فيلادلفيا نيوز
وكما هي العادة أيها السادة تُحاول البطريركية المقدسية تجميل نفسها من خلال إصدار البيانات المضللة والحلقات النقاشية والتي تحمل في طياتها ما هو بعيد كل البعد عن الحقيقة ، تُحاول على الدوام أن تظهر نفسها وكأنها الحمل الوديع البريء من كل عيب.
فقد أطلت علينا البطريركية قبل أيام وعلى شاشة الميادين ومن خلال برنامج أجراس المشرق مثّلها أحد ضيوف الحلقة ومن أهم أبواقها المشهود له بولائه القوي لرئاسة البطريركية العنصرية وذلك نتيجة ما يربطه بها من علاقة وثيقة كونه ممثلها في مجلس الكنائس العالمي وهو ولاء تاريخي منذ أيام البطريرك اليوناني ذويوذروس.
بدأ حديثه بأكبر جملة مخادعة وأكذوبة تعيشها كنيستنا المعذبة ، حيث ادعى أنها كنيسة وطنية وهذه ‘حقيقة’ ولكن هل يُعقل أن تكون هذه الكنيسة الوطنية واقعة تحت نير استعمار عنصري بغيض من قبل الرهبان اليونان منذ العام 1534! كنيسة وطنية برئاسة غرباء ليسوا من أبناء الأرض! وبدلالة أن أعلام دولة اليونان تُرفع فوق مقر البطريركية وأديرتها وكنائسها؟ فكيف تكون كنيسة وطنية ؟! فإن كانت كنيسة وطنية فليرفع علم البطريركية لوحده فوق كنائسها وأديرتها ولا شيء سواه! وأيضاً أي كنيسة وطنية لا تحترم تنفيذ قانون الدولة الذي تحتكم بأمره ؟! أي عقلٍ هذا يُصدق هذه الكذبة!
ولتكتمل التمثيلية، يكمل المنتدب حديثه بمغالطات تاريخيه تتعلق بوطنه الأم حيث يقول مشيراً إلى صفقة رحافيا عام 1951 ولكي تحافظ الكنيسة على جزء من هذه الأراضي التي كانت مهددة بالاستيلاء عليها لإقامة الكنيست وبيت رئيس الوزراء قامت البطريركية بتأجير الأرض للحفاظ عليها ، ولتبيان الحقيقة التاريخية للمتابعين نورد أنه في العام 1955 فقط صادقت لجنة مجمع مباني الحكومة على رصد تلك الأرض المستأجرة لبناء الكنيست حيث وُضِعَ حجر الأساس لمبنى الكنيست الحالي في 14 أكتوبر 1958; وتم تدشينه في 30 أغسطس 1966. ما بين السنوات 1950 وحتى 1966 عقدت الكنيست جلساتها في ‘بيت فرومين’ في القدس.
ثم يدّعي هذا المنتدب بأن المدعو بطريركاً قد تجرأ خلال المؤتمر المشؤوم والذي عقده في دار مطرانية الروم الأرثوذكس في العاصمة عمان على تصحيح ما كان خطأ في الماضي منذ العام 1951 من خلال شن هجوم على دولة إسرائيل بأنها تُصادر الأراضي الكنسية بموجب قوانين وضعية خاصة مما استدعى حضور بعض قناصل دول أوربية ‘ . أما الحقيقة الجلية فهي أن مقر البطريركية بعد نكبة عام 1948 بقي تحت الحكم الأردني بعد احتلال إسرائيل للقدس الغربية وانقطع التواصل بين شطري المدينة فكان للقنصل اليوناني دور الشاهد والمصادق على صحة العقود والتواقيع، مما يمنحها شرعية قانونية كعقود إيجار لها شروطها الواضحة والمفصلة كون تلك العقود قد وقعت مع صندوق إقامة دولة الاحتلال الصهيوني.
أما بما يتعلق بخدعة أن أراضي الكنيسة في فلسطين كانت مهددة بالمصادرة فهذا غير صحيح إطلاقاً، حيث لم يتم الاستيلاء على أوقاف الكنائس المسيحية ، ولو كان ادعاؤه صحيحاً أو على الأقل في قضية صفقة رحافيا، لما لجأت الحكومة الإسرائيلية لتمويل العقد المزور من خلال وزير ماليتها عام 2000 م ، والذي صدر قرار الحكم في عدم شرعية ذلك العقد عام 2013. وهنا نتساءل إذا كانت الحكومة الإسرائيلية هي المعنية الأولى والأخيرة والمستفيدة الوحيدة، فلمصلحة من يتم قلب الحقائق الثابتة وتضليل الرعية والرأي العام؟
ثم يعترف هذا المنتدب بأنه قد تم تسريب أراضي من قبل رئاسات روحية سابقة وهنا بيت القصيد ، إنه في حينه آنذاك كانت الرئاسات الروحية وأبواقها تنكر وجود عمليات بيع وكان هو آنذاك جزء من هذه المنظومة ، وما هي إلا مجرد وقت لتثبت رئاسات روحية لاحقة بحقيقة عمليات البيع سابقاً! وأما الصفقات التي وقعها المدعو بطريركاً فسرعان ما كان يتم افتضاحها لهول حجمها ولما تحمله من شبهات ونزاعات بين الأطراف نفسها لتنتهي بفضائح رفع القضايا في المحاكم ومن خلال الإعلام!
ثم يعترف هذا المنتدب من قبل الرئاسة الروحية ويؤكد عملية البيع مبرراً بعدما أنكر نفسه لمراتٍ ومرات بعدم بيع الكنيسة لأي عقار أو تفريط بأي من ممتلكات الكنيسة وهذا تحول واضح في الموقف بعدما فُضِح الأمر وبانت الحقيقة بأن الرئاسة قد أقدمت على بيع مقدرات وأوقاف كنسية ذات قيمة سياسية وثروة قومية حتى بتعبير الإسرائيليين أنفسهم .
ثم يقول بأن في العام 2005 تم انعقاد المجمع المقدس وتم عزل البطريرك السابق إيرينيوس وهي سابقة تاريخية في كنيسة القدس بعدما تم إثبات تفريطه بباب الخليل دون العودة للمجمع المقدس ! وهنا الطامة الكبرى لمن انتدبته البطريركية بأن يتحدث باسمها بأنه لا يعرف تاريخ كنيسته والكثير من الأحداث التاريخية حيث تم عزل البطريرك ذميانوس في العام 1908 من قبل المجمع المقدس وذلك لتعاطفه مع أبناء الكنيسة من الوطنيين متهمين إياه بمخالفة قوانين الكنيسة أنداك، مما أدى إلى موجة احتجاجات ومظاهرات من قبل أبناء الرعية وتم إعادته بعد 15 عاماً من الاحتجاجات لأبناء الرعية قابلها رشاوي وشكاوى من قبل الرئاسة الروحية للباب العالي! أي في العام 1925 تم إعادته وبقي بطريركاً حتى وفاته في عام 1935، في حين يتناسى المتحدث باسم البطريركية بأن المدعو بطريركاً للكنيسة المقدسة حالياً قد فرّط بقائمة هي الأطول من أوقاف الكنيسة وموروثها من خلال إعادة التأجير والحكر. وكان هو ومجمعه أول بطريرك يجرؤ على البيع الكامل كما حصل في صفقة رحابيا وطبريا ويافا وقيساريا والرملة، حيث تحول اسم المالك لتلك الأوقاف من بطريركية الروم الأرثوذكس إلى جهات استيطانية وشركات أجنبية مجهولة الهوية مسجلة في جزر الكاريبي. ولم يحرك هذا المنتدب الذي قاد النضال عام 2005 لعزل البطريرك ايرينيوس الذي لم يوقع بنفسه على صفقة باب الخليل، ولم يحرك ساكناً أمام التنازل الكامل لملكية آلاف الدونمات التي بيعت بيعاً كاملاً، لا حكراً ولا تأجيراً طويل الأمد، بل جلس مستهزئاً وموزعاً ابتساماته العريضة أمام كاميرات الميادين مشبهاً تلك الصفقات بعصر ما يمكن عصره من الليمونة المعصورة بحسب وصفه ، وهل يُقبل بأن تشبه الأوقاف الكنسية بالليمونة؟!.(already)
وفي محاولة لإقناع المشاهدين والمتابعين لتصديق تضليله وليعطي انطباعا بأنه مطلع تماماً بكل ما يدور يحاول دعم تضليله بذكر بند من بنود الاتفاقيات الموقعة وهو البند 11 سي دون تحديد الاتفاقية التي يتكلم عنها، ولإظهار الحقيقة كان يشير إلى اتفاقية عام 1951 والمتعلقة ب 105 دونمات، أما اتفاقية 1952 والمتعلقة بما يقارب 400 دونم فلم يُشر إلى شرط التمديد في البند 11 ف وهو إمكانية المستأجر بالتمديد لمرة واحدة فقط لفترة أقصاها 49 سنة كحد أقصى على أن يحتسب الإيجار بناء على أن الأرض وما عليها من مبان ومنشئات تصبح مُلكاً للبطريركية عند التوقيع على عقد التمديد، علماً بأن الإيجار السنوي عندها سيكون أضعاف قيمة صفقة البيع، وبحيث يتم التفاوض بين الطرفين على قيمة الإيجار وإن لم يتفقا، يتم التوافق على محكم مقبول للطرفين، وفي حال فشل الوصول لاتفاق تعين محكمة العدل العليا مُحكماً يأخذ بعين الاعتبار المعطيات التي ذُكرت سابقاً حول تحديد قيمة الأرض وما عليها. وهذا ما أخفته البطريركية وأخفاه المدافع الشرس، وهنا قد ناقض نفسه أيضاً عند تخويف المتابعين للحلقة من هذه المحكمة والتي هي نفسها راهن ويراهن عليها المدعو بطريركاً في مؤتمره الصحفي في عمان حول استئناف قرار باب الخليل أمامها.
وبحسب ادعاءاته بأن المدعو بطريركاً قد استرجع 10 دونم في الطور والمقصود كما يُفهم من هذا التصريح الذي سبق وأعلنته البطريركية أراضي أبو طور ، وأنه قد دفع مبلغ 15 مليون دولار لتحريرها ليكتشف أنها قد تم تحكيرها إلى شركة إسرائيلية وأن هذا المبلغ قد دُفع لتسديد ضرائب البيع كما تُشير وثائق الطابو.
تناسى المنتدب تعهد المدعو بطريركاً لوزير الداخلية الأردني عشية انتخابه بدعوة المجلس المختلط للانعقاد خلال أسبوع من اعتراف حكومة المملكة الأردنية الهاشمية به، ونذكره أن كتاب تشكيل المجلس المختلط قد صدر بتاريخ 3/5/2017، أي بعد 12 عاماً من اعتلائه سُدَّة العرش البطريركي أنجز خلالها أكبر عملية تسريب لأراضي وأوقاف الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية كما لم يجرؤ أي بطريرك سابق أن يعمل.
ثم يعترف بأن هناك ترهل إداري كبير في البطريركية وأن المدعو بطريركاً يقوم حالياً بالإصلاح ! بعد 12 سنة لاحظ المدعو بطريركاً بأن هناك خلل إداري !
ويُضيف لاحقاً نافياً ما ادعاه أنه لا يوجد بيع، أن المالك هي شركات أجنبية واستعد ليُخبر مقدم الحلقة عن أصحابها لاحقاً وكأن أبناء الرعية لا حق لهم بمعرفة من هي الشركات القابعة في جزر الكاريبي وخاصة بعد صدور قرار محكمة باب الخليل لصالح ثلاث شركات مسجلة في تلك الجزر وقفت وراءها جمعيات استيطانية. وهنا نُعيد السؤال لمن تعود هذه الشركات ومن هم أصحابها ومنذ متى تعقد مؤسسة دينية صفقات بيع عقاراتها وأوقافها إلى شركات وهمية مسجلة في جزر الكاريبي حيث يحفظ القانون هناك سرية مالكيها! أما التخويف والتهويل من مشروع القرار الذي تبناه 40 عضواً في الكنيست فيُشير وبوضوح لمصادرة كل العقارات التي تم بيعها منذ العام 2010 لتصبح أملاكاً للدولة وتعويض تلك الشركات بقيمتها الحقيقية ويُعطي الحق لتلك الشركات بالاعتراض على قيمة التعويض. وهكذا تُصبح تلك العقارات مُلكاً للدولة وتستفيد تلك الشركات الخاصة بمبالغ خيالية وتبقى الكنيسة وأبناؤها هم الخاسرون الوحيدون في ظل ما وصفه ذلك المنتدب بأن البطريركية تتبع طريقة جديدة من خلال بيع أو تأجير الأوقاف لشركات أجنبية ما زالت مجهولة لها علاقات مميزة مع البطريركية.!
ولا يكتفي في دفاعه وتبريره هذا بل يؤكد على ما تدعيه البطريركية بأن 90% من الأراضي ليست وقفية بل هي تجارية اشتراها رُهبان وليست أوقاف أو تبرع من المؤمنين أو أبناء الرعية ، وهنا نسأل هل يسمح القانون لحامل الجنسية الأردنية أن يبيع أملاكه لجهات استيطانية إسرائيلية كما هو الحال في صفقة رحافيا أو جهات أجنبية كما هو الحال في صفقات قيساريا ويافا وطبريا؟ وهل البطريركية هي مؤسسة تجارية عقارية خاصة؟ ونؤكد أن الأرقام الواردة أرقاماً مضللة، حيث أن تلك الأوقاف لم تُشترى من قبل الرهبان اليونان بل هي أوقاف يتم منحها من قبل آباؤنا وأجدادنا للبطريركية للحفاظ عليها من السلط العثماني آنذاك، كما هي أوقاف أوقفها الحُجّاج الأرثوذكس وخاصة الروس الذين كانوا يحجّون إلى الأراضي المقدسة بعشرات الآلاف.
لقد آن الأوان وبعد أن افتضح أمر المدعو بطريركاً أن تكشف الحقيقة أمام كل أبناء الوطن. فهذه القضية هي قضية وطنية وليست قضية كنسية فقط.