فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ
فيلادلفيا نيوز
نحن الشعب الموسوم بحب النسيان، وتجاوز أخطاء من تولوا أمورنا، لا حول لنا ولا قوة، إلا إننا سنخبر الله بما يحصل لنا، يا أمير إن الله يسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، فشكواك وشكوانا قد وصلت مسبقا.
يا أمير دعني أخبرك من نحن وأنا أعلم أن الحياة لم تمنحك الفرصة لتعيش معنا، وتصبح على ما نحن عليه، فقد يكون ما كتب لك في عالم الأقدار ألا تعيش مأساتنا وألا تثقلك همونا فنحن الشعب الصامت على هذه الأرض، نترنم ونتغنى على وعود رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع، أتعلم يا صغيري أننا رضينا أن يتولى شؤوننا ثلة مارقة تقرر مصيرنا ومصير أبنائنا وأرضنا فلا نحن جازعين ولا نحن هارعين فالقوم استحكموا فينا حتى بتنا مجرد رقم لا قيمة له، نتحرك حسب معادلاتهم التي يخطّونها فالشعب “سين” و “صاد” متحركات حسب ما تقتضيه مزاجية وإرادة المسؤول، والأنكى من ذلك يا صغيري أننا في معادلتهم قيمتنا صفرية، لا جدوى ترتجى منها.
أمير، أعلم أنك ستخبر الله ولكن أعلم أن جل الشعب سيخبر الله وهو العالم بحاله، سنخبر الله أننا في زمن حكومات الدجتال و نهج اختيارها، لم نعد نقوى على أن نقول للفاسد أنت فاسد فشُرّعت القوانين وسُنّت الأنظمة لتعاقبنا إذا اشتكينا أو تكلمنا عن أي شخص أو جهة أو استفسرنا عن أي شيء في البلد فقانون اغتيال الشخصية والتشهير يقف بالمرصاد لنقدنا وانتقادنا .
يا أمير سنخبر الله إننا نعيش في الألفية الثانية من القرن الواحد العشرين، ونحتفل بمئوية الدولة وأن نسب البطالة بين صفوف الشباب قد تجاوزت الخمسين بالمئة، وإننا إن خرجنا نطالب بحقنا بالعمل كما عمل أبناء ذيبان و حي الطفايلة وغيرهم من مناطق الأردن سيتم اتهامهم بالإرهاب وتقويض نظام الحكم .
سنخبر الله إننا شعب صمت على بيع موارده، وصمت عن خصخصتها، وتحويل أموال البلد إلى ملاذات آمنة، لم نستفد منها شيء وإن صاحب برنامج الخصخصة يقبع الآن في السجن بتهمة محاولة الانقلاب .
يا أمير نحن بلد منتج فاحتفلنا باستخراج قنينة بترول وقدمنا هذا الإنجاز إلى رئيس حكومتنا الذي لم يخف إعجابه وابتسامته من هذا الكم الغزير من الانتاج . أتعلم يا صغيري إننا شعب مورس عليه كل آليات التزوير وطرقها، أتعلم أن في دستورنا نص يخولنا أن نكون مصدر السلطات، ولكن لا نملك أن نطالب بحقنا لعودة السلطات لنا، فمنذ رفع الأحكام العرفية تزور إرادتنا لانتخاب من يمثلنا، ولا نحرك ساكنا حتى إننا أقمنا عرسا ديمقراطيا شارك به ٢٩% من عدد السكان الذين يحق لهم المشاركة .
أتعلم يا صغيري يبدو إن الله اختارك لجواره حتى لا تعيش في براثين قانون الدفاع الانتقائي الذي أهلك العباد ودمر البلاد . أتعلم يا صغيري أن رئيس حكومتنا قد افتتح الجناح الأردني في معرض “إكسبو” وأن موظفين الجناح لا يعلمون أن رام الله إحدى مدن فلسطين المحتلة و بأنها من مدن الأردن وأن آخر يقول: إن الثورة الكبرى هي حرب عربية كبرى حدثت في سوريا وانتهت في اليمن .
اعلم يا صغيري أنك ستجد أمامك مجموعة من أقرانك سحبهم السيل حتى قضى أجلهم وأن الحكومة أقالت المسؤول عن هذه المأساة و عينته سفيرا. واعلم أنك ستلقى شهداء مستشفى السلط الذين انقطع عنهم الأكسجين وأن وزير الصحة المكلف قد وعد بإنشاء مصنع الأكسجين و هو مازال لم ير النور .
اعلم يا صغيري أننا لا نقوى على تغيير شيء ولا نملك أي شيء، فمنذ أن أطلقت ندائاتك عبر الأثير لم نلتفت لها بل أصبحنا نتداولها الآن بعد أن قضى الله أمراً كان مفعولا .
لا عليك يا صغيري ففي الأردن الكثير الكثير ممن يحتاجون إلى أن يحصلوا على حقوقهم و إننا سنشهد مأساة جديدة و لا نملك إلا أن نكتب عبر السوشال ميديا و قنوات التواصل الاجتماعي و سنتباكى و نشجب و نستنكر ثم ننسى و نخرج لنهتف لمن أذاقنا الأمرين …
حفظ الله الأردن و شعبه العظيم .
