فيلادلفيا نيوز
سلطت منظمات حقوقية فلسطينية الضوء على معاناة 90 بالمئة من النساء في قطاع غزة؛ جراء التهجير القسري وإجبارهن على ترك منازلهن وسط ظروف غير إنسانية وانعدام متطلبات الحد الأدنى من المعيشة.
وقالت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية- المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان ومؤسسة الحق، إنها تتابع الكارثة الفعلية التي ألمت بقطاع غزة جراء استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي بما في ذلك عمليات القصف العنيف عبر الجو والبر والبحر، والاجتياح البري لمدينة غزة وشمال القطاع وأجزاء واسعة من خانيونس، وما رافق ذلك من انتهاكات خطيرة.
وأضافت هذه المؤسسات في تقرير إن هناك تحقيقات في ملابسات العديد من هذه الانتهاكات، بما في ذلك عمليات الإعدام الميداني والاعتقالات التعسفية التي شملت الرجال والنساء، ويستمر إخفاء غالبيتهم قسريا حتى الآن.
وبين التقرير أن أوامر التهجير الإسرائيلي التي كان آخرها الجمعة الماضية واستهدفت نحو 150 ألف نسمة في مخيم البريج وشمال مخيم النصيرات، فاقمت أزمة النازحات والنازحين الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة أغلبهم جنوب وادي غزة.
واوضحت أن المناطق المستهدفة بأوامر التهجير الجديدة مكتظة بالآلاف من النازحات والنازحين من شمال وادي غزة وخانيونس أيضًا، ويضطرون للنزوح مجددًا إلى مناطق جديدة تشهد غارات إسرائيلية لا تتوقف تقريبا، بحيث لا يوجد مكان آمن ولا متسع يمكن أن يذهب إليه السكان.
واشارت إلى أن عمليات القتل والإصابات الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أدت إلى استشهاد 6200 امرأة، من بين أكثر من 20 ألف شهيد فلسطيني، وإصابة الآلاف منهن بجروح.
وأفادت بأن العديد من النساء في مراكز الإيواء بقطاع غزة المقدر عدد سكانه بحوالي 2.23 مليون نسمة، هناك 1.13 مليون ذكر و1.10 مليون أنثى، يواجهن معاناة إضافية جراء حالة النزوح وعدم توفر الظروف الصحية الملائمة لهن.
ووفقا لمعطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، هناك حوالي 546 ألف أنثى في سن الإنجاب (15-49 عاماً) في قطاع غزة، منهن حوالي 58 بالمئة من المتزوجات.
وأشارت التقارير الصحية إلى وجود حوالي 50 ألف امرأة حامل في قطاع غزة، يتوقع ولادة 5500 امرأة خلال الأسابيع القادمة، أي ما معدله 183 مولوداً جديداً يومياً في القطاع.
وقالت المؤسسات في تقريرها إن النساء الحوامل يواجهن مخاطر عديدة بسبب صعوبة الوضع بالمستشفيات وغياب المتابعة مع الأطباء، واضطرار الكثير منهن للولادة في أماكن نزوحهن مع المخاطر المترتبة على ذلك، فضلا عن عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة والافتقار للكثير من التطعيمات للمواليد، إلى جانب عدم توفر الغذاء الملائم سواء للأمهات الحوامل أو المرضعات، ما يؤثر على حوالي 155 ألف امرأة حامل وأم مرضعة، بالإضافة إلى نحو 135 ألف طفل دون سن الثانية، نظرًا لاحتياجاتهم الغذائية الخاصة التي تتفاقم بسبب التوتر والصدمات.
وأوضحت المعلومات التي جمعها باحثو المؤسسات الثلاثة من مراكز الإيواء، أن غالبية النساء يعانين جراء الاكتظاظ الشديد وغياب الرعاية الصحية والظروف الصحية إلى جانب فقدان الخصوصية مع تكدس أعداد كبيرة منهن في الفصول الدراسية أو ساحات المدارس أو الخيام المنصوبة في كل مكان، وكذلك من أزمة الذهاب للحمام وعدم توفر المياه وعدم والأماكن المناسبة للاستحمام.
كما تعاني الآلاف النساء من الأجواء الباردة مع عدم توفر أغطية وفراش ملائم، عدا عن الافتقار للملابس الشتوية، حيث اضطرت غالبيتهن للنزوح المتكرر، وفي كل مرة كن يفقدن أمتعتهن ومستلزماتهن الأساسية.
وبينت، أن غالبية النساء -كما هو الحال بالنسبة لجميع النازحين- يعانين من جوع حقيقي وافتقار كبير للمواد الغذائية، حيث تزداد معاناة النساء الحوامل والمرضعات في وقت يعتمد أغلب السكان على وجبة واحدة محدودة في اليوم إن توفرت، كما تعاني النساء المسنات من صعوبة توفير أدوية الأمراض المزمنة وأوضاع صعبة في البرد الشديد في الخيام وأماكن النزوح، ونقص المياه.
واكدت أنه نتيجة لاستشهاد الزوج أو الأب أو الأبناء، باتت آلاف النساء مسؤولات عن أسرهن وحاجات أفراد الأسرة في ظل واقع أقل ما يقال عنه بأنه كارثي ويفتقر لكل شيء، وتنعدم فيه الموارد الأساسية.
وقالت نهى حازم من سكان غزة ولديها طفلان؛ أحدهما طفلة حديثة الولادة لم تكمل الأسبوع، إن “أول نزوح لي كان في ثاني أيام الهجوم الإسرائيلي على غزة، وكنت حاملا في الشهر السابع، ثم تكرر النزوح عدة مرات بسبب القصف وأوامر التهجير، حتى وصلت إلى جنوب قطاع غزة، ولم أستطع مراجعة الطبيب وتأجلت ولادتي بعملية قيصرية ثلاث مرات بسبب صعوبة الأمور في المستشفيات، وعندما أجريت لي العملية تمت تخديري جزئيا، ثم خرجت بعد الولادة قبل الوقت المحدد، لم يكن معي أي ملابس للطفلة ولكن حصلت عليها لاحقا عبر مساعدات”.
وأضافت،”لاحقا عانيت بسبب عدم توفر التطعيم الخاص بالطفلة، وعدم توفر الحليب، والحفاضات سواء لها أو لشقيقها الأكبر وعمره أقل من عامين، حتى أنا لم يكن هناك طعام كافٍ وملائم لي كأم مرضعة عانيت من فقر دم شديد”.
من جهتها، أشارت آمنة البطش، الأم لـ 6 أطفال، أحدهم طفلة من ذوي الإحتياجات الخاصة، إلى أنها نزحت هي الأخرى عدة مرات، وتعرض المنزل الذي لجأت إليه للقصف الإسرائيلي ما تسبب باستشهاد 16 شخصا من ضمنهم ابنها.
وقالت “لم أستطع وداع ابني الذي استشهد بسبب القصف، تكرر نزوحي من مكان لآخر عدة مرات، لم نجد خيمة في مركز الإيواء، واستمر ذلك بعض الوقت، حيث بدأنا نعاني للحصول على لقمة العيش والبحث عن الماء للشرب، والاستخدام اليومي لقضاء حاجات الأطفال، ونعتمد على وجبة واحدة في اليوم لنتمكن من العيش، ونعطي الأولوية لأطفالنا، وقد خرجنا بدون أي أوراق ثبوتية، وهذا كان يعيق حصولنا على بعض المساعدات، لدي طفلة من ذوي الإعاقة عمرها 5 سنوات تحتاج لحفاظات خاصة وملابس معينة ملائمة لها، وكل ذلك غير متوفر، والأسواق لا يوجد فيها شيء، وانتهى بنا المطاف لنعيش في مخزن صغير مع 20 شخصا، ولا أعرف أية معلومات عن زوجي أو بقية أهلي”.
وطالبت المؤسسات الحقوقية، المؤسسات النسوية في العالم إلى التحرك الجدي والسريع للوقوف بجانب النساء في فلسطين، ومساندتهن للعيش بحرية وكرامة، والضغط من أجل وقف الهجوم الإسرائيلي باعتبار ذلك المدخل الحقيقي لإنهاء المأساة التي تواجه الفلسطينيات والفلسطينيين في قطاع غزة.
كما طالبت المؤسسات، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتسريع في اتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق في الجرائم المرتكبة، بما فيها جرائم القتل الجماعي ضد المدنيين من ضمنهم النساء والأطفال، وإظهار الحقيقة والمضي بالخطوات اللاحقة، خصوصًا أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف.