخارج الأردني أو لمصالح شخصية ومكاسب ضيقة لا تسمن ولا تغن من جوع , فالولاء المطلق للخارج ، ولعل عدم ثقة الاردنيين بالأحزاب على اختلافها اليسارية واليمينية لأنها لا تمتلك أية برامج تنعكس على الواقع الأردني فقرارتهم وأعمالهم هي من املاءات خارجية ، ولعل شراء الأحزاب من الحكومة عبر أستمالة الرموز والقادة له دور في البعد عنها ، ناهيك عن الدعم المادي الذي تقدمه الحكومة للاحزاب والذي يعد من وجهة نظر الأردنيين شراء لذمم الاحزاب .

شهد الأردن موجة حراك شعبي ، ليست مقننة ولا مؤدلجة لأي حزب أو نقابة ، بل هو حراك خرج من رحم المعاناة المعيشية التي وُضع بها الشعب الأردني من قبل حكوماته ، فهو حراك شعبوي بأمتياز ، كان أداة فاعلة وضاغطة على الحكومة ، وقد هز عرش الفساد في الأردن ولعل من أفضل نتائجه ، أرتفاع سقف الحريات ، وبات للأردني الحق في مقاضات أي فاسد ، وقد ساهم الحراك بأقالة حكومات ، وتقديم ” هوامير ” إلى المحاكمة ” فالكردي وشاهين والذهبي ” أسماء لم يكن يسمح للأردني بذكرها ، الا أن الحركة فقدت سطوتها وبريقها ويعزى السبب في ذلك ركوب الاحزاب موجة الحراك .

فأقصي من الشارع الحراكيين الفاعلين وأصبحت الأحزاب هي من تقود العملية الحراكية ، ويعتقد الأردنيين أن الحكومة من خلال الأحزاب التي أستطاعت أن تفتت الحراك وتكسب جولة جديدة ، بل وعرت الاحزاب أمام الشارع الاردني .

اليوم يلجأ الشارع الأردني لمجابهة ” تنكيل ” حكومته به لكن بطريقة حضارية لن تكلف جهدا ولا حاجة الى صدام أمني مع الدرك أو رجال الأمن ، وهي فكرة قديمة التطبيق في الخارج حديثة على مجتمعنا قام بها شبان خرجو من رحم المعانة وضيق العيش الذي فرضته سياسات حكومتهم عليهم ، ومصادقة مجلس النواب الساقط شعبويا ، فبعد توجه الحكومة إلى صندوق النقد الدولي وأصبحت املائات الصندوق تمس أبسط أحتياجات المواطن الأساسية ، فالضرائب المتزايدة التي لم تجد الحكومة نفسها لها مسميات لترويجها على الشعب ، وارتفاع الأسعار ، والوصول الى أرقام فلكية لم يجد الاردنينون أية فائدة ترجع عليهم من خلال تطبيقها ، بالإضافة الى التصرفات الاستفزازية التي تقوم بها الحكومة من خلال طاقمها أدى إلى إيجاد بيئة خصبة لدى المواطن لتقبل أي فكرة يدافع بها عن حقة ، لذلك عمد الأردنينون إلى مقاطعة السلع التي حصل عليها نتيجة لارتفاع الأسعار غير المبرر ، بدءا بحملة المقاطعة الناجحة على سلعة البيض والبطاطا التي وصل سعرها إلى حد غير مقبول ، ونجح الشعب في تنزيل سعرها إلى النصف ، فقوبلت الحملة بتصرفات اعتباطية من الطاقم الحكومي ، ففرضت الضرائب على سلع وتم رفع سلع أخرى ولعل من أهمها أرتفاع اسعار المحروقات رغم تدني أسعاره عالميا ، هنا تحرك الشارع لمقاطعة المحروقات والتي لاقت رواجا كبير ونجاحا باهرا ، فنقيب المحروقات بتصريح سريع لخص معنى المقاطة وما سينجم عنها ، اليوم تبقى هذه الحركة الشعبية تلاقي رواجا على مستوى الشارع ، ولعل سبب نجاحها هو وعي الشارع الأردني وتغيير المعتقدات والأفكار، فالحكومات وجدت لخدمة المواطن وتحقيق الرفاهية له ، ناهيك عن غياب الأحزاب والنقابات حتى لا تؤطر الحركة وتصبح تتبع إلى حزب أو نقابة ، ولعل هذا الدور لو وجد له أحزابا وطنية تهتم لمصلحة الوطن والمواطن لقامت به منذ عقود .

اليوم يحصد الأردنيين بركات حركتهم السلمية والتي لن تستطيع الحكومة السيطرة عليها أو انهائها لعدم وجود إطار يمكن التأثير عليه أو شرائة ، بل هي حركة شعبوية بأمتياز غير مناطة بشخص أو حزب أو جماعة تنتهي بأنتهائها.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com