فيلادلفيا نيوز
نشأت الحلبي
وضعت أخي في السيارة وتوجهت مسرعا إلى أحد المستشفيات الحكومية لإسعافه بعد أن شعر بآلام شديدة ..
دخلنا إلى الطوارئ التي لم أر فيها أي مستقبل للحالات الطارئة كما في “الأفلام” كأن يكون أحدهم متهيأ على الباب مع كرسي متحرك مثلا .. !!
الطوارئ مكتظة والناس “فوق بعض” ..
توجهت إلى الطبيب وشرحت له بعجالة عن آلام أخي، وفي خلفية الصورة في “مخيلتي” أن يركض معي صوب أخي ويعاينه على عجل بتلك السماعة التي يحملها على عنقه .. كما في الأفلام أيضا .. لكنه قال لي ببرود أشعرني وكأنني في “المربعانية” : إبحث له عن سرير “خليه يتمدد وبمر عليه”!
لم يكن هناك أي سرير فارغ، وفيما أخي يتألم، لم يكن من حل أمامنا سوى إنتظار أحدهم ليخلي لنا سريره وكأننا ننتظر في “كوفي شوب” بعد الإفطار، ولربما كان علينا حجز سرير قبل الحضور!!
فرجت أخيرا وقام أحدهم، فركضت صوب السرير وحجزته، وتمدد أخي عليه، وتوجهت إلى الطبيب وطلبت منه أن يأتي ليعاين أخي “المتألم”، طلب مني بعض الإنتظار لوجود الكثير من المراجعين، وكغيري من مرافقي المرضى “المضطربين”، أخبرته أن الوضع لا يحتمل، فقال لي : شو أعمل .. شايف عدد الناس”!
تنهدت وانتظرت لأن لا باليد حيلة !!
أخيرا جاء الطبيب وعاين أخي ..
شرح لي الوضع، ثم أخبرني أنه بحاجة إلى دواء وهو غير متوفر في المستشفى وكتبه لي وطلب أن أحضره من الخارج للضرورة ..
هنا تخيلت لو أنهم يوفرون خدمة توصيل مجاني للدواء بالاتفاق مع الصيدليات الخارجية تسهيلا على المراجعين مع أن هذا مشهدا لن تجده بأي فيلم !!
ذهبت وأحضرت الدواء الذي يعطى بالحقن .. لكنني لا أخفي حجم ذلك الغضب الذي تولد في نفسي، فكل ما مر معي زاد في إحتقاني شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى عدم توفر الدواء، فعل يعقل هذا في مستشفيات الحكومة التي يجب أن توفر للناس كل شئ خصوصا لغير المقتدرين منهم، فما حال من لا يمكن أن يشتري الدواء من خارج المستشفى؟!
لم أرد أن أجادل أحدا، لكنني رأيت أحدهم متأنقا ويشرح لمن بمعيته عن المستشفى، سألت عنه فأخبروني انه مدير المستشفى، توجهت صوبه وطرحت عليه السلام بكل ود وسألته : هل يعقل أن لا تتوفر حقنة “مسكن في المستشفى”؟
أشاح بنظره عني وكأنه لم يسمع ولا يرى أحدا !!
نظرت إليه بغضب ورفعت صوتي لأنه استفزني وأشعرني بعدم احترام “المواطن”، وقلت له : هذا تصرف لا يليق .. انا الصحفي فلان .. ومن غير الاحترام أن تعامل الناس هكذا وواجب عليك أنت ووزيرك وكل الوزارة أن تعتنوا بصحة الناس وهذا واجبكم لا أن تشيح بنظرك عني! !
احتد الرجل وانتفض وتمتم، وسأل : ومن طلب منك صرف الدواء من الخارج؟ .. أجبته : الطبيب هناك ..
توجه معي صوب الطبيب وسأله صارخا : منذ متى نطلب من الناس شراء دواء من الخارج .. وأين أدويتنا؟!
قال له الطبيب : هذا ما طلب منا بعد أن طلبنا الدواء أكثر من مرة .. وهو غبر متوفر!
وعن عدم التحويل لطبيب مختص أو إدخال، فأعلمه أن التحويل يتم فقط لطبيب العظام بناء على تعليمات سابقة، ورفع بوجه المدير كتابا رسميا بهذا الشأن !
تلعثم المدير وارتبك .. أخذت زمام الكلام وقلت له : الناس لا تريد منكم شيئا سوى القيام بعملكم بضمير، ابحث عن الحلول .. فقط ..
هنا تخيلت بعضا من تفاصيل فيلم “البوكسات” و”القنوة” فهو أردني بإمتياز !!
سلام ..
Nashat2000@hotmail.com