السبت , سبتمبر 20 2025 | 5:39 ص
الرئيسية / stop / الشريف خالد الأبلج يكتب : التراث العربي والإسلامي ذاكرة الأمة.. والسعودية تقود حراكًا حضاريًا لحمايته

الشريف خالد الأبلج يكتب : التراث العربي والإسلامي ذاكرة الأمة.. والسعودية تقود حراكًا حضاريًا لحمايته

فيلادلفيا نيوز

في ظل التغيرات الثقافية المتسارعة التي يشهدها العالم، والتحديات المتزايدة التي تواجه الهوية العربية والإسلامية،
، دعا الشريف خالد الأبلج، الخبير والباحث فى التراث العربي والإسلامي، وعضو الرابطة العلمية للأنساب الهاشمية، إلى ضرورة وضع ملف التراث العربي والإسلامي على رأس أولويات المؤسسات الثقافية، والبحثية، والتعليمية في الوطن العربي، مؤكدًا أن هذا التراث ليس مجرد مخزون من الذكريات أو الحكايات، بل هو أصل وجودنا الحضاري وركيزة هويتنا الجماعية.
وقال الشريف الأبلج: “إن التراث العربي والإسلامي هو الذاكرة الحية للأمة، التي تختزن في ثناياها معارف الأجداد، وإبداعات العلماء، وأمجاد القادة، وتجليات الروح والفكر والعقيدة. إن التفريط فيه أو تركه نهبًا للضياع أو التشويه، هو خيانة للذاكرة، وتنكر للماضي، وإضعاف للحاضر، ومحو لمستقبل الأجيال القادمة.”

وأضاف: “لقد قدّم العرب والمسلمون على مرّ العصور تراثًا حضاريًا زاخرًا في ميادين العلم والفلسفة والطب والفلك والفنون، وهو تراث يضاهي – بل يتفوّق في أحيان كثيرة – على نظائره في الحضارات الأخرى. إلا أن هذا التراث يعاني اليوم من الإهمال، وسوء التوثيق، وضعف الاستثمار، وغياب الوعي بأهميته في تشكيل الشخصية القومية.”
وشدّد الشريف الأبلج على أن الإعلام العربي يجب أن يتحمّل مسؤولية مضاعفة في معركة الحفاظ على التراث، قائلاً: “لا يمكننا الحديث عن نهضة تراثية حقيقية دون إعلام وطني ملتزم وواعٍ، يعمل على تقديم تراثنا العربي والإسلامي بروح معاصرة ولغة قريبة من الأجيال الجديدة. فالمسلسلات، والبرامج الوثائقية، والدراما التاريخية، كلها أدوات فعّالة إذا استُخدمت بإخلاص، يمكن أن تحيي في الشباب شعور الفخر والانتماء، بدلًا من تركهم فريسة لخطابات الغربة والتشكيك.”
وتابع الشريف الأبلج: “نحن لا ندعو فقط إلى الحفاظ على المخطوطات، أو ترميم المساجد، أو توثيق المخازن والمتاحف – رغم أهمية كل ذلك – بل ندعو إلى إعادة دمج التراث في الوعي العام، من خلال المناهج الدراسية، والمنصات الإعلامية، والمؤسسات الثقافية، والمنتديات الدولية. التراث ليس مجرد ماضٍ يُذكر، بل هو قوة ناعمة يجب أن نوظفها في حوار الحضارات، وتعزيز مكانة أمتنا في العالم.”
وأشار الشريف الأبلج إلى أن التراث الإسلامي على وجه الخصوص يواجه محاولات ممنهجة للتشويه والطمس، سواء من خلال سرقة الآثار، أو تزوير الوثائق، أو طمس الهوية الثقافية في بعض المناطق، مطالبًا بضرورة وجود موقف عربي موحّد لحماية هذا التراث من التلاعب أو الاستغلال السياسي والثقافي.
وقال: “من المحزن أن بعض مكتبات الغرب تحتفظ بنسخ نادرة من مخطوطات العلماء المسلمين، في حين تعاني المكتبات العربية من الفقر التوثيقي، ومن غياب رقمنة التراث، وعدم دعم الباحثين الشباب العاملين في هذا المجال، ويجب أن نؤسس لنهضة جديدة في علم التوثيق والتحقيق، تُعيد الاعتبار لتراثنا كمرجعية معرفية وثقافية عالمية.”
وفي مقارنة تاريخية لافتة، قال الأبلج: “انظروا إلى تجارب الأمم العريقة كالصين، واليابان، واليونان، كيف استثمرت تراثها في بناء هويتها الوطنية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية. تلك الدول لم تنجُ من الاندثار الثقافي إلا بفضل حفاظها على رموزها وتاريخها. ونحن كأمة عربية وإسلامية نملك تراثًا أكثر عراقة وغزارة وتأثيرًا، لكنه بحاجة إلى من يرفعه من بين الغبار، ويقدمه للعالم بلغة العصر ووسائل العصر.”
وفي هذا السياق، أشاد الشريف خالد الأبلج بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في مجال الحفاظ على التراث والآثار، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مؤكدًا أن التوجه السعودي الراهن نحو حماية الآثار، وتوثيق المواقع التاريخية، ورقمنة المخطوطات، ودعم مبادرات التراث الثقافي، يمثل نموذجًا يُحتذى به على مستوى العالم العربي والإسلامي. وأضاف أن هذه الجهود تؤكد وعي القيادة السعودية بأهمية التراث كقوة ناعمة، وكرمز من رموز الهوية والسيادة الحضارية.
وحذّر الأبلج من الانجرار خلف من يعتبرون الحديث عن التراث نوعًا من “الجهود عند الماضى”، مشيرًا إلى أن الأمم العظيمة لا تنهض من فراغ، وإنما من جذور راسخة وهوية واضحة، مؤكدًا أنه لا مستقبل لأمة تنسى تاريخها، ولا نهضة لمن يقطع جذوره، وأن الحفاظ على تراثنا العربي والإسلامي ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية وسياسية وثقافية، خصوصًا في ظل ما تواجهه منطقتنا من تحديات على كافة الأصعدة.
ووجّه الباحث الشريف خالد الأبلج نداءً مفتوحًا إلى الجامعات العربية، ووزارات الثقافة، والمراكز البحثية، ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، للعمل سويًا من أجل بناء مشروع حضاري متكامل يُعيد للتراث العربي والإسلامي مكانته، وللشباب ثقتهم في تاريخهم، وللعالم صورة حقيقية عن عظمة حضارتنا الإسلامية والعربية.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com