فيلادلفيا نيوز
حذرني طبيب بارز أثق بسداد رأيه ودقة حكمه، قائلا: لو انني أجد كلمة أقوى من كلمة “سم” لأطلقتها على الكنافة التي نأكلها لاحتوائها على مواد وزيوت مهدرجة واجبان تالفة.
وقال لي أصدقاء لهم صلة بصناعة الألبان والأجبان، ان بعض “بيّاعي” الكنافة يتسقّطون الجبنة البيضاء “الخربانة” التالفة المضروبة ويوصّون عليها ويشترونها لرخص ثمنها ولأنها “بتمط”.
وذكر لي احد الأصدقاء المختصين ان الفلفل المطحون الأسود “مش فلفل” وهو لا يحتوي على اكثر من 20 % من الفلفل الأسود.
وان الزعتر المعروض في الأسواق ثلاثة ارباعه “عيدان” واعشاب مجففة وان معظم البهارات التي في الأسواق هي عبارة عن كل شيء الا البهارات المعلن عنها.
وقال لي صديق مختص ان معظم إطارات السيارات في الأسواق عبارة عن إطارات “مضروبة”.
وان حديد البناء فيه غش في الصنع واذا اشتريت 5 أطنان فقد تصلك ناقصة 500 كغم وروح “وزّن” ان تمكنت.
وانا نفسي “ضبطت” سائق التنك بائع سولار التدفئة العام الماضي بعد ان ابلغني انه ضخ في خزان السولار في منزلي 1000 لتر ولما كشفت على الخزان اشتبهت في الكمية فرفضت دفع الفاتورة واتصلت بالمواصفات والمقاييس وزودتهم باسم السائق ورقم هاتفه ورقم تنكه فحضروا الى منزلي وفحصوا الخزان ليجدوا ان الموزّع لص محتال قد سرقني بنحو 200 لتر أي نحو 20 % وفي المساء احتل أطفال الموزع وامه وزوجته منزلي مستعطفين مولولين طالبين ان اسامحه !!
وكنت اشتري لحمة المنزل من لحّام “حبّاب” ثقة الى ان اكتشفت ان سيارته الفخمة تساوي نحو 60 الف دينار وان فيلته تساوي مليون دينار فقدرت انه غشّاش وانني اساهم في استمرار احتياله فتوقفت عن الشراء منه!
واخذني صديق صاحب مكتب عقاري في جولة على عدد من الاحياء السكنية الفخمة وكلما مررنا من امام قصر كان يسألني: هل تعرف قصر من هذا؟ فاقول لا، فيقول هذا لفلان صاحب محال الحلويات. وذاك القصر لفلان صاحب محال الحمص والفول والفلافل. وتلك الفلل الثلاث التي تحتل ربوة المكان هي لموزع البن. وذلك القصر المنيف لصاحب مطعم مشهور. وتلك البناية لصاحب محال “جاتو” معروفة.
اعرف ان الله حلل البيع والتجارة والربح لكن رب العرش العظيم حرّم الغش والغبن والتدليس والتزوير والربح الفاحش “الداعش”.
واعرف ان جهات الرقابة الوطنية تبذل جهودا جبارة لضبط المستوردات ومراقبة نظافة المحال وصلاحية المواد الغذائية ولكنها لن تستطيع ان تجعل على رأس كل “بُشت” رقيبا، كما انها ان خالفت مطعما اليوم فان العودة اليه قد تستغرق سنة، لأن كوادر الرقابة ليست كافية لمراقبة “الحيتان” ومحاسبة “الزعران”.
يذهب المواطن الحريص على صحته الى المطعم ويطلب مياها معدنية ب “القنينة” المختومة “افتحها قدامي” وهو يجهل ان غطاءها يمكن تزويره كما يتم تزوير سدادة اسطوانات الغاز! عدا عن ذلك فان صاحبنا الذي لا يشرب الا ماء صحيا، يطلب كوكا كولا او بيبسي كولا ويشربها ممزوجة بقطع الثلج التي ماؤها من خزان ماء المطعم غير النقي وغير الصحي وغير المختوم.
عاداتنا وسلوكنا يجدر ان ننسفها نسفا لجهة المزيد من التحديق والمزيد من التدقيق والمزيد من التحقيق.
(العرب اليوم 2014.12.14)