فيلادلفيا نيوز
أكد خبراء عالميون ومتخصصون في سياسة الحد من المخاطر على أهمية الابتكارات منخفضة المخاطر في تطوير مسار القضاء على التدخين وما تنطوي عليه ممارسته من تبعات سلبية. جاء ذلك في قمة السجائر الإلكترونية 2024 التي انعقدت مؤخراً في واشنطن، في الوقت الذي يشهد تغييراً في طريقة النظر إلى المنتجات البديلة، من قبل مؤيديها ومعارضيها ومن بينهم الأكاديميين، للسماح بتداولها وترخيصها طبياً.
وتميزت القمة لهذا العام بتحول مناقشاتها التي تركز في الغالب على الشباب، إلى النظر في الاحتياجات والتحديات الصحية التي يواجهها المدخنون البالغون والذين يعانون من أمراض مرتبطة بالتدخين في مرحلة مبكرة.
وكانت القمة قد استعرضت لتقارير ومقالات نشرتها عدة مجلات طبية رائدة في الأشهر الأخيرة لتسليط الضوء على النتائج الإيجابية لتبني المنتجات البديلة في المساعدة على الإقلاع عن التدخين.
وفي كلمته الافتتاحية، أشار مدير معهد البحوث والسياسات الصحية في جامعة إلينوي، روبن ميرميليستين، إلى الحاجة للتعرف إلى وجهات النظر المتنوعة حول الابتكارات المنشودة لتمكين المدخنين من التوقف نهائياً عن استهلاك السجائر القابلة للاحتراق، ومناقشتها، وللأخذ بأبحاث علماء القطاع الخاص المصرح لهم بذلك.
وخلصت القمة التي ناقشت اتجاهات استخدام السجائر التقليدية والسجائر الإلكترونية في أمريكا، ومن أبرزها انخفاض استهلاك السجائر بين البالغين في منتصف العمر، بالتزامن مع زيادة تدخين السجائر الإلكترونية، إلى أن التوقعات بشأن الاتجاهات المستقبلية غير دقيقة أو غير كاملة لعدم أخذها التأثير المحتمل للمنتجات البديلة، وهو ما لا يسمح بالوقوف بالكامل على المشهد المتغير لاستهلاك منتجات التبغ، بالرغم من التوقعات بأن تحل هذه المنتجات كبدائل أفضل للسجائر التقليدية في السنوات القادمة.
ودعى المشاركون لطرح الحقائق العالمية ولمواصلة هذا النهج في القمم المقبلة، كون غالبية الموارد والنقاشات حول السياسات العالمية تتبلور من خلال وجهة نظر أمريكا، كما دعوا للاستفادة من تجربتها باعتماد استراتيجيات ومنتجات بديلة، في خفض نسبة التدخين في دول كدول الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية والصين وإندونيسيا التي تسجل معدلات تدخين عالية بين الرجال، أو كأنحاء أوروبا الشرقية والدول الجزرية الصغيرة التي تسجل معدلات تدخين تتجاوز 20% بين النساء فيها، وهي المعدلات التي كانت تسجلها أمريكا منذ 40-50 عاماً.
وناقشت القمة مدى الاستفادة من أكياس النيكوتين التي قد تكون أقل خطورة – في حال تبنيها – في المساعدة على القضاء على حالات السرطان التي تشهدها أنحاء جنوب أسيا ، والنظر إلى أن ذلك كهدف قابل للتحقيق.
وقد تطرقت القمة للحديث حول الوضع القائم بالاستمرار في اعتبار قضايا الشباب أولوية، بالرغم من أن استخدام الشباب للمنتجات العاملة بالتبخير منخفض جداً، ولا يوجد دليل قاطع يوضح أنه يؤدي إلى البدء في استهلاك السجائر التقليدية.
وقد قدمت القمة العديد من الأدلة والتقارير المتعددة التي تشير إلى أن المنتجات البديلة هي الأداة الأكثر فعالية للإقلاع عن التدخين، والتي تشير أيضاً إلى أن الاستخدام المزدوج يمكن أن يقلل من المخاطر الصحية العامة مقارنة بتدخين السجائر التقليدية فقط.
ومن جهته، أكد سكوت شيرمان من جامعة نيويورك، بأن الهدف الأساسي لمكافحة التبغ هو الوقاية من الأمراض التي يسببها التدخين، مبيناً أن حوالي 70% من الأشخاص يواصلون التدخين حتى بعد تشخيص إصابتهم بحالات صحية خطيرة، ومشيراً إلى إمكانية استفادة هؤلاء المرضى من التحول للمنتجات البديلة كوسيلة للإقلاع عن التدخين، وإلى نتائج الدراسة التجريبية المصغرة الواعدة، والتي قارنت استخدام السجائر الإلكترونية مع العلاج ببدائل النيكوتين لدى مرضى يعانون من أمراض مزمنة، مع الدعوة لإجراء دراسات أكبر.
وغطت القمة مراجعة كوكرين التي قارنت مجموعة من التدخلات، والتي أظهرت بأن السجائر الإلكترونية والعلاج ببدائل النيكوتين ودواء السايتيسين أقوى دليل على فعالية الإقلاع عن التدخين مقارنة بالأدوية والتدخلات الأخرى، مشددة على الحاجة إلى مزيد من الدراسات عالية الجودة خاصة في البلدان التي ترتفع فيها معدلات.
وناقشت القمة أيضاً فوائد استخدام المؤشرات الحيوية لإثبات آثار التحول من استهلاك السجائر التقليدية إلى خيارات المنتجات البديلة منخفضة المخاطر على النتائج الصحية، كونها تسمح بتقييم أكثر دقة للتعرض وتحديد النتائج في وقت مبكر.
وقد ناقشت القمة آراء الجهات الناظمة والمشرعين وقادة الصناعة والأكاديميين حول تبني المنتجات البديلة على نطاق أوسع كوسيلة فعالة للإقلاع عن التدخين.
وذكرت نانسي ريجوتي من مستشفى ماسيشيست العام، خلال القمة، أن ممارسات الأطباء لها تأثير واسع النطاق على مرضاهم وعلى السياسات، داعية الأطباء للبدء بتقديم النصح الصادق للمرضى من المدخنين لتجربة المنتجات البديلة.
وانطوت القمة على جدلية، بينت ضرورة العمل المشترك بين مركز منتجات التبغ التابع لإدارة الغذاء والدواء، ومركز تقييم وأبحاث الأدوية لوضع استراتيجية أكثر فعالية.
وبرزت خلال القمة ضرورة فصل تأثيرات النيكوتين عن تأثيرات الدخان القابل للاحتراق، لأهمية ذلك في الترخيص الطبي المستقبلي وتنظيم استخدام النيكوتين، مستشهدة بدراسة حديثة أجرتها ياسمين خوجا وزملاؤها، باستخدام بيانات البنك الحيوي والتوزيع المندلي العشوائي متعدد المتغيرات، وهي التي بينت أن معظم مخاطر التدخين لا علاقة لها بالنيكوتين، مقدمة رؤية لتطوير الاستراتيجيات التنظيمية وأملاً في إجراء أبحاث مستقبلية حول الفوائد المحتملة للنيكوتين لحالات مثل مرض باركنسون.
وسلطت القمة الضوء على العلاقة بين زيادة تدخين السجائر الإلكترونية وانخفاض معدلات التدخين بين البالغين في المملكة المتحدة ونيوزيلندا، على غرار الاتجاهات السائدة في أمريكا، مع التطرق إلى نمط الاستخدام المزدوج الذي اتبع نفس المسار لدى تقديم العلاج ببدائل النيكوتين منذ سنوات، والذي يمكن اعتباره بمثابة طريق انتقالي للتوقف النهائي.
ويتضمن التشريع الذي اقترحته المملكة المتحدة حظراً على السجائر ذات الاستخدام الواحد، وضريبة جديدة على السائل المستخدم في السجائر الإلكترونية، مع تدابير للحد من الجاذبية لتدخين السجائر الإلكترونية بالنسبة للأطفال بطرق تمكن البالغين من الوصول إليها، ومناهج تدعم الترويج للمنتجات البديلة المحتوية على المزيد من الميزات السريرية والقائمة على الحقائق العلمية والسياسات الأخرى التي تنظم بما يتناسب مع المخاطر.
وكانت معدلات التدخين بين البالغين في نيوزيلندا وأستراليا متشابهة لسنوات عديدة، ولكنها انخفضت في السنوات الخمس الماضية في نيوزيلندا بسرعة أكبر لاختلاف السياسات والرسائل حول التدخين الإلكتروني في البلدين.
وبحثت القمة في قضية المعلومات الخاطئة المنتشرة، خاصة حول السجائر الإلكترونية والنيكوتين، والتي ساهمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في بثها، والتي قد تتفاقم نتائجها السلبية مع استخدام روبوتات الدردشة المبرمجة، كما بحثت في الحاجة للتعاون مع علماء الكمبيوتر لتطوير أساليب تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمكافحة المعلومات الخاطئة.
ودعت القمة في ختامها إلى ضرورة تطوير قمم مماثلة لمناقشة موسعة حول الحد من مخاطر التدخين، لاستكشاف طرق جديدة للقضاء عليه ، وتعزيز الدراسات المقارنة والفهم الأفضل لاستخدام المستهلكين للمنتجات منخفضة المخاطر، وتوفير منصة لمناقشات السياسات التي تشمل شرائح أوسع من المستهلكين والشركات المبتكرة، مع وضع متطلبات ومصالح المستهلكين أولاً، وتحفيز الابتكار لتحسين الصحة، وإنهاء مقاطعة علماء الصناعة لإشراك الجميع في إحراز التقدم المنشود.