فيلادلفيا نيوز
انقسم اساتذة جامعات ومتخصصون بين مؤيد ومعارض لالية التناوب المتبعة في تعبئة الشواغر الادارية في الجامعات الاردنية والتي يتبوأ من خلالها جميع الاساتذة العاملين في الجامعة مواقع ادارية دون استثناء .
وفي الوقت الذي ذهب بعضهم الى ان ذلك يشكل ضمانا لتكافؤ الفرص ويعطي جميع الاساتذة العاملين في الجامعة حقوقهم اكد اخرون ان ذلك يؤدي الى تكريس الواسطة والمحسوبية والشللية ويحبط الكفاءات .
جاء ذلك خلال ندوة متخصصة نظمتها الجمعية الاردنية للبحث العلمي مساء امس بعنوان ” القيادات الاكاديمية بين التصنيع والتلزيم” وادارها رئيس الجمعية الدكتور انور البطيخي .
واكد رئيس مجلس امناء جامعة اليرموك الدكتور فايز الخصاونة انه يمكن لهذا المبدأ القائم على التناوب أن يحدث أثرا بالغا على مسيرة الجامعة، كما يمكن أن يكون أثره إيجابيا أو سلبيا مشيرا الى ان التدرج في إشغال رئاسة القسم ثم عمادة الكلية ثم نيابة الرئيس اصبح مسارا متدرجا للتدريب وصقل المهارات القيادية للتنافس على إشغال المواقع المتقدمة مثل رئاسة الجامعة أو وزارة التعليم العالي أو أي من المواقع القيادية التابعة لها كما يحسب لثقافة التناوب أنها قد تفرز رصيدا من قيادات الصف الثاني والثالث تستفيد منها جامعات عربية أخرى وخصوصا في الخليج العربي، وكان في ذلك نفع شخصي للأفراد ونفع للأردن والدول العربية على السواء.
ولكنه اشار الى انه إذا ما استعرضنا الوضع الحالي في جامعاتنا الرسمية، نجد أن ثقافة التناوب قد ساهمت في تعثر المسيرة الأكاديمية، وخصوصا أن اختيار القيادات الأكاديمية المتقدمة بات مسيسا ومشوبا بالواسطة أحيانا والشللية والمحسوبية أحيانا أخرى .
وقال الخصاونة ان من أهم أعراض التعثر ما يتعلق بذهنية عضو هيئة التدريس: فإذا كان طموحه في مسيرته الأكاديمية لا يتحقق إلا إذا تبوأ موقعا قياديا فهذا لا يشكل فشلا اكاديميا وإذا لم يعتبر نفسه فاشلا سيعتبر نفسه محبطا.
وزاد ان الأصل في عضو هيئة التدريس أن يقيس مدى نجاحه أو فشله في مهنته الأكاديمية بإنجازاته العلمية ومكانته بين أقرانه كمرجعية مرموقة في مجال تخصصه غير أن الطموح نحو القيادة جامح، لأنه يجلب معه عوائد من السلطة والشهرة وغيرها، ولأنه أصلا طموح مشروع، فلا عجب أن الطموح الذي لا يتحقق يقود إلى الإحباط لكن الإحباط قاتل لأن الإنسان المحبط يستسلم للوضع الراهن ولا يسعى إلى التميز بل يكتفي بالحد الأدنى من الأداء.
وقال الخصاونة ” ورغم أنه لا يجوز لي أن أعمم إلا أني أشير إلى أن الإحباط حاصل وأدلل على ذلك أنه ما يتناوله الجميع في مجالسهم الخاصة فمن مؤشرات الإحباط المهمة تغير نظرة الفرد إلى عمله كعضو هيئة تدريس من حيث أنه أصبح يعتبرها وظيفة مثل سائر الوظائف يحسب عوائدها فقط بمعيار البدلات المادية، متناسيا العوائد المعنوية، وهذا منطلق يتعذر معه الإبداع والتميز.
واكد انه وبقدر ما يتفشى الإحباط بقدر ما تتدنى كفاءة المؤسسة الأكاديمية لأن الغالبية العظمى مرشحة له، وخصوصا أن جملة المواقع القيادية لا تشكل إلا نسبة بسيطة من مجمل أعداد أعضاء الهيئة التدريسية في أي كلية كما في أي جامعة.
واشار الى ان ثقافة التناوب من جانب اخر جعلت المواقع القيادية تشريفا وليس تكليفا، وجعلتها تصبح سلما للتزلف ليس فقط للصعود بل لحرق المراحل بكل الوسائل وعلى مستوى القسم، فإن التناوب لسنة أو سنتين أفقد القسم في وضعنا الحالي إمكانية التخطيط والتنفيذ ورسّخ الرتابة في مسيرة القسم حيث يتردد رئيس القسم في طرح مبادرات يعلم أنه سوف لن يتمكن من متابعتها بعد انتهاء فترة مناوبته كما يتحرج معظمهم من أخذ قرارات حازمة بشأن زملائه في موضوع الشعب وطرح المساقات وتوزيع الحصص بين أيام الأسبوع أوساعات النهار وما إلى ذلك مما ينعكس على أداء القسم، ومما يروج للشللية وتبادل المنافع مشيرا الى ان ما قيل عن القسم ينسحب على الكلية إذا كانت مهمة العميد تصريف الأمور فقط، ولكنه يختلف عنه كما ونوعا وأثرا.
واكد الخصاونة انه وفي غياب التخطيط الإستراتيجي، أصبح نمط القيادة أشبه ما يكون بنمط إدارة الأزمات، وهذا نمط يعتمد على الاجتهاد الشخصي، لا يثري صاحبه ولا يصلح للاقتداء به والتعلم منه وبهذا فقد مبدأ التناوب قدرته على التدريب والتطوير.
واشار الى انه يمكن لثقافة التناوب أن تكون محركا إبداعيا لصنع القيادات الأكاديمية وتطويرها وصقل مهاراتها وتعزيز قدراتها إذا توافرت لها البيئة الحاضنة السليمة، وفي غياب ذلك تصبح ثقافة التناوب وبالاً على القطاع الأكاديمي كله وأهم مقومات البيئة الحاضنة المطلوبة هو التخطيط التشاركي على جميع المستويات: القسم فالكلية فالجامعة فإذا توفرت خطة إستراتيجية شاملة تنـبـثق عنها خطط تنفيذية سنوية ليس فقط للجامعة بل أيضا للكلية والقسم، وإذا توفرت آلية فاعلة للمتابعة والتقييم والمراجعة الدورية، فإن ثقافة التناوب ستصبح آلية متميزة لصنع القيادات الأكاديمية.
واكد الخصاونة انه في غياب ذلك، فإن ثقافة التناوب ستصبح آلية تنخر في مسيرة الجامعة بسبب المزاجية في التنفيذ وشخصنة المواقع وما ينتج عنها من تخبط وشللية.
واكد انه لا يجوز أن تـُفرض إستراتيجية الجامعة من رأس الهرم، كما لا يجوز أن تكون تجميعا لمدخلات تأتي من الأقسام والكليات، بل يجب أن تكون ثمرة دورات من التفاعل بين رأس الهرم وجسمه، لنضمن بذلك اقتناع الجسم الأكاديمي في كل مستوياته بما تستقر عليه رؤية المؤسسة.
واكد المشاركون اهمية اعادة تقييم هذه الالية القائمة على التناوب وايجاد الية اكثر شفافية وفعالية.(بترا)