الأربعاء , نوفمبر 12 2025 | 2:30 م
آخر الاخبار
الرئيسية / stop / د. تامر المعايطة يكتب : نقد المؤسسات الوطنية بين الحقيقة والاستهداف

د. تامر المعايطة يكتب : نقد المؤسسات الوطنية بين الحقيقة والاستهداف

فيلادلفيا نيوز
يعتبر النقد البناء، والتغذية الراجعة من متلقي الخدمة، بالإضافة إلى الرقابة الشعبية، وخاصةً من الصحافة والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني المتخصصة، أهم العوامل المؤثرة في تطوير الأداء المؤسسي، والقادرة على رفع مستوى الخدمة المقدمة، والذي ينسجم تماماً مع الرؤية الملكية للتحديث والتطوير الإداري، على أن ذلك لكي يُحدث أثره الإيجابي، وجب حصراً أن ينصب على السياسات العامة، والقرارات الماسة بالخدمات المقدمة للجمهور، واحترافية مستوى الأداء الوظيفي أيضاً، ومنتجها أياً كان، ما دام النقد مبنياً على أسسٍ منهجية، وقواعد علمية، وخبراتٍ معرفية متراكمة.

أما إن جاء النقد عشوائياً، بلا أسسٍ معرفية ومنهجية، مُرسلاً غير مفصل، إنشائياً وصفياً مُجْمَل، لا ينصبُ على موضوعات محددة، واسهمه متجهةً للطعن بأدوار المؤسسات الوطنية، أو بذوات الأشخاص القائمين عليها، لا بأدائهم الوظيفي، فإنما هو ذلك النقد السلبي الهدام، وغاياته المرجوة ليست إلا “مآرب أخرى”.

من جهةٍ أخرى، فأسوأ حالات النقد السلبي أن يكون مقصوداً لذاته، مدفوعاً بغاياتٍ انتقامية، تبتغي تحطيم جسور الثقة بين تلك المؤسسات وجمهورها، وما يدعو للأسى الحقيقي، أن يتبنى الجمهور تلك الانتقادات الوهمية، وكأنها حقائق لا تقبل الطعن، ثم يكون الشك والظن سائداً على الثقة واليقين، ثم يدفع المواطن ومتلقي الخدمة الثمن في نهاية الطريق.

قبل أعوامٍ قليلة، تم استهداف القطاع الزراعي الأردني، وكيلت له اتهاماتٍ بلا أي دلائل أو اثباتات،  وتنوعت تلك الاتهامات من ري المزروعات بمياه ملوثة، وأخرى باستعمال سمادٍ ممنوع دولياً، وأخرى بأن شهادات المنشأ للصادرات الزراعية الأردنية مزورة للتحايل على قوانين الدول المقاطعة، حتى توقفت أغلب الصادرات، وضُرب انتاج القطاع الزراعي لعدة أعوام متتالية، ثم تحمّل ودفع المواطن أثمان ذلك كله.

تتكرر الحكاية بين حينٍ وآخر، وكأنها حملاتٍ عدائية تدميرية ممنهجة، تارةً تستهدف القطاع التربوي، وتارةً القطاع الصحي، والسياحي، ثم تستدف القطاع الصناعي، وأخرى تصيب  المؤسسات الخدمية، ثم هذه الأيام تستهدف المؤسسات السيادية والأمنية، وكأن مرادهم النهائي أن لا يبقى لدينا، والعياذ بالله، ثقةً بالوطن ومستقبله، وبغياب الوعي والإدراك الحقيقي لمآلات تلك الحملات، يوشك أن يلقي بنا أن نكون وقوداً وحطباً لها، بدلاً من التصدي والوقوف ضدها، وهذا ما لا يتمناه أردنيٌ صادق، ولا صاحب ضمير صاحي.

متأملين قول المولى تعالى: ” وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ” وعلى السياق نفسه،  قالت العرب: “رُبَّ كلمةٍ تقول لصاحبها دعني” نتحرى صدق الحقيقة، ونصون ألستنا وأقلامنا عن الخوض فيما لا نعلم، مصداقاً لقول رسولنا الكريم ﷺ: “إيَّاكم والظنَّ، فإن الظنَّ أكذبُ الحديث”.

لواء المتقاعد

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com