فيلادلفيا نيوز
منذ اندلاع السخط في سوريا قبل سبعة أعوام والجميع يتحدث حول طاولة الصلح ، والانزياح نحو الحل السلمي والتمسك به لأنه الوحيد الذي سينهي جميع مظاهر العنف والدموية ؛ جراء وجود العديد من الجماعات الإرهابية في الأراضي السورية والتي تمارس أقسى مظاهر الفتك في تاريخ الإنسانية ، وجميع هذه الجماعات قادمة بأجندات خارجية مشبوهة .
والذي سهل لها الانتشار هو النظام السوري البعثي بأدواته وأساليبه الخاصة ، والأراضي السورية أو فلنقل سوريا ككل بإنسها وجنها وبحرها وأرضها هي لا تعادل جناح بعوضة عند أولئك الزنادقة البعثيين .
ومن الجدير بالذكر علينا القول أن النظام الساقط شعبيا وأخلاقيا ، لا يتمتع بأي صفة سيادية على الأرض السورية ، فمقرر الشأن السوري الداخلي والخارجي هم مجموعة الدول المتناحرة على خيرات الأراضي السورية ، فالقرار المصيري لسوريا العربية لم يعد بيد النظام أو بيد العرب ، بل انحصر القرار السوري بين أربعة دول لكل منها أجنداتها ومطامعها الخاصة التي لم تعد خافية على الجميع .
روسيا
هي القوة التي لجأ اليها النظام بعد أن شارف على نهايته وخسارة جميع معاقلة وسيطرته على سوريا ، لم تتوانَ روسيا عن تلبية الدعوة المقدمة من النظام ، وجاءت بالقنا والقنابل والعتاد والعدة لترجيح الكفة والتي كانت تميل للطرف الآخر، ولعل اهم ما أغرى الروس على التواجد هو عدم وجود أية قاعدة روسية في الشرق الأوسط ، فالولايات المتحدة هي القوة المسيطرة والمهيمنة على المنطقة ، فغياب روسيا عن الساحة العربية والتنعم بخيراتها جعلها تلبي النداء ، وزاد من سرعة تلبية النداء أن الطرف المقابل يحظى بدعم الولايات المتحدة ،
اليوم وبعد مرور سبعة أعوام سيطر الروس على أكبر حقول الغاز والتي تم أكتشافها مؤخرا في الأراضي السورية ، على عكس وقفتهم الشكلية مع النظام الليبي إبان الثورة الليبية والتي لم يكن للروس أية تأثير فيها سوى ملاسنات ومهاترات إعلامية لم تفد النظام الليبي المباد .
الولايات المتحدة :
لم يكن في حسبان الولايات المتحدة أن اللعب في المنظومة القائمة على الأراضي العربية تحديدا سيؤدي إلى هذه الحالة المأساوية ، وقرار استبدال الأنظمة والتي جنحت إليه الولايات المتحدة أدى الى زعزعة مكانتها بالمنطقة فلم تعد هي الآمر الناهي ، بل خرج الدب الروسي ليتحصل على حصته المفقودة كما تمددت الصين لتجعل لها موطيء قدم على الصعيد السياسي .
فتجربة الأخوان في مصر التي دعمتها الولايات المتحدة كانت أنتكاسة كبيرة ، فبعد السقوط المدوي للأخوان ، أصبح النظام الحاكم في مصر غير مسيطر عليه فالقيادة المصرية القائمة الآن رغم كثرة الانتقادات والاسقاطات إلا أنها لا تدين بالولاء المطلق للولايات المتحدة .
أما الشأن السوري فلم تكن الولايات المتحدة ومن بعدها الناتو جادين في إنهاء الأزمة السورية فنظام القذافي ونظام مبارك رغم إختلاف الأدوات المستخدمة لم يحتاجا هذا الوقت .
إلا أن المراد تأمينه من الأراضي السورية لصالح الولايات المتحدة لم يرضِ الغرور الأمريكي .
إيران
لم يخفَ على الجميع العلاقة التي تجمع النظام السوري بالنظام الإيراني من أيام حافظ الأسد ، والذي كان يدين بالولاء المطلق لإيران والذي أنسلخ في مواقف كثيرة عن العرب ومنظومتهم ، فلم تعتاد إيران على وجود أصدقاء وحلفاء لها ، ولعل مرد ذلك إلى نهج النظام الإيراني الطائفي الذي يرسم سياسة الدولة الخارجية ، ولم تخفِ إيران أن لها أطماع كبيرة في الأراضي العربية لتحقيق هلالها المزعوم ، فإيران اليوم أصبحت تمتلك النظام الحاكم في سوريا والعراق ، ناهيك عن ذراعها العسكري في لبنان ، فلن ترضى إيران بأية تسوية أو مصالحة إذا لم تكن لها حصة في التقسيمة الجديدة ، ولعل رفع العقوبات عنها جاء لاستمالتها للتخلي عن أطماعها في سوريا إلا أن المخطط الإيراني أكبر من أن يشترى برفع العقوبات .
تركيا
دخلت تركيا الأجواء مؤخرا فالقيادة التركية والتي تكن العداء الكبير للأكراد ولا تلتفت إلى مطالب الأكراد في تكوين دولتهم ولم يكن تدخلها رأفة بالشعب السوري أو الأراضي السورية فبين عدائهم للأكراد و وجود ذريعة قوية لقتالهم والتخلص منهم ، جعل تركيا تتدخل بقوة في الشأن السوري ، ولعل نوايا أردوغان بإعادة أمجاد الدولة العثمانية المنهارة يجعل تركيا تطالب بحصة في الأراضي السورية .
في ظل هذه العوامل وتناحر تلك القوى لم يعد الحل السلمي متوفرا على المدى القريب فأطماع الدول المتناحرة على الأراضي السورية أكبر من أن يقتل الشعب السوري أو يهجر ، ومهما عقدت المؤتمرات والاجتماعات يبقى القرار النهائي ليس بيد الشعب السوري أو النظام الساقط.