فيلادلفيا نيوز
شارك عدد من الأكاديميين والمترجمين النيجيريين في الندوة التي جاءت لمعاينة واقع وآفاق الترجمة في نيجيريا من وإلى العربية بمداخلة الأستاذ الدكتور محمد الأول عمر حول تاريخ الترجمة والجهود المحلية في نيجيريا حيث تعرض لواقع نيجريا وتقسيمه الجغرافي مبينا أن لغة الهاوسا هي اللغة السائدة في الشمال النيجيري من أصل ثلاث لغات وتوصف بأنها اللغة الإسلامية عندهم لارتباطها بالمسلمين النيجيريين وبسبب جهود العلماء المسلمين في بداية دخول الإسلام للمنطقة حيث قام المسلمون بالتدريس والتعليم من المصادر العربية مما دفعهم إلى ترجمة الكلمات والمفردات والعبارات من كتب الفقه والتفاسير كلمة كلمة تسهيلا على المسلمين لمعرفة العبادات وطرقها، وكان لهذه العملية أن أنتجت عددا من العلما النيجيريين المسلمين، مبينا أن الترجمة ذات دور اجتماعي لشعب الهاوسا، حيث إنها تكسب الشعب التعرف على الحضارة الجديدة حيث إنها لم تكن لنقل المعلومات فقط بل أسهمت في تشكيل المجتمع الهوساوي الذي يجمع بين الإفريقية والإسلامية والعربية، وأوضح الدكتور محمد الأول أن 40% من مفردات لغة الهاوسا هي مقترضة من أصل عربي . وأردف أنه بدخول الإنجليز في القرن التاسع عشر بدأ تغيير نظام التعليم وأبدلوا اللغة إلى الأبجدية الإنجليزية بدلا من العربية، ورغم تقليص الإنجليز لمجهودات العرب ، ظل العلماء المسلمون يترجمون من العربية إلى الهوسا بشكل فردي لا يحظى بالعناية المؤسسية. وختم حديثه بالإشارة إلى أن جهود الدولة الحالية ما زالت ضئيلة بشكل عام وضئيلة جدا في الترجمة من الهوسا إلى العربية .
وأوضح الأستاذ الدكتور يهوذا سليمان إمام في مداخلته ” قراءة إحصائية حول المترجمات من وإلى العربية بلغة الهوسا” أن ما نسبته 80% من الترجمات العربية إلى الهاوسا هي ترجمات دينية في للقرآن الكريم و الفقه والتفاسير والعبادات بحسب الإحصائيات، وأن ما نسبته 20% هي للمترجمات الأدبية والتاريخية وغيرها ، وأحال ذلك إلى كون المترجمين هم من فئة العلماء وشيوخ الدين. وفي معرض رده على استفسار من المتابعين عبر رابط الندوة على صفحة الجائزة في الفيس بوك بين أن الترجمات الأدبية هي لأعمال المنفلوطي وكانت لأهداف أكاديمية في تعليم تحليل النصوص الأدبية في التدريس الجامعي. وأما ما يتعلق بالترجمة من الهوسا إلى العربية فأشار الدكتور يهوذا إلى أنها قليلة جدا وقد تمت في مصر لأهداف أكاديمية أيضا كترجمة الأمثال الهوساوية.
وتناولت المداخلة الثالثة للأستاذ صالح أبو بكر كورا ” تجربة شخصية لمترجم نيجيري” حيث أوضح أن بدايات المترجم النيجيري – وهو واحد منهم – كانت نشأته في ظل الكتاتيب والمدارس القرآنية، وأن المترجمات كانت حرفية إلى حد كبير ولا تراعي اعتبارات الترجمة بالناضجة وصفها علما قائما بذاته، كما أنها لم تكن لتراعي الخصوصية لطبيعة تركيب لغة الهاوسا، وبين كورا أنه لولا اشتغاله على تطوير أدواته الخاصة بالترجمة الناضجة من حيث تكثيف القراءات في مجال الترجمة المميزة، وطرح العديد من الأمثلة التي تبين ضرورة توخي المترجم للدقة في أثناء عملية الترجمة من حيث مراعاة خصائص اللغتين العربية والهاوساوية، كالاختلاف في ترجمة مفردتي الصدق والكذب المذكرتين بالعربية لكنهما في الهاوساوية يتحولان إلى مفردتين مؤنثتين . وبين أن المترجم الهاوساوي تعامل مع المفردات العربية في ثلاثة أنماط: الاحتفاظ بالمفردة العربية كما هي أو التوسيع في دلالتها أو التضييق في دلالتها ككلمة شريعة على سبيل المثال حيث إنها تعني في العربية نظام حياة كاملة في حين أنها تقتصر في الهاوساوية على معنى نظام التقاضي فقط. وختم حديثة بالتأكيد على ضرورة أن يتعامل المترجم مع الترجمة على أنها فن وليس معرفة حرفية فحسب.
.
وفي المداخلة قبل الأخيرة تحدث البروفيسور الخضر عبد الباقي محمد عن ” المعوقات أمام جهود الترجمة من وإلى العربية في نيجيريا” حيث أسهب في تفصيل تلك المعوقات المادية والمعنوية ومنها : قصور الوعي وإدراك الهوية الذاتية وغياب البعد الفكري والحضاري عند بعض الجهات المعنية بالترجمة ، وجود التناقضات في الذات عند بعد المستعربين وطبيعة مواقفهم من التراث وعدم وجود الخطوط الفاصلة وحدود التماهي بين المسموح وغير المسموح، وما لديهم من مواقف متحفظة على بعض المواد المراد ترجمتها تصل إلى حد الرفض لتراث الآخر لتعارضها مع التراث المحلي، وأسهب الدكتور الخضر في بعض المعوقات المعنوية بما أسماه القصور العلمي النوعي في أحدى اللغتين مما يخلق عدم القدرة على إنتاج المصطلحات. والقصور الثقافي من خلال عدم معرفة المترجم للدلالة اللغوية لبعض الألفاظ في اللغة الأخرى، وعزا إلى عدم وجود الترجمة ضمن الأجندة الوطنية العديد من المعوقات. كعدم رؤية النور للعديد من المترجمات ذات الجهود الفردية. كما عزا بعض المعوقات المادية إلى قلة وجود المؤسسات المهتمة بالترجمة من وإلى العربية في نيجيريا مقارنة مع وجود العديد منها من نوع الترجمة التجارية للوثائق وغيرها دون أن تكون مرتبطة بوازع داخلي، وأشار إلى وجود ما يزيد على عشرة مراكز خاصة بالترجمة حاليا إلا أنها تهتم بالعديد من اللغات باستثناء العربية لأنها أضحت خارج اهتماماتهم نظرا لعدم وجود طلب عليها .
وأكد الدكتور الخضر على دور العامل الروحي في الترجمة العالمية وفي جعل اللغة عالمية كالعربية وعلاقتها بالإسلام والإنجليزية وعلاقتها بالمسيحية، وختم مداخلته بأن الترجمة تتجاوز دورها في النقل من لغة إلى أخرى إلى دورها في النقل الثقافي وارتباطها بوعي كون المترجَم موجود على الخارطة الحضارية العالمية، مما يؤكد ذلك كون الترجمة متوارية عند العديد ن القوميات من خلال عدم تعاملهم معها على أنها ذات بعد وجودي.
و أشاد الأستاذ الدكتور جهاد الشعيبي/ أستاذ اللغويات في الجامعة الأردنية في إدارته للندوة بجهود المترجمين النيجيريين وهي جهود مهمة في نشر اللغة العربية مؤكدا ضرورة دعم الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى ماديا ومعنويا.
وفي مسك الختام أكدت الدكتورة حنان الفياض المستشارة الإعلامية للجائزة فعل المثاقفة وبينت سبل السعي لقيادتها لتصبح مثاقفة ناضجة، واستعرضت أهداف الجائزة ورؤيتها وآلية توزيع القيمة المالية السنوية بالإضافة إلى فئات الجائزة وأهمية اختيار اللغة الكورية كواحدة من اللغات الخمس في فئة الإنجاز لهذا الموسم السادس، وبينت جهود الجائزة أن وجهت اهتمامها هذا الموسم، 2020، إلى اختيار اللغة الفارسية كلغة رئيسة ثانية إلى جانب الإنجليزية، واختيار خمس لغات جديدة في فئة الإنجاز، وهي: البشتو والبنغالية والسويدية والهاوسا بالإضافة إلى الكورية. وقد دعت الدكتورة الفياض المهتمين للدخول عبر موقع الجائزة ( www.hta.qa( من أجل تحميل استمارات الترشيح وغيرها من الفوائد التي تغنيهم حول طبيعة الجائزة .
وفي الختام استمع المنتدون إلى مجموعة من المداخلات والاستفسارات عبر رابط الندوة في الفيس بوك ، منها ما يتعلق بتفاصيل الترشيح لهذا الموسم ومنها ما يؤكد دور المنتدين في ترجمة المصحف الشريف و القواميس من العربية إلى الهاوساوية والعكس.