فيلادلفيا نيوز
يبدو أن قوى سياسية تدعمها مصالح خاصة أدمنت على المطالبة بمشروع قانون للعفو العام لدرجة أننا أصبحنا نستسهل المطالبة بالعفو العام بحيث صدر منه في المملكة الرابعة 4 قوانين في سنوات 1999، 2011 ، 2019 وآخرها 2024، أي أن العفو صدر مرة كل ست سنوات.
المطالبة بقانون العفو العام شكلت دائما حرجا للحكومات تضطرها على الأقل للسكوت أمام الهجمات المطالبة بإصدار العفو فيما تستفيد قوى حزبية او برلمانية او شخصيات عامة او إعلامية في حملاتها من اجل إصدار العفو طلبا للشعبية، كما يستفيد منه أصحاب الجرائم والمخالفات والغرامات وهم كثر.
وكانت أخر مطالبة بالعفو صدرت عن كتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي بعد أيام من انتهاء الدورة البرلمانية الأولى مما أفقد الطلب الجدية، لان أي مشروع قانون يجب أن يقدم في دورة عادية ليصوت عليه المجلس النيابي بالتحويل للحكومة التي تكون ملزمة بإعداد مشروع القانون تحت الضغط النيابي.
وسبق لأغلبية نيابية أن تبنت بداية العام الجاري عريضة (وليس اقتراح بقانون) للحكومة للمطالبة بمشروع العفو، لكن لم يتم الموافقة عليه وخلال الدورة البرلمانية لاذت الحكومة بالصمت والمماطلة وشراء الوقت وتشكلت خلالها ما سمي “اللجنة الوطنية للمطالبة بالعفو العام”.
لماذا نعارض مشروع قانون العفو العام؟
لان قوانين العفو العام التي صدرت تباعا لم تساهم إطلاقا في الحد من الجرائم في المجتمع الأردني او حتى لم تساعد في خفض معدلاتها التي ارتفعت بشكل هائل وخاصة قضايا المخدرات والقتل. ولان قانون العفو العام يشكل تجاوزا على النظام العام والنظام القضائي ويمحو الجريمة وتبعاتها، ويمكن وصفه بأنه إخلال بسيادة الدولة ومبدأ العدالة والمساواة بين الأردنيين لا بل يذهب الى حد مكافأة المخالف للقانون وتشجيعه على ذلك.
قانون العفو العام يكلف خزينة الدولة ما يزيد عن 70 مليون دينار مخالفات وغرامات يعفى منها المجاوزن للقانون، ليس فقط الأفراد بل الشركات أيضا، ويزيد من عجز الموازنة العامة. وقد خرج من السجون في العفو الأخير 2024 حوالي 8000 موقوف وسجين ممن كان من الممكن أن يخرجوا بطريقة أخرى بتعديل بعض القوانين وخاصة في حال التصالح وإسقاط الحق الشخصي او استبدال المحكومية بالخدمة الاجتماعية.
اعرف أن الكثيرين لن يعجبهم كلامي لأنهم يفرحون بشطب الغرامات المالية والمخالفات التي وقعوا فيها وخاصة غرامات قانون السير وضريبة الدخل والمبيعات والجمارك والمسقفات وغيرها.
أن استسهال إصدار قانون العفو العام يشجع المواطن غير المنضبط على ارتكاب المخالفات والجرائم وعدم الالتزام بالقانون، ما دام يضمن بان قانون العفو قادم لمساعدته وإخراجه من محنته.
ماذا ستقول الدولة للمواطن الملتزم بالقانون والذي يدفع ما عليه للدولة في مواعيدها؟ أن قانون العفو العام يضعف سطوة القوانين في الردع العام ويضعف هيبة الدولة أمام الرأي العام.
اعتقد أن إصدار قانون عفو عام جديد يحتاج الى ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية تبرره لا أن نذهب الى إصداره كلما حاولت جهة سياسية مناكفة الحكومة او الخروج من ورطة او محاولة اكتساب شعبية او إحراج أطراف أخرى بالدولة.
قانون العفو العام كان يسمى في النصف الثاني من القرن الماضي بقانون تبييض السجون، إي كان أول من يستفيد منه السجناء الحزبيون والسياسيون او أصحاب الرأي، وهم الآن عملة نادرة خلف القضبان.
