الأحد , مايو 4 2025 | 8:24 م
الرئيسية / stop / الانتخابات البلدية تنطلق من جبل لبنان.. معارك تختبر مزاج الناخبين

الانتخابات البلدية تنطلق من جبل لبنان.. معارك تختبر مزاج الناخبين

فيلادلفيا نيوز

بعد تأجيل الانتخابات البلدية اللبنانية ثلاث مرات، ربطاً بالأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية، تنطلق الانتخابات البلدية والاختيارية صباح اليوم الأحد من محافظة جبل لبنان، التي تضم أقضية بعبدا، المتن، كسروان، جبيل، الشوف، عاليه. لتكون المعركة الأولى بين الأحزاب التقليدية، ولا سيما المسيحية منها، عقب التطورات الكبرى التي مرّت بها البلاد جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان. وينظر للانتخابات البلدية اللبنانية على أنها محطة ممكن من خلالها قياس المزاج الشعبي وأي تبدلات قد تكون طرأت عليه، خصوصاً أنها الاستحقاق الأبرز الذي يسبق المواجهة النيابية في مايو/أيار 2026. وكانت الانتخابات البلدية اللبنانية مقررة أساساً في عام 2022، إثر انتهاء ولاية المجالس البلدية وهي ست سنوات، غير أن الحكومة اللبنانية تذرعت بالصعوبات اللوجستية والتداخل مع الانتخابات النيابية لتبرير التأجيل الأول. وفي عام 2023، اتُّخذت الصعوبات المالية حجة للتأجيل الثاني. وفي إبريل/نيسان 2024، مدد مجلس النواب ولاية المجالس حتى شهر مايو الحالي.

المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية اللبنانية

في سياق المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية اللبنانية، تتخذ الوحدات العسكرية تدابير أمنية استثنائية تشمل إقامة حواجز ظرفية وتسيير دوريات، بهدف حفظ الأمن والاستقرار أثناء العملية الانتخابية ومنع وقوع إشكالات، وذلك في وقتٍ تنشط ماكينات الأحزاب والعائلات والشخصيات المستقلّة والمدنية في جبل لبنان لدعم مرشحيها، خصوصاً حزبي القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) والكتائب اللبنانية (برئاسة النائب سامي الجميل)، اللذين وضعا رؤية مشتركة لخوض الانتخابات، وعقدا تحالفات ثابتة ووازنة في غالبية البلدات الكبرى، مع بعض الاستثناءات ربطاً بظروف كل بلدة وخيارات العائلات فيها، ما يعزّز فرص حصد نتائج كبيرة، بحسب ما تؤكد مصادر الحزبين لـ”العربي الجديد”.

وعلى خطّ التيار الوطني الحر (برئاسة النائب جبران باسيل)، يسود ترقّب لوضعه، باعتبار أن التوقعات تشير إلى أنه سيكون أكبر المتراجعين، خصوصاً أنه خسر نوابا فاعلين في بعض البلدات ولا سيما في قضاءي المتن وبعبدا، باستقالتهم من التيار، يتقدّمهم النائب إبراهيم كنعان، ونائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والنائب آلان عون. كذلك يعاني التيار من ضعف تحالفاته خصوصاً في كسروان، التي كانت تُشكّل معقلاً أساسياً له، علماً أنها شملت في بعض المناطق حزب الله، رغم فك تفاهمهما في الفترة الماضية، أبرزها في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، التي كانت تقطنها أعداد كبيرة من المسيحيين قبل الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، فيما شهدت لاحقاً تحولات في تركيبتها السكانية للتحول إلى أحد أهم معاقل حزب الله، والتي كان لها حصّة كبيرة من الدمار بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير.

ورغم أن المعركة على صعيد محافظة جبل لبنان هي أكبر بين القوى المسيحية، بيد أن حزب الله الذي يتحالف مع حركة أمل (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري) تحت شعار موحَّد هو “وفاء وتنمية”، يخوض أول اختبار له من بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان العام الماضي، وضمنها في مناطق تعرّضت لدمار كبير، علماً أنه عمل مع حليفه بشكل مركّز على وصول أكبر قدر ممكن من اللوائح بالتزكية، مثل برج البراجنة في قضاء بعبدا، والمعيصرة في قضاء كسروان. وفي حديث لـ”العربي الجديد”، يقول محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي لـ”العربي الجديد”، إن عدد البلديات في المحافظة يبلغ 333 على مستوى ستة أقضية، وقد أقفِل باب الترشيحات على النطاق البلدي والمخاتير على 9321 مرشحاً، ضمنهم 8142 من الذكور، و1179 من الإناث. ويلفت إلى أن هذه الأعداد تجاوزت برقم بسيط الترشيحات التي سجّلت في الانتخابات البلدية اللبنانية التي أُجريت في عام 2016، مشيراً إلى أنه فازت تقريباً 66 بلدية رسمياً بالتزكية. كذلك فاز 151 مختاراً بالتزكية.

وفي قراءة للواقع الانتخابي في محافظة جبل لبنان، يوضح الخبير الانتخابي أنطوان مخيبر لـ”العربي الجديد”، أن “البلدات الكبرى هي التي ستشهد منافسة ذات طابع سياسي أكثر من تلك الصغيرة التي تكون غالباً ذات طابع عائلي”، مشيراً إلى أن “الصراع في محافظة جبل لبنان على صعيد الأقضية الستة، يرتكز مسيحياً، خصوصاً بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، وهناك التقليد السياسي للعائلات، أبرزها عائلة المرّ في المتن، وأحزاب أخرى، مع تسجيل طبعاً صراع بين الحزب التقدمي الاشتراكي (بزعامة وليد جنبلاط)، والحزب الديمقراطي اللبناني (برئاسة طلال أرسلان)، على مستوى الشوف عاليه، علماً أنهما تحالفا في بعض المناطق ضد عائلات أو مجتمع مدني”.

ويضيف مخيبر أن “المعركة ستكون قوية في جبيل، قلب المدينة، علماً أن من الواضح أن التنافس ليس قريباً إلى بعضه، لأن اللائحة المدعومة من القوات اللبنانية والنائب زياد حواط (رئيس بلدية جبيل الأسبق بين عامي 2010 و2017) متقدمة أكثر عن التيار، بينما ستكون أم المعارك في مدينة جونيه في كسروان، ولو أن التحالف الخماسي الواسع والمتنوّع، الذي يضمّ حزبي القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، ومعهما النائبان نعمة افرام وفريد الخازن (ضمن تكتل حليف لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية) والنائب السابق منصور البون، وذلك في مواجهة التيار الوطني الحرّ الذي كانت رئاسة البلدية من حصّته، مع جوان حبيش، الذي انسحب لصالح لائحة “جونيتنا” (يرأسها سيلفيو شيحا وتضم وجوهاً شبابية).

أما على صعيد المتن، فيوضح مخيبر “إن الصراع سيكون في البلدات الكبرى، إذ يحاول حزب الكتائب برئاسة الجميل أن يصل إلى رئاسة اتحاد البلديات، وينقل انتماءهم من آل المرّ إليه أو إلى حلفاء أو قريبين منه، لذلك ستكون المعركة بين آل المر والتيار الوطني الحر من جهة، في مقابل القوات اللبنانية والكتائب والنائب إبراهيم كنعان، مع الإشارة إلى أن المنازلة الأكبر ستكون في منطقة الجديدة (ساحل المتن ومدخل بيروت من الجهة الشمالية) التي كانت رئاستها للتيار، وهي التي تعد بوابة المتن وبلدة كنعان الخارج من التيار ما يعطي حماوة للمعركة. أما منطقة الزلقا (ساحل المتن أيضاً) فستشهد صراعاً من أجل بقاء آل المرّ، التي في حال خسرت سنكون أمام بداية انكفاء هذه العائلة في منطقة المتن الشمالي”، لافتاً إلى أن “هناك بلدات كثيرة لها طابع عائلي أكثر من سياسي وحزبي مثل جل الديب وضبية وأنطلياس (تقع كلها في ساحل المتن) وغيرها”.

التيار الوطني الحر وحزب الله

على مستوى بعبدا، يرى مخيبر أن المعركة الكبيرة ستكون في الحدث (على مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت)، التي ترأسها شخص منتم إلى التيار الوطني الحر، فهناك صراع على بقاء قوته في المنطقة مقابل اصطفافات حزبية وعائلية أخرى. أما عاليه والشوف، فيشير مخيبر إلى أن الاشتراكي والديمقراطي تحالفا في بعض المناطق في مواجهة لوائح المجتمع المدني، ومنها الشويفات، في حين أنهما يتنافسان في مناطق أخرى. ويلفت إلى أن هناك حركة تسجّل للمجتمع المدني خصوصاً في المناطق ذات الحضور الدرزي، وهذا ما برز بعد انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، في حين تُعدّ حركة هذا المجتمع خجولة في المناطق ذات الأكثرية المسيحية، موضحاً أنه قد نشهد معارك قوية على صعيد الشويفات وشحيم (في ساحل الشوف).

ويتوقف مخيبر عند دور حزب الله في الانتخابات البلدية اللبنانية، خصوصاً أن وجوده في جبل ليس قوياً بقدر الجنوب والبقاع مثلاً، لكنه يحرص على شد العصب في المناطق التي تضم ناخبين من الطائفة الشيعية، ومنها مثلاً في أقضية جبيل وكسروان وبعبدا، ويحافظ على وجوده إلى جانب حركة أمل، تحديداً ضمن مفهوم “الفوز بالتزكية”، وهو أمر يريحه ولا يدخله في أزمات وصراعات يعتبرها غير مفيدة في الوضع الراهن. ويشدّد مخيبر على أن الامتحان الأكبر في جبل لبنان، سيكون للتيار الوطني الحر الذي في ظل الصعوبة التي أمامه لخلق تحالفات على مستوى العمل البلدي، فإن الأمر سيمتد للانتخابات النيابية، مما يؤثر على حضوره وتمثيله النيابي في مايو 2026.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com