فيلادلفيا نيوز-
كتب ماجد القرعان
في هذا الوقت العصيب الذي يمر به الوطن نستذكر بعض المواقف من السيرة العطرة للمغفور له محمد عودة القرعان الذي أنتقل الى الرفيق الأعلى قبل نحو ٢١ عاما أحد رجالات الاردن الذي ما زالت تختزن سيرته ومسيرته ذاكرة الشرفاء في وطني وخاصة ممن عرفوه وتعاملوا معه حيث أسماه المغفور له بإذن الله الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراه ” أمين الأمة في عصره ”
وما ساسرده هنا غيض من فيض مما قيل عنه وسجله التاريخ عن اخلاصه وتفانيه بالعمل وحبه لوطنه وأمانة المسؤولية التي تميز بها
علاقته بالشهيد وصفي التل
يقول أحد موظفي مؤسسة الإقراض الزراعي التي كان يرأسها المرحوم القرعان :
في احد الأيام طلبني مدير الإقراض الزراعي السيد محمد عودة القرعان لمكتبه … وإذا برئيس الوزراء السابق المرحوم وصفي التل بمكتبه … وطلب مني المدير تدقيق طلب قرض زراعي لدولة وصفي التل قبل أن يتولى منصب رئاسة الحكومة الأردنية
عدت لمكتبي ودققت المعاملة وعدت إلى السيد القرعان وهمست بإذنه بان الشروط لا تنطبق على وصفي التل … اعتذر محمد عودة القرعان من وصفي قائلا … يا باشا أنا أسف ما بقدر أعطيك قرض لأن الشروط لا تنطبق عليك
خرج وصفي وعلامات الخيبة والحرج بادية عليه …. بعد فترة أعلن على نشرة أخبار الثامنة بتعيين وصفي التل رئيساً للوزراء … فقلت في نفسي اليوم آخر يوم للقرعان … ثاني يوم بداية الدوام اخذنا نتحدث كموظفين … ان القرعان طار … حيث كنت قد أعلمت زملائي بما حصل مع وصفي التل. .. وتعمدنا ان نتابع الاخبار .
في نشرة أخبار العاشرة صباحاً … وإذا بنا نسمع بأول قرار لرئيس الوزراء … وهو ترفيع السيد محمد عودة القرعان من الدرجة الأولى للدرجة الخاصة … مع الشكر والثناء على إخلاصه بالعمل .
ويوم شكل الشهيد وصفي التل إحدى حكوماته وكان ذلك في منزل المرحوم أبو عودة عرض عليه اكثر من حقيبة وزارية لكنه رفض بلباقه ان يصبح وزيرا .
لقب أمين الأمة في عصره
وأما لقب ” أمين الأمة في عصره ” فقد أطلقه عليه الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه لما تميز به من أمانة ونزاهة في حياته ، فقد عرفه الناس وشهدوا على تميزه من خلال عمله محاميا وموظفا في ضريبة الدخل وقاضيا في محكمة الأراضي ووكيلا لدائرة الجمارك التي تعادل حاليا منصب مدير عام الجمارك ومديرا لمؤسسة الإقراض الزراعي وأخيراً عضوا لعدة دورات في مجلس الأعيان .
شهادة المرحوم احمد الطراونة
زادت معرفة الناس بشخصية أبو عودة الذي تميز بالنزاهة والأمانة والإنسانية ويروي وزير المالية انذاك ( المرحوم احمد الطراونة ) والذي تقلد العديد من المناصب الرفيعة خلال حياته ” وزيراً لعدة حقائب ونائبا وعينا ورئيسا لمجلس الأعيان ورئيسا الديوان الملكي” الذي روى واحدة من مواقف أبو عودة حيث قال انه وأثناء كان وزيراً للمالية طلب من ابو عودة الذي كان يشغل منصب وكيل دائرة الجمارك بأن يتساهل مع المرحوم عاكف الفايز في قضية جمركية وتبين له فيما بعد انه استجاب لطلبه ولكن بصورة لا تصدق اذ قام ابو عودة باستدانة مبلغ من البنك ودفع القيمة الجمركية المطلوبة من الفايز وبذلك أرضى ضميره وأرضى صديقه في آن واحد وحين علما الطراونة والفايز بذلك سارع الفايز إلى دفع المبلغ إلى أبو عودة.
موقف لا ينسى مع الملك الراحل
بعد الجمارك تم تعينه مديرا عاما لمؤسسة الإقراض الزراعي وهو المنصب الذي مكنه من خدمة المزارعين حيث كان يعشق الزراعة ويشعر مع المزارعين فيتبنى قضاياهم ويسعى بكل السبل الى حلها والتخفيف عنهم .
ومن القصص خلال توليه منصب مدير عام مؤسسة الإقراض الزراعي وتحديداً في سبعينات القرن الماضي أن صلت ديون أحد الشخصيات المتنفذة آنذاك إلى نصف مليون دينار ، وكان هذا المسؤول يرفض تسديد ديونه، فما كان من ” أبو عودة ” إلا أن قابل جلالة المغفور له الملك حسين وقدم له استقالته، لأن المؤسسة ستصبح عاجزة عن القيام بدورها إن لم يقم بتسديد ديونه، فرفض الملك الراحل استقالته فعاد عنها بعد أن تم سداد دين تلك الشخصية.
تم تكريمه رحمه الله بمنحه وسام النهضة من الدرجة الثانية ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى وقد رحل الى الرفيق الاعلى 2003 تاركا ارثاَ خالدا من المجد والسمعة الطيبة والنزاهة والامانة التي قل نظيرها.