الأحد , أبريل 27 2025 | 1:15 م
آخر الاخبار
الرئيسية / stop /  د. سعود ساطي السويهري يكتب : الحالة النفسية وتأخر الإنجاب..نتيجة أم أسباب

 د. سعود ساطي السويهري يكتب : الحالة النفسية وتأخر الإنجاب..نتيجة أم أسباب

فيلادلفيا نيوز

فيلادلفيا نيوز

فطر الله البشرية على فطرة الإنجاب وحب الذرية، وقد شرع الله عز وجل ذلك لأسباب كثيرة، منها استمرارية الكون، وتعميره، والحفاظ على النوع والسلالة البشرية، وتشير الأدبيات الاجتماعية والأنثروبولوجية إلى اهتمام البشرية بمسألة الذرية والتكاثر، وبناء النسق الأسري، والتآلف بالأولاد، وحب العائلة، وضمّن سبحانه وتعالى هذه الأمور بالانفعالات البسيطة الهادئة التي ترقى شيئا فشيء إلى درجات العاطفة والحنو نحو الولد، إنها عاطفة الأبوة والأمومة، وتستمر هذه العواطف لمراحل عمرية متقدمة تصل إلى مرحلة الشيخوخة وأرذل العمر، ويتولد منها جانب استشعار الأبوين لهذه العواطف في الكبر، حينما يستمد الأبوان هذه المشاعر والعواطف من أبنائهم الذين قد أصبحوا آباء وأمهات، فتزداد العواطف وتصبح حالة جياشة داخلية تصل لدرجة السمو بالمشاعر والتضحية، حتي في أواخر العمر وقرب انتهاء الأجل.

وقد يبتلى بعضهم بعدم القدرة على الإنجاب لأسباب مختلفة، منها الطبية والنفسية، قد تصل هذه القدرة المفتقدة إلى درجة العقم الذي لا ينفع معه علاج، أو مجرد تأخر إنجاب، ولكل منهما أسبابه المختلفة، وللأسف الشديد فإن ابتلاء الأفراد بهذه الأمور تقلب موازين الحياة الشخصية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية وغيرها، خصوصا إذا كان هؤلاء الأفراد من ذوي الحساسية الانفعالية الشديدة والسلبية، وكذلك إذا تعرضوا لمسألة الحرج من أفراد لا يلقوا لكلامهم بالا، وكان كلامهم وبالا، يصفون من تأخر عن الإنجاب بالعقيم أو غيرها من الكلمات الجارحة التي تقع كالسهام المسمومة التي تطرح بمن أصابته أرضا، فيتلقى هؤلاء الأفراد لمثل هذه الكلمات وكأن أبصارهم خاشعة من هول الصدمة، وأثر الكلمة، وصدق القائل: “جراحات السهامُ لها التئامُ، ولا يلتئمُ ما جرح اللسانُ، وبالتالي فإن الأثر الواقع على النفس كالصاعقة من هول الصدمة، لأنه لمس شغاف القلوب وتشوقها في الانتظار لسماع خبر مفرح، وأمنية منتظرة.

من هنا يأتي الحديث عن الحالة النفسية جانبين: أولهما ضرورة أن ينتبه الأفراد عند تعاملهم مع من لم يأذن الله عز وجل لهم برزق الإنجاب، وضرورة الدعم والمساندة والدعاء لهم، والتخفيف والتهوين وتبسيط الأمور، وفي ذلك أمر شرعي وهدي نبوي، فالآيات القرآنية والأحاديث النفسية في هذا الصدد كثيرة ومتعددة شدد عليها الخالق عزو جل، وأكد عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومنه قول الله عز وجل:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70)}- الأحزاب. وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ…}- من آية: 11 الحجرات. وقوله صلى الله عليه وسلم حينما قال له رجل أوصني: قال صلى الله عليه وسلم: احفظ لسانك. وفي ذلك إشارة للانتباه بعدم التسبب في نزيف الجروح، السخرية من الغير لمجرد أن النعمة بين يديك ولا يمتلكها غيرك، فقد تقلب الموازين وتنزع النعمة.

والجانب الثاني: وهو ضرورة التسليم والاستسلام، والإذعان لقضاء الله عزو جل، والأخذ والأسباب والتوكل على الله والبحث عن أسباب تأخر الإنجاب، والبحث عن العلاج، وقد أصبح هذا الأمر اليوم أسهل وأبسط مما سبق، فمع التقدم العلمي والطبي بات المر أكثر قربا لحلم الإنجاب، سواء بالأدوية وبحث مسببات التأخر، أو عن طريق العديد من الوسائل الأخرى كالحقن المجهري، أو التلقيح الصناعي أو غيرها من الوسائل التي وصلت إلى حد تحديد نوع الجنين، ولكن الإشارة هنا إلى حالة التأثر السلبية المعروفة التي يتبعها العديد من الجوانب النفسية كالضغوط النفسية وتحمل الغموض والإحباط، والانتظار القاتل، والقلق ، والاكتئاب أحيانا، وقد يتولد عن ذلك ضعف الثقة بالنفس، سواء أكانت هذه الحالة من الآخرين أو ذاتية شخصية للعديد من الأسباب السابقة.

وقد أثبتت العديد من الأبحاث أن للحالة النفسية أثر واضح على الإنجاب لمجرد التأثر النفسي، فقد يؤثر التوتر كعرض للحالة النفسية على عملية التبويض، وقد تتسبب الضغوط النفسية عند الشخص العادي على عملية القذف عند الرجل، والتبويض عند الأنثى، وللأنثى خصيصا ضرورة البعد عن هذه العوامل، لأنها لو فقدت الثقة في ذاتها كأنثى وشعرت بالدونية والنقص في قدرتها على أداء مهمتها كأنثى لأدى ذلك إلى منع أو تأخير الإنجاب، بالإضافة إلى مجموعة من الأسباب الأخرى كالصراعات الزوجية وعدم التوافق الزواجي وفقدان الرغبة في شخصية الطرفين وفي الحمل.

وأخيرا تأتي هذه المقالة لتأكد على ضرورة الانتباه للحالة النفسية لذوي تأخر الإنجاب سواء من الناحية الشخصية أو من الناحية الاجتماعية، فكلاهما له التأثير المتوقف على الوعي بهذه الأمور، فقد تكون أسبابا، وقد تكون نتيجة.

* أخصائي أول نفسي

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com