فيلادلفيا نيوز
إذا ماتَ منا سيدٌ، قام سيدٌ.
رحل القرم القائد أبو حديثة، الشديد الوضوح في إنحيازاته، الناصع في مواقفه التي لا تقربها العاديات، ولا تهزها التحديات.
رحل أحد رجالات الأردن وفرسانه الشجعان، رحل الجنرال الذي ذاد عن الأردن في وجه الكيان التوسعي الإسرائيلي.
شارك جمال باشا الخريشا، ضابطًا مِقدامًا في مواكب قواتنا المسلحة الأردنية التي خاضت معارك الدفاع عن دمشق والهضبة السورية- الجولان عام 1973.
قال لي أبو حديثة، ان اللواء المدرع الأربعين بقيادة خالد هجهوج المجالي، التحم بدبابات العدو الإسرائيلي المحتل، دفاعًا عن الأرض العربية السورية، وكأنها أرض الأردن !!
الجنرال جمال الخريشا سليل سلالة أردنية قومية ذات حضور مؤثر في حياتنا السياسية والعشائرية، فقد دعم والده الشيخ حديثة الخريشا، وداوى، وآوى ثوار الأمة العربية من سوريا ولبنان وفلسطين: سلطان باشا الأطرش، أحمد مريود، شكري القوتلي، (رئيس الجمهورية السورية لاحقا)، عبد الرحمن شهبندر، فوزي القاوقجي، الأمير عادل أرسلان والحاج أمين الحسيني، مارس أرقى درجات الفعل الوحدوي القومي بلا شعارات براقة، وبلا حمّى السلطة و حمأتها.
أبو حديثة ليس مجرد جنرال، أو عين، أو نائب، أو وزير، أو شيخ، هذا زعيم من نبْتِ هذه الأرض العربية العظيمة، وفارس مقدام مقاتل، ظل مترفّعًا عن التكسب والتربّح، واظب على فك النشب، وحقن الدماء، والسعي بين الناس بالصلح والخير والتسامح.
وكما يفعل اصدقائي، هاني الخصاونة، ونايف القاضي، ويوسف القسوس، وسميح البطيخي،
ومفلح الرحيمي، ومحمد خير الكيلاني، وعبد الله المطر العجارمة، وطلال الماضي، وهاني أبو زيد، وحسين السرحان، كان صديقي جمال باشا “يصابحني” باتصال هاتفي رشيق شبه يومي، يعرب فيه عن رأيه في مقالتي اليومية، التي أحَبَّ لونها ووجهها ووضوحها.
جمال باشا، نتاجُ وجنى البيئة الوطنية النقية، التي عاش فيها، وحافظ عليها، وعززها، وحمى تقاليدها ومناقيها.
رحل النشمي ابن النشمي أبو النشمي، الطود، الهادئ، العميق، الوعر، الرقيق، الصلب، العريق، تاركًا فينا النشامى، فرسان العرش وعسكر الوطن وذِكرًا حميدًا لا يداني.
وأَستحضرُ في مقام أبي حديثة، قصيدةَ أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء ملك العرب الحسين بن علي التي يقول فيها:
فَاِرفَعْ لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها،
فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني.
فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ