فيلادلفيا نيوز
يتجلى بالممارسة اليومية، و بالتعاطي مع المجال العام، وفي الميدان، يوما بعد يوم، ان تحدي الادارة الحكومية لا يكمن فقط في مناصب القيادات العليا او حتى الوسطى، بل يمتد ايضا الى المواقع الامامية و الصفوف الاولى. حيث يتخذ هولاء القادة في المواقع الامامية قرارات، او يفسرون قرارات، بشكل لا يخدم المصالح العليا لا بل يقضم من رصيد الحكومة (و الدولة) في الميدان و بشكل فعلي و محسوس.
ان افتقادنا الى منظومة واضحة ومحددة لفرز القيادات المدنية و الامنية و تعيينها في المواقع ذات التماس المباشر مع الناس و مصالحهم اليومية على ارض الواقع يعرض ثقة الناس في الحكومة الى الزعزعة. فالقائد الميداني يمثل السلطة العليا، و في احيانا كثيرة السلطة النهائية بشكل عملي. فحكمه على الامور هو الحكم الاول و الحاسم و النهائي. نظريا، يمكن للمتضرر متابعة الامر من خلال قنوات رسمية اخرى، و لكن يندر حدوث ذلك واقعيا و لاسباب موضوعية كثيرة. و هنا تتراكم الاخطاء و تصبح نهجا، و تتحمل الدولة وزر هذه الاخطاء عبر الاخلال بمصداقية الحكومات المتعابقة التي لم تولي قادة الخط الاول الاهتمام، و الذين هم سفراؤها عند الناس و خاصة في المناطق البعيدة عن مراكز التخطيط و صنع السياسات العامة.
يتندر المسؤولؤن عادة بان الشعب الاردني مصاب الى حد الهوس بمتابعة التعيينات الحكومية و باهتمام الناس بتفاصيل التعيينات و على جميع المستويات. سبب ذلك ليس المبالغة في متابعة التفاصيل بل لعلم المواطن الاردني في وعيه الجمعي ان الترهل الاداري، و حتى الفساد المالي، ليس سببه مؤسسات او حتى مجموعة كبيرة من الاشخاص، بل فرداً او عدد من الافراد في اماكن ذات نفوذ بغض النظر عن المستوى الاداري. اضافة الى ان التعيينات غير المعتمدة على معايير الكفاءة تشيع اجواء الاحباط و التظلم بين الناس. و خصوصا في الصفوف الامامية حيث يكون التماس مباشرا.
التنمية الاجتماعية و الاقتصادية المستدامة ليست خططا و افكارا تعرض في الاجتماعات ذات المستوى المرموق فقط. بل يقتلها من يترجمها على الارض من غير ادراك. انقذوا المواطن و اصحاب العمل و المستثمرين من اخطاء قيادات الصف الامامي باعتماد منظومة واضحة لاختيارهم و تأهليهم و تقييم اداؤهم.