الثلاثاء , فبراير 25 2025 | 6:34 م
الرئيسية / كتاب فيلادلفيا / ( همسات الإنحدار ) ..إعادة اكتشاف القيم في زمن الفوضى الرقمية 

( همسات الإنحدار ) ..إعادة اكتشاف القيم في زمن الفوضى الرقمية 

كتب : آيه سلمان الحراحشه

في عصرنا الحالي، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ساحةً تجمع ملايين المستخدمين من مختلف الأعمار والثقافات، لكنها في الوقت نفسه أصبحت مرتعًا للجدل والصراعات اللغوية والسلبية. يُلاحظ بشكل متزايد أن كل حدث أو قضية تثير اهتمام العامة تقترن بإعصار و عاصفة من السب والشتم ، مما يعكس انحدارًا ملحوظًا في القيم والسلوكيات الاجتماعية.
ومن خلال رؤيتي للمشهد لاحظت أن من اهم الاسباب ( الانحدار القيمي ) عن طريق استخدام الهوية المجهولة حيث
تمنح منصات التواصل الاجتماعي المستخدمين شعورًا بالسرية والابتعاد عن الرقابة، مما يدفع البعض للتعبير عن آرائهم بشكل فظ وغير مسؤول. إن غياب الضمير يجعل الأفراد يميلون إلى استخدام لغة حادة للتعبير عن مشاعرهم السلبية، سواء كانت غضبًا أو استياءً.
أما السبب الثاني لهذا الإنحدار فهو ( الانقسام والتحيز )
يؤدي الانقسام الفكري والسياسي إلى تعزيز مواقف متطرفة، حيث يُفضّل البعض التصعيد على الحوار البنّاء ، مما يجعل البيئة خصبة لتنتشر الأفكار المتطرفة بسرعة على الشبكات الاجتماعية، وهذا يحفز المستخدمين على تبني مواقف عدائية تجاه من يختلف معهم.
مما يؤدي الى انتشار الشائعات والمعلومات المضللة مثل الهشيم بالنار لتلتهم الشتائم قيم الحوار والأخلاق ،
و يسهم تداول الأخبار غير الموثوقة والشائعات في خلق جو من الفوضى والتوتر، حيث يتم تأجيج الخلافات بدلاً من التركيز على الحقائق. هذا السياق يجعل الكثيرين يتصرفون بردود فعل عاطفية بدلاً من مناقشات موضوعية عقلانية .

كل هذا سيتسبب بتأثير على المجتمع ، حيث ( تآكلت ثقافة الحوار )
عندما تتحول المنصات الرقمية إلى ساحات للصراعات اللفظية ” ومنصات تناحر اجتماعي” وليس تواصل اجتماعي ، يفقد الحوار المتبادل بُعده الحضاري. يصبح النقاش ميدانًا للتجريح والهجوم بدلاً من تبادل الآراء بمرونة واحترام.
لذلك تنخفاض الثقة بين الأفراد و المؤسسات و تؤدي اللغة الجارحة والاتهامات المتبادلة إلى تفشي الشعور بالانقسام والعداء بين أفراد المجتمع، مما يعرقل فرص التعايش السلمي والتفاهم المشترك.
لما لها من تأثير نفسي سلبي على المستخدمون الذين يتعرضون لهذه الهجمات المتكررة لضغوط نفسية قد تؤدي إلى الاكتئاب والقلق، خاصةً إذا كانوا من الفئات الضعيفة أو المعرضة للتنمر الإلكتروني.

“ربَّ كلمةٍ طيبة أنقذت قلبًا، وربَّ كلمةٍ جارحة أهلكت روحًا.”

و من الواجب الأخلاقي والقيم النبيلة المتدة في جذورنا يجب وضع حلول لمواجهة هذه الظاهرة:
من خلال ( تعزيز التربية الرقمية منذ الطفولة و المراحل الدراسية ) :
يجب على المؤسسات التعليمية والإعلامية العمل على تثقيف الأفراد حول كيفية استخدام مواقع التواصل بشكل أخلاقي ومسؤول. إن تعليم مهارات التواصل الفعّال والرقمي يُعد خطوة أساسية في تغيير السلوكيات مما ينعكس على الفرد و المجتمع بشكل ايجابي .
(تحسين آليات الرقابة والإدارة واستخدام ادوات الذكاء الاصطناعي ):
حيث تلعب الشركات المالكة للمنصات الاجتماعية دورًا مهمًا في الحد من انتشار السلوكيات السلبية عبر تطوير سياسات واضحة للحد من التحريض على الكراهية والمحتوى المسيء. كما يُمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن التعليقات الضارة والتدخل بشكل سريع.

و ( تشجيع الحوار البناء ) :
يمكن للمجتمع أن يعمل على بناء ثقافة حوارية تُعلي من قيم الاحترام المتبادل والتسامح. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة من جميع الأطراف، سواء كانت مؤسسات، أفراد، أو حتى قيادات فكرية وإعلامية ، تتبع الأخلاقيات الإعلامية والقيادية .

في النهاية إن انحدار القيم على مواقع التواصل الاجتماعي ليس قضية فردية بل هو انعكاس لتحديات اجتماعية وثقافية أعمق. إن التغلب على هذه الظاهرة يتطلب وعيًا جماعيًا ومسؤولية مشتركة لإعادة بناء بيئة رقمية ترتكز على الاحترام والحوار البناء. من خلال تبني استراتيجيات تعليمية وتنظيمية فعالة، يمكننا أن نعيد لمواقع التواصل طابعها الإيجابي كوسيلة ايجابية للتواصل والتفاهم بين أفراد المجتمع .

#آيه_سلمان_الحراحشه #الأردن

 

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com