فيلادلفيا نيوز
عمان – ياسر العبادي
لماذا يترأس جلالة الملك عبدالله الثاني جلسة طارئة لمناقشة التعيينات الأخيرة التي ضمت أشقاء نواب؟؟!، ويؤكد جلالته على أهمية التعامل بشفافية وعدالة مع أية تعيينات على أساس الكفاءة، ويشدد جلالة الملك على ضرورة أن تقوم الحكومة بشرح القرارات للمواطن اليوم وعلى الفور، وإعادة النظر في أي تعيين غير مستحق؟
هنا نطرح التساؤل الكبيرالموجه فقط إلى جلالة الملك عبدالله الثاني مباشرة : أوليس جاء الوقت لإعادة تطبيق القوانين بعدالة ومساواة في أهم حق من حقوق المواطن ألا وهو حقه في العمل في جميع مؤسسات الدولة وفي جميع الدوائر والوظائف الدنيا والعليا بحسب المؤهلات والكفاءات المتطلبة لإشغال هذه الوظائف، نعم هي جلسة طارئة من جلالتكم تؤكدون فيها هاجسكم القوي في الإصلاح والتدخل المباشرلإعادة الأمور إلى نصابها السليم، والذي يبدوا أن مؤسسات الدولة وشخوصها الذين ألقيت على عاتقهم مهمة تسيير الشأن العام يعملون وفق أهواءهم ومصالحهم الفردانية ويعيشون في منعزل وهمي خلق لحاشية تنعم في رغد حياة أبراج عاجية والشعب بكافة أطيافه أرهقته مهل إنتظار تغيير الحال.
فلماذا هذه الفوضوية في التعيينات العشوائية المبنية على المحسوبيات والشلليات واللوبيات ومن يصنع القرارات او يوعز او ينسب او يوجه لها وبهذه الصورة السلبية التي افقدت الشارع الأردني الثقة في المنظومة القانونية للدولة رغم وجود دستور يفترض أنه يستمد من السلطات التشريعية سلطاته والتي يجب أن يتم فيها تطبيقه وفق مبدأ فصل السلطات والتي للأسف يظهر التنفيذ العملي على عكس ما يجب أن يكون عليه إنفاذ القوانين وفق مسطرة منظمة ومحددة يخضع لها الجميع سواسية كأسنان المشط وتحقيق الرؤية الملكية وتوجيهات جلالة الملك فقط لا نريد أكثر ولا أقل.
لماذا هذا التوجه العام الذي يسيء للدولة ولإدارتها العليا في التعاطي مع مسألة التعيينات الغوغائية متسمة بروح السلطوية والتشبع بالفردانية والأنانية المسيطرة من قبل فئوية منذ زمن على واقع معاش أرهق الشعب وعمق الفجوة بين الشارع والسلطة وللشعب كامل الحق في ضعف ثقته بسلطاته إن لم تنعدم في أحايين أغلب، لا شك أن صراع الطبقات الإجتماعية يُضعف الامة و يُتيح مجالاً للإنقسام الإجتماعي وتوسيع الشرخ بين مكونات المجتمع الواحد، وأنعكاسه السلبي على المستوى الإقتصادي مما يؤدي إلى هشاشته وإنتكاسته وجموده وقد يؤدي إلى أزمة خانقة مما يؤدي إلي إلغاء مفهوم الحدود الوطنية وزعزعة الهوية الوطنية.
هنا سأسوق مثال واحد فقط على التردي الذي وصلت إليه مؤسسات القرار وإتخاذها إجراءات تعسفية وظلم وصل حد تشبيه الوضع العام بالعودة إلى زمن العبودية والطغيان، سأبدأ بديوان الخدمة المدنية والذي يفترض به أن تتم جميع التعيينات عن طريقه ولجميع أبناء الدولة على حد سواء، فلماذا عندما تحتاج الدولة لتعيينات معينة لا يتم الرجوع لقاعدة بيانات الديوان وبكل شفافية ولجميع الوظائف المطلوبة عليا او غيرها؟؟؟؟ هنا أسوق المثال الصادم فمنذ عام 1995، يقبع خريجي هذا العام تحت وطأة متى يتم إستدعاؤهم للتعيين والذين فقط أجروا إمتحان تنافسي إستباقي وهذا الإجراء التعسفي بطريقة وكيفية الإمتحان مذلة للمرشحين، فهل يعقل أن يسأل الممتحنون الذين إنهوا دراستهم في هذا العام أن يسأل عن أشياء لا علاقة لها بالتخصص أولا ثم أوليست نفس الشهادة للخريج هي ذاتها لمن تعين بعده وتخرج قبله بسنين أم أن هذا إعتراف مباشر بعدم أهمية الشهادات المكدسة لدى هؤلاء الشباب الذي أصبح يعاني الأمرين عبء شهادته التي أثقلت كاهله وأهله وعمقت أزمته النفسية، وقد نخسر فئات من هذه الطاقات الشبابية والوقوع في أحضان المغرضين والمغررين أصحاب الأجندات الخارجية ناهيك عن الإرهاب ومخاوفه الذين للأسف يملكون مقومات أغراءات يدمرون فيها زهرة شبابنا، في حين أنه يتم تعيينات بأي وقت ولأشخاص صنفوا فئات عليا وفجأة، والعادة يتم تناسي مثل هذه القضايا وتبرر تعييناتهم وبنفس الوقت يتم التشديد على تعيينات أبناء الشعب من الفئات التي أصبحت تسمى دنيا من الأغلبية الصامتة التي قد تثور كفوهة بركان في أي وقت.
يحيلنا صراع الطبقات في المجتمع الأردني المعاصر، بين تلك المُهيمنة والتي يُهيمن عليها، لفرض السيادة وجني المكتسبات التي أصبحت مكرسة لفئؤية مقيتة تعيدنا للقرون الإقطاعية فالثورة الفرنسية التي أنطلقت من “البورجوازية” مُعتبرة أن هذه هي اللحظة التاريخية حيث أطاحت الطبقة البورجوازية فيها بطبقة النبلاء ورجال الدين لإضطهادهم طبقة العمال، والذي بموجبه أضفت مفهوم الشرعية على البورجوازية لصالح الإنقلاب، وإستُبدل بالثورة الديموقراطية التي أقامها الشعب من أجل الشعب، ونجحت البورجوازية في إقصاء طبقة النبلاء عن السلطة عبر إلغاء إمتيازاتها من خلال وضع أسس دولة القانون التي هي أنموذج الحكم السائد اليوم في أوروبا وأميركا الشمالية، وتقوم على المساواة والمواطنة وإلغاء الإمتيازات، وربط المردودية بالعمل والجهد المبذول من قبل الشخص وأبسط حق له في التعيين وفق مبدأ العدالة والمساواة، لحفظ كرامة الإنسان والمواطن والذي يجب أن يكون مبدأ مقدسا يسري على الجميع على قدم المساواة.
في تحليلي لمفردات المجتمع الأردني فهو يمتاز بطبقة راقية متعلمة ومثقفة وتمثل النسبة الغالبة للمجتمع وهي القادرة على التغيير ولاأعتقد أنها ستبقى صامتة طويلا، الإ إذا أعيد للدولة هيمنتها على إحقاق الحق وتطبيق العدالة المنشودة في مجتمعنا الأردني ذو النسيج الوطني المتناغم والمتفهم والمتعلم ويتحمل تشوهات إسناد السلطات وإدارتها إلى الأشخاص الذين شكلتهم كولسات غياب دور لعب القانون دوره الحقيقي وتفعيل دولة القانون والحق التي يطمح لها كل وطني غيور على رفعة هذه الأمة وعودة دورها القيادي والنهضوي والتنويري في سبيل تغيير ثم تطوير الوطن.
هذه رسالتي إنطلاقا من واجبنا في طرح ما يجول بخاطرنا في حوارية مباشرة إلى قمة الهرم الذي بات وحيدا في حمل الهم الوطني ويطمح أن يقود سفينة آدم من شتى الأصول والمنابت إلى بر الأمان، وأدعوا الحكومة أيضا أن تأخذ تنفيذ واجباتها بعيدا عن إختلالات إتخاذ قرارات من خلال مطابخ صنع القرار المعتمدة على الشخصانية.
وختاما، إلإصلاح عملية تكاملية يؤكد عليها أعلى قمة الهرم وهذا الأهم، وعلى البقية أخذ دورها كل في مجاله وبمناسبة تعيين مدير خدمة مدنية جديد، يتوق المرشحين من المنتظرين أدوارهم في التعيين أن يصبح المعيار الوحيد هو الأقدمية في التعيين وإلغاء جميع الأسس الأخرى التي وضعت أساسا في لعبة بغيضة من قبل البعض لتكريس محافظتهم على التنفيعات، فهل تكون هذه الجلسة الطارئة من قبل جلالة الملك نهاية مرحلة الظلم والطغيان للغالبية الصامتة على الأقل رد الإعتبار لهم أنهم جزء من مكونات المجتمع وإعادة الأمل بإرادة الملك وفعله نحو التغيير المفضي إلى ثقة الناس بهيبة الدولة وهدم الفجوة التي جسدها حواشي ورتوش أساؤا لأنفسهم قبل أن يدمروا الأمن الإجتماعي والإقتصادي وضياع مقدرات وأمكانيات الكثير من شباب الوطن.
نعم لماذا يا جلالة الملك “جلسة طارئة تؤكد فيها هاجس إصلاح صراع الطبقية ؟! رغم أن الحل هو مجرد تطبيق مبدأ دولة القانون والحق والقواعد القانونية للدستورالأردني، ونظام موحد يطبق على الجميع في التعيينات كافة من خلال ديوان الخدمة المدنية وفي الوظائف التي تتطلب كفاءات محددة بموجب أختبارات علنية يخضع لها كل مواطن، ومحاسبة الفاسدين في هذه التجاوزات إن ثبتت بكل حزم حتى يصبح عبرة لمن يعتبر.