فيلادلفيا نيوز
لم تجد الحكومة بدا من خوض أكبر معاركها المرتقبة مع وباء كورونا، وأن تذهب إلى اتخاذ قرار بعودة الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية رغم إدراكها أن في ذلك خطورة عالية الدرجة، ما من شأنه زيادة وتيرة وسرعة تفشي الفيروس بين الطلبة أنفسهم ومن يختلطون بهم من معلمين وأولياء أمور ومجتمع محلي.
نعلم جميعنا أنها مجازفة كبيرة أن نطلق الحرية لأكثر من مليوني طالب بأعمار مختلفة لكي يتحركوا في مساحات واسعة تمتد على امتداد الجغرافيا الأردنية بأكملها. الحكومة، التي ما تزال تتمسك بخيار التعليم عن بعد في حالة فقدان السيطرة، تعتمد في أساس قرارها على أمرين اثنين، يتمثل الأول باتخاذها إجراءات عديدة لضمان السلامة العامة، والثاني تعويلها على وعي الطلبة أنفسهم، ونصائح الأهالي وتعليمات المدارس باتباع سياسة التباعد، والوعي بالصحة العامة، وقد شاهدنا في اليوم الأول لدوام الطلاب خروقات واضحة في بعض المدارس.
عملية ضبط هذا العدد الكبير جدا من الفئات العمرية المختلفة ممن يتجمعون في غرف صفية ضيقة، لا شك أنها تحتاج إلى استعدادات ضخمة، ومتابعة حثيثة ستكون مرهقة للغاية لأي جهة رقابية يمكن تكليفها بالأمر، مقارنة بتلك الاستعدادات التي تحتاجها الدولة إذا ما قررت إعادة فتح المطار أمام حركة المسافرين، دخولا وخروجا.
ما الذي يمنع اليوم من إعادة فتح صالات المطار ومدرجاته نحو العالم الخارجي؟ إجرائيا الأمر مناط بقرار يتخذ بناء على معطيات معينة لن تكون في مؤشراتها أكثر خطورة من تلك المرتبطة بانتظام العام الدراسي في ظل تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا، فكل ما تحتاجه الحكومة هو اشتراطات صحية من السهل جدا التثبت منها ومراقبتها ومتابعتها، كونها تتعامل مع بالغين، فمهما بلغ عدد القادمين إلى الأردن فإنه سيكون محدودا للغاية مقارنة بما يحدث في المدارس اليوم.
تتحدث المصفوفة الحكومية عن دول خضراء يسمح للقادم منها التحرك كيفما يشاء داخل الأردن إذا ما كانت نتيجة فحصه سلبية، أو الحجر لأولئك القادمين من الدول الحمراء، وهي إجراءات واضحة ولا تحتاج إلا لعملية ضبط وسيطرة عليها، ما يجعل منها عملية سهلة وروتينية.
حجم التدفق إلى المملكة عبر الجو محدود جدا مقارنة بالمسافرين بين الدول، وزوار الأردن، ورغم ارتفاعهم نسبيا خلال الأعوام القليلة الماضية، إلا أن عددهم يبقى متواضعا بالمقارنة مع دول أخرى يقصدها عشرات وربما مئات الملايين سنويا، وهو الأمر الذي يجب أن يسهل أمام الحكومة اتخاذ قرار فتح المطار، حتى ولو كنا في عصر كورونا.
لا نشك أبدا أن الحكومة قد طورت خلال الفترة الماضية دليل سياسات وإجراءات لمثل هذا اليوم، والذي لا بد أن يشتمل على الاشتراطات الواجب توفرها وتوفيرها في حال فتح المطار، من اشتراطات صحة وسلامة عامة إلى فحوصات مسبقة من البلد القادم منها المسافر، أو فحص في المطار، وربما الاثنان معا، من أجل ألا نترك أي شيء للظروف والمفاجآت.
إن الحكومة تستطيع، ومن خلال تنظيم حركة المسافرين فقط، أن تقترح سيناريو آمنا لفتح المطار، وتجنيب الأردنيين أن يكون نافذة يطل منها الوباء، فالدولة القادرة على التعامل مع أي تطور أو تفشي الوباء في ظل العودة للمدارس، قادرة على إدارة دفة المطار من جديد، وباقتدار أيضا.
معطيات الوضع الوبائي في الأردن اليوم واضحة وتؤشر إلى أن العودة إلى صفر إصابة ضرب من الخيال، بحسب المسؤولين عن الملف. من هنا، علينا أن نتساءل عن مقدرتنا على الاستمرار في إغلاق أجوائنا في وجه من يريد القدوم، وهل هو قرار صائب، أم أننا مطالبون اليوم بوضعه على طاولة البحث من جديد، واتخاذ قرار أن يكون واحدا من أولوياتنا للمرحلة الحالية، ولربما نستطيع من خلاله أن ننعش بعض القطاعات التي باتت تحتضر اليوم.