الجمعة , سبتمبر 20 2024 | 9:35 م
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / المحامي معن عبد اللطيف العواملة يكتب: رحيل رجل دولة

المحامي معن عبد اللطيف العواملة يكتب: رحيل رجل دولة

فيلادلفيا نيوز

و ها قد ترجل فارس اخر من رجالات الدولة المعدودين، عميد الساسة القدماء، دولة زيد الرفاعي، و هو سليل اسرة وطنية متفردة خدمت الاردن منذ عهد الملك المؤسس عبد الله الاول. رحم الله ابا سمير، رجل السياسة الوطني و الجندي الاردني، الذي تتلمذ على ايدي الرعيل الاول، و تشرب معنى الدولة منذ نعومة اظفاره الى اخر حياته. سيرته الحياتية و المهنية حافلة بالشواهد و العبر، فهو مدرسة في مفهوم رجل الدولة المترفع عن الصغائر، الممعن في فهم الاردن و العالم، المدرك لمعنى الوطن المتسامح و المتنوع، و المؤمن باهمية بناء مؤسسات مستقرة و اعراف اصيلة في العمل العام. 

زيد الرفاعي من رجالات الاردن المخلصين العارفين لحقيقة الارث الاردني و فلكه العربي، و تأثيراته العالمية. خدم وطنه و ملكه بولاء و رزانة لاكثر من ستة عقود في مواقع استراتيجية مليئة بالاحداث و التحولات. لم يكل و لم يمل، و لم يتقلب، بل بقي راسخا في ايمانه بالوطن بالرغم من المحن السياسية التي لحقت به شخصيا. لم يتلون و لم يتذبذب او يتذمر. كان حتى اخر لحظة في حياته ايجابيا مؤمنا بالوطن و شاكرا لفضله و مدافعا عنه في كل المحافل.

زيد الرفاعي رجل دولة لانه لم يحمل حقدا لاحد و لم يكن اقصاء الاخرين من شيمه. بل كان جامعا مساندا للمبادرات الوطنية و العمل السياسي المنتج. حتى عندما مر بمحنة شخصية و سياسية عميقىة في نهاية الثمانينيات شهد خلالها الاردن مرحلة صعبة وشائكة و اليمة، لم يتهرب من المسؤولية و لم يبحث عن اكباش فداء. عارضته غالبية الناس و بشدة حينها، و سواء اتفقنا على ذلك او اختلفنا، فقد بقي هو شريفا في الخصومة و صابرا على المتاعب، عفيف اللسان، متسامح و صاحب ولاء عميق للدولة و الوطن. لم يهاجر و لم يهاجم، و لم يشكل احلافا او يعزز خلافا. هذه سمات رجال الدولة على اختلاف مشاربهم، و ما احوجنا اليوم الى هكذا مدارس.

كان رحمه الله جنديا امينا لجلالة الملك الحسين رحمه الله، و من بعده لجلالة الملك عبد الله الثاني، اطال الله في عمره. قام بالمهمة الوطنية تلو الاخرى باخلاص و هدوء و استحق الثقة الملكية في كل مرة و بامتياز. كان شديد الحرص على تأدية المهام، و الحفاظ على مكتسبات الدولة و المحافظة على هيبتها. قال عنه معالي عدنان ابو عودة: الامناء على اسرار الدولة في عهد الملك حسين رحمه الله هما الزيدان، بالاشارة الى سمو الامير زيد بن شاكر و دولة زيد الرفاعي. رحم الله ثلاثتهم، فهم مدرسة في ادارة الدولة، و في سيرتهم مخزون هائل من اصول و علوم العمل العام. 

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com