الأربعاء , أكتوبر 8 2025 | 9:28 م
آخر الاخبار
الرئيسية / stop / الشريف خالد الأبلج: النهضة السعودية الجديدة تُجسّد طموح الأمة ورؤية المستقبل

الشريف خالد الأبلج: النهضة السعودية الجديدة تُجسّد طموح الأمة ورؤية المستقبل

فيلادلفيا نيوز

في زمنٍ تتسارع فيه خطوات التحول الشامل داخل المملكة العربية السعودية، تبرز النهضة الحضارية الجديدة كأحد أعمدة رؤية 2030؛ تلك الرؤية التي لم تُصمم لتكون مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل خطة وطنية شاملة لإعادة اكتشاف الذات السعودية واستنهاض تاريخها العريق الممتد عبر آلاف السنين.
وفي هذا السياق، يؤكد المؤرخ الشريف خالد الأبلج، الخبير والباحث في التراث العربي والإسلامي، وعضو الرابطة العلمية العالمية للأنساب الهاشمية، أن هذه المرحلة تُعد فارقة في مسيرة المملكة، إذ تُعيد فيها بناء صورتها الحضارية وتستحضر ماضيها العميق لتصوغ حاضرها بثقة، وتمضي نحو مستقبلٍ تتكامل فيه القوة الاقتصادية والسياسية مع العمق الثقافي والإنساني والحضاري للمملكة.
ويُوضح الأبلج أن هذا التحول ليس عابرًا أو جزئيًا، بل هو مشروع وطني شامل أطلقته رؤية المملكة 2030 برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وقيادة ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بهدف إعادة صياغة الشخصية السعودية الحديثة وتقديمها للعالم بصورتها الحقيقية؛ دولة تجمع بين عمق التاريخ وقوة الحاضر وطموح المستقبل.
ويتابع المؤرخ موضحًا أن النهضة الحضارية الجديدة للسعودية ليست مجرد عودة إلى الماضي، بل هي مصالحة بين الأزمنة الثلاثة: الماضي، الحاضر، والمستقبل. فمن خلال هذا التوازن الفريد استطاعت المملكة أن تجعل من تراثها قوة ناعمة، ومن آثارها تاريخًا ناطقًا، ومن ثقافتها المعاصرة جسرًا يمتد من الصحراء القديمة إلى آفاق الحداثة العالمية.
وانطلاقًا من هذا المفهوم الشامل، يؤكد الإبلج أن رؤية 2030 رسمت إطارًا استراتيجيًا متكاملاً يربط التراث بالاقتصاد، والثقافة بالتنمية، والسياحة بالهوية، لتتحول جميعها إلى منظومة واحدة تُعزّز مكانة المملكة على المستويين الإقليمي والدولي.
وفي هذا الإطار، يشير المؤرخ الشريف الأبلج إلى أن هيئة التراث جاءت لتكون ركيزة أساسية في هذه النهضة الثقافية، حيث وضعت خريطة دقيقة للمواقع الأثرية في مختلف مناطق المملكة، بدءًا من شمالها في العلا وتيماء ودومة الجندل، وصولًا إلى جنوبها في نجران والباحة وجازان.
ولم تقف الجهود عند حدود الحصر والتوثيق، بل أطلقت الهيئة عشرات البعثات الأثرية السعودية والدولية المشتركة، التي كشفت عن حضارات ضاربة في عمق التاريخ، تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، لتؤكد أن الجزيرة العربية لم تكن فراغًا حضاريًا، بل كانت قلبًا نابضًا بالتجارة والثقافة والعمران منذ فجر التاريخ.
وقد أسهمت تلك الاكتشافات في تغيير النظرة الأكاديمية العالمية تجاه تاريخ الجزيرة العربية، لتصبح السعودية اليوم مرجعًا أثريًا عالميًا يثير اهتمام الباحثين والمؤرخين حول العالم.
ومن ثمّ، جاءت مشاريع ضخمة مثل العلا التي تحوّلت إلى متحف مفتوح يجمع بين التاريخ الطبيعي والإنساني، ومشروع الدرعية التاريخية الذي يعيد للعاصمة الأولى مجدها بوصفها مهد الدولة السعودية وملتقى الأصالة والنهضة الحديثة، إلى جانب مشروع نيوم الذي يُعد ترجمة عملية لرؤية القيادة في بناء مدن المستقبل على أرض الحضارات القديمة، حيث تلتقي التكنولوجيا بالفكر الإنساني والإبداع المعماري بروح المكان.
ويتابع الشريف الأبلج موضحًا أن هذا الحراك لم يقتصر على البنى الأثرية فحسب، بل شمل أيضًا بناء وعي ثقافي جديد لدى المواطن السعودي، الذي أصبح يرى في تراث بلاده جزءًا من ذاته وامتدادًا له، لا مجرد بقايا من الماضي.
وفي هذا السياق، دعا المؤرخ الشريف خالد الأبلج جميع المواطنين والمقيمين في مختلف مناطق المملكة إلى أن يكونوا شركاء فاعلين في جهود الدولة الرامية إلى حماية التراث وصون الآثار، مؤكدًا أن الحفاظ على الموروث الحضاري ليس مسؤولية الجهات الرسمية وحدها، بل هو واجب وطني وأخلاقي يعبّر عن عمق الانتماء والولاء للوطن. وشدّد الأبلج على أن المملكة لم تدّخر جهدًا في سبيل حماية تراثها المادي واللامادي، إذ سخّرت الإمكانات والكوادر والخطط الاستراتيجية للحفاظ على كل حجرٍ يروي قصةً من تاريخها العريق، وكل نقشٍ يُجسّد ملامح حضارتها الممتدة منذ آلاف السنين.
وأشار الشريف الأبلج إلى أن المواطن الواعي بدوره في هذا الجانب يُعدّ حلقة الوصل بين الماضي والحاضر، وحارس الذاكرة الجماعية للأمة، داعيًا كل من يمتلك قطعًا أثرية أو معلومات عن مواقع تاريخية إلى التعاون مع الجهات المختصة وهيئة التراث، وتسليم ما لديه من مقتنيات أثرية بوصفها جزءًا من الهوية الوطنية، ومصدر فخر للأجيال القادمة. وأوضح أن هذا السلوك الحضاري يُجسّد روح رؤية 2030 التي تُعلي من قيمة المشاركة المجتمعية والمسؤولية الوطنية، مؤكدًا أن الحفاظ على التراث ليس مجرد حماية للماضي، بل هو استثمار في المستقبل، وبناء لجسور التواصل بين الأجيال، وترسيخ للهوية السعودية الأصيلة التي تجمع بين الإيمان والوعي والانتماء. وأضاف الأبلج أن الحفاظ على الآثار وتقديمها للدولة هو تعبير عن صدق الانتماء للوطن، وعن إدراك المواطن أن هذه الآثار ملك للأمة كلها، تُشكّل ذاكرة وطنٍ ومصدر إلهامٍ لأبنائه، وأن مشاركته في حفظها ودعم جهود الدولة في هذا المجال تمثل أسمى صور التعاون الوطني، وتأكيدًا على أن التراث هو الرابط الذي يجمع أبناء السعودية عبر الزمن، في مسيرة حضارية متجددة تعانق الماضي وتبني المستقبل.
كما يشير إلى أن التحول في النظرة إلى التراث مثّل نقلة فكرية كبرى؛ إذ انتقلت الآثار من دائرة النسيان إلى فضاء الافتخار، ومن موضوع النقاش الديني والجدل الاجتماعي إلى مجال البحث العلمي والسياحة الثقافية الواعية، وهو ما يُعد علامة على نضج المجتمع السعودي وانفتاحه على قراءة تاريخه بعين علمية موضوعية دون أن يفقد ثوابته الدينية أو قيمه الأصيلة.
وفي سياق متصل، أشاد المؤرخ الشريف الأبلج بالدور الفاعل الذي تقوم به المتاحف الرقمية والمراكز الثقافية التفاعلية المنتشرة في أنحاء المملكة، والتي أصبحت اليوم فضاءات للتعلم والتجربة والمعرفة، تقدم التاريخ بطريقة معاصرة تدمج الصورة بالحكاية والتقنية بالذاكرة.
ويؤكد أن المتاحف الحديثة في الرياض والعلا وجدة لم تعد مجرد قاعات عرض جامدة، بل تجارب معرفية تفاعلية تعيد تشكيل علاقة المواطن بالماضي، وتغرس في الأجيال الجديدة تقديرًا أعمق لمعنى الانتماء إلى وطنٍ ضارب في التاريخ.
ولتعزيز هذه الرؤية الشاملة، يضيف الأبلج أن هيئتي الإعلام والسياحة أسهمتا في نشر هذا الفكر على نطاق واسع، من خلال إنتاج أفلام وثائقية وبرامج تعريفية ومهرجانات ثقافية تعكس جمال التراث السعودي وتنوعه، حتى أصبح التراث جزءًا من الدبلوماسية الثقافية للمملكة، وأداة للتواصل الحضاري مع العالم، تُقدَّم من خلالها السعودية الحديثة بوصفها بلدًا يحتضن الماضي ويقود المستقبل، يبني حاضره على وعي بالذات وتقدير للتاريخ.
ويرى الشريف الأبلج أن النهضة الحضارية الجديدة لا يمكن فهمها بمعزل عن فلسفة رؤية 2030 التي وضعت الإنسان السعودي في قلب عملية التحول. فالتاريخ هنا ليس غاية في ذاته، بل وسيلة لبناء وعي إنساني متوازن يستلهم من الماضي قوة، ويستمد من الحاضر طموحًا، ويتجه إلى المستقبل بإبداع.
ويشير إلى أن القيادة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، أعادت تعريف مفهوم التنمية، لتشمل الثقافة والتراث والفنون باعتبارها ركائز حقيقية لقوة الدولة واستقرارها وازدهارها.
وفي ختام حديثه، ثمّن الشريف خالد الأبلج الجهود العظيمة التي يبذلها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في دعم الثقافة والتراث بوصفهما أساسًا لبناء الإنسان وتنمية الوعي الوطني، مشيدًا في الوقت ذاته بالرؤية الثاقبة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي قاد مشروعًا حضاريًا غير مسبوق أعاد تقديم السعودية للعالم بصورة جديدة تجمع بين الأصالة والطموح.
ويؤكد الأبلج أن هذا المشروع الوطني المتكامل لا يُعيد كتابة التاريخ فحسب، بل يُعيد بناء الوجدان السعودي، ويُكرّس مفهوم “النهضة المتجددة” التي تتسع لكل عناصر الحضارة والمعرفة والإنسان.
وفي سياق رؤيته التحليلية، أضاف الأبلج أن الحضارة السعودية تمثل منبع التراث العربي والإسلامي والإنساني، إذ انطلقت من أرضها أولى موجات التواصل البشري بين القارات، ومنها عبرت القوافل التجارية والثقافية التي شكلت ملامح الشرق القديم، فكانت الجزيرة العربية ملتقى الشعوب ومنارة الهداية وموطن الرسالة الخالدة التي غيرت وجه التاريخ.
ومن هنا، تأتي النهضة الحضارية السعودية الحديثة امتدادًا طبيعيًا لذلك الإرث العظيم، لتثبت أن السعودية كانت وستظل أصل العروبة ومهد الحضارة وروح الشرق المتجددة.
واختتم الشريف خالد الأبلج قائلاً: “إن المملكة اليوم لا تكتفي بأن تكون حاضنة للحرمين الشريفين، بل أصبحت حاضنة لروح الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء. إنها تُعيد للعالم سردية الشرق من منظور سعودي أصيل، وتمنح للأجيال القادمة ذاكرة حية تُلهمهم بأن يكونوا امتدادًا لماضٍ مجيد وبناةً لمستقبل مشرق.”

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com