فيلادلفيا نيوز
يدين ملتقى شؤون الهجرة واللجوء في العالم العربي (مرفأ) جريمة القتل البشعة التي أودت بحياة 30 مهاجرًا وأصابت 11 آخرين بجراح في مدينة مزدة غرب ليبيا. تأتي الجريمة على خلفية وفاة أحد تجار البشر وهو مواطن ليبي متهم بتهريب المهاجرين، حيث قُتل على يد عدد منهم أثناء تهريبهم، كما جاء في بيان رسمي لوزارة الداخلية الليبية التابعة لحكومة الوفاق التي فتحت تحقيقًا في الحادثة يوم الخميس 28 أيار/مايو 2020، والذي أفاد أن الجريمة حدثت بدافع الانتقام على يد أسرة المهرب المقتول من باب استيفاء الحق بالذات، حيث قامت الأسرة بقتل 26 مهاجرًا بنغلاديشيًا بالإضافة إلى 4 أفارقة، كما أصيب 11 آخرون بجراح متفاوتة.
يشد مرفأ على يد الحكومة الليبية لملاحقة المذنبين بحادثة القتل هذه، ويطالب بتقديمهم للعدالة، مؤكدًا على ضرورة تضافر الجهود المحلية والإقليمية والدولية لضبط عمليات التهريب والاتجار بالبشر، والحد من استفحال ظاهرة المهربين الذين يستغلون عوز هؤلاء المهاجرين وضعفهم مستفيدين من حالة عدم الاستقرار والوضع الأمني الراهن في ليبيا.
تعد ليبيا نقطة عبور للمهاجرين إلى أوروبا، حيث كانت أول محطة لاعتراف السلطات الليبية باللاجئين في حال اللاجئين “الصوماليين” والذين جُلبوا إلى ليبيا سنة 1995 من السعودية. إلا أن الفوضى التي عمّت ليبيا في أعقاب سقوط نظام معمّر القذافي، أدت إلى تحوّل البلاد إلى إحدى نقاط الهجرة غير الشرعية الرئيسة باتجاه القارة الأوروبية، سواء للفارين من الفقر، أو الاضطهاد، أو الحروب، أو النزاعات، في أفريقيا والشرق الأوسط.
وفي ظل غياب سيادة القانون، تشهد ليبيا جرائم مماثلة. على سبيل المثال ومنذ وقت قريب، تعرض مركز احتجاز المهاجرين بتاجوراء لقصف جوي في حزيران/يونيو 2019، ما أدى لسقوط 40 ضحية من المهاجرين وطالبي اللجوء. كما تجعل حالة عدم الاستقرار هذه والأوضاع الأمنية الحرجة، هؤلاء المهاجرين عرضةً للوقوع في فخاخ تجار البشر ممن يستغلون عوزهم وضعفهم للتغول عليهم، خاصة إذا عند احتجازهم في المراكز غير الرسمية، وهو أمر شائع الحدوث. حيث تم إنقاذ نحو أربعة آلاف شخص في البحر وإعادتهم إلى ليبيا في مراكز احتجاز غير رسمية في عام 2020، وفقًا لمصادر دولية مطلعة. كما وقد أبلغت المنظمة الدولية للهجرة في السابق عن حالات اختفاء من هذه المرافق، وعدم القدرة على معرفة مكان المئات إن لم يكن الآلاف ممن أعادهم خفر السواحل إلى ليبيا.
إن استمرار الانتهاكات والجرائم اللاإنسانية تجاه اللاجئين في ليبيا يحتم ضرورة عودة الأمن وحل النزاعات في الدولة وتفعيل القانون كشرط أساسي لحماية المواطنين والمهاجرين من أي اعتداء أو استغلال. حيث بلغت حصيلة ضحايا الاشتباكات الدائرة بمحيط العاصمة طرابلس منذ 4 نيسان/أبريل 2020 لغاية كتابة هذا البيان 5,023قتيل بينهم 634 مدني (منهم 49 عنصر طبي و76 سيدة و93 طفل) و15,439 جريح.
وعليه، يطالب مرفأ السلطات الليبية بما يلي:
• تفعيل سيادة القانون وكافة أوجه المساءلة للحد من انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم المقترفة بحق المهاجرين.
• بناء تعاون حقيقي مع المفوضية السامية للاجئين عبر توقيع بروتوكولات واتفاقيات دولية مثل اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئ والتي تعمل على حفظ حقوق المهاجرين وحمايتهم.
• الإيفاء بالتزاماتها الملقاة على عاتقها وفقًا للاتفاقية التي تحكم الجوانب المختلفة لمشاكل اللاجئين في أفريقيا، وضرورة شرعنة عمل المفوضية السامية للاجئين من خلال توقيع مذكرة تفاهم بينهما.
كما يوجه مرفأ رسالة عاجلة إلى المجتمع الدولي يطالبه فيها بفتح قنوات هجرة شرعية للجوء، ووضع مخططات بديلة للإنزال الآمن من القوارب، يتم بموجبها نقل المهاجرين إلى موانئ آمنة بعيدًا عن النزاعات والعنف بما يضمن كرامتهم الإنسانية وحمايتهم. بالإضافة إلى حثهم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول جنوب المتوسط، والعمل عوضًا عن ذلك على تعزيز التنمية والاستقرار، وتمكين الشعوب من حل الصراعات في دول الجنوب.
*تم تأسيس ملتقى العالم العربي للهجرة واللاجئين (مرفأ) استجابة للحاجة الملحة للعمل الجماعي على مستوى السياسات ورفع الوعي حول القضايا المتعلقة باللاجئين والمهجرين والمغتربين العرب في المنطقة والدفاع عن حقوقهم.