فيلادلفيا نيوز
رغم الإعلان عنه في بداية العام 2017 والحصول على تمويل له من خلال قرض ميسر بقيمة مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، بالإضافة لمليون يورو منحة من الاتحاد الأوروبي، ووصوله إلى مرحلة طرح العطاءات بعد انتهاء الدراسات المتعلقة به كاملة، إلا أن إنشاء مشروع صرف صحي شمال شرق البلقاء كبديل عن محطة تنقية البقعة ومحطة رفع عين الباشا، لن يرى النور وفقا لتطورات طرأت مؤخرا وتتمثل بقرار حكومي مفاجئ بإلغاء المشروع.
المشروع الذي يهدف إلى شمول نحو 60 تجمعا سكنيا في قصبة السلط، بالإضافة الى مناطق أخرى في لواء عين الباشا، بخدمة الصرف الصحي وإنشاء محطة تنقية بسعة 36 ألف متر مكعب قابلة للتوسعة لتصل إلى 45 ألف متر مكعب، كان حصل على موافقات الوزارات المعنية بالإضافة لموافقة مجلس الوزراء، وذلك بعد الانتهاء من جميع أنواع الدراسات الفنية اللازمة وفي مقدمتها الدراسات البيئية.
مجلس محافظة البلقاء وفي أعقاب اطلاعه على كتب رسمية تفيد باتخاذ الحكومة قرارا مؤخرا بإلغاء المشروع، عقد اجتماعا طارئا يوم الخميس الماضي، أعقبه لقاء صحفي جمع رئيس المجلس إبراهيم نايف العواملة، مع مندوبي صحف يومية ، حيث كشف العواملة عن أبرز التطورات المتعلقة بالمشروع وموقف المجلس منها.
واستهجن العواملة، أن يتم التراجع عن المشروع بعد أن وصل إلى مرحلة طرح عطاء تنفيذه، مشيرا إلى أن الحكومة نفسها كانت أصدرت موافقات عدة على المشروع بعد انتهاء جميع الدراسات المتعلقة به، وتكليف شركة دفعت لها الحكومة نحو 2 مليون و700 ألف دينار للإشراف على طرح العطاء، الأمر الذي سيكبد خزينة الدولة خسارة ذلك المبلغ، بالإضافة إلى مبالغ أخرى تضمنتها خطوات المضي بالمشروع.
وفيما شدد العواملة على أن الحكومة لم تقدم مبررات مقنعة لإلغاء المشروع، قال إن “ذلك يثير استهجانا وتساؤلات أبرزها لمصلحة من يتم إلغاء المشروع؟”، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه “مشروع حيوي ويسهم في التخفيف عن مئات الآلاف من سكان المحافظة، وعلى الحكومة أن تمضي فيه للتخفيف عن سكان المحافظة بدلا من أن تخلق لديهم حالة احتقان وتعمق فجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية”.
كما تطرق العواملة إلى إحدى المراسلات الرسمية جرت بين جهات معنية بالمشروع، تضمنت “لفت انتباه إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية أبلغت بأن أي تأخر في تنفيذ المشروع كنتيجة لتأخر طرح عطاءاته بشكل غير مبرر، يعتبر خرقا قانونيا لشروط الاتفاقية، ويتسبب بخسائر والتزامات مالية ستتكبدها خزينة الدولة”.
كما تضمنت المراسلات، “الإيعاز لمن يلزم بالإسراع في المضي قدما بتنفيذ المشروع وحسب الشروط التي تضمنتها اتفاقية المشروع والتي أقرت من قبل مجلس الوزراء”، لافتة إلى أن الاتفاقية “حددت موقعا جغرافيا لإنشاء المشروع، وذلك بعد دراسات مستفيضة، حيث تم اعتماد الموقع بناء على التوصيات الفنية والاقتصادية التي تصمنتها هذه الدراسات”.
ووفق العواملة، فإن إلغاء المشروع والإبقاء على محطة البقعة، يعد أمرا غير مجد وفيه الكثير من السلبيات، أبرزها محدودية توسعة نطاق الخدمة وشمول مناطق جديدة محدودة، مما يشكل تهديدا صحيا وبيئيا ببقاء مناطق أخرى كثيرة خارج نطاق الخدمة بالصرف الصحي.
وأشار إلى أن محطة البقعة تستقبل تدفقات تساوي تقريبا ضعف حملها التصميمي، ولو تم اللجوء لتغيير الجدول الزمني وتوسعتها، فإن ذلك سيؤثر سلبا على البيئة المحيطة بالمحطة، إضافة إلى التأثير على نوعية مياه سد الملك طلال، مؤكدا أن وزارة المياه كانت باشرت منذ عام 2017 بتوفير التمويل اللازم للمشروع، وتم إجراء الدراسات الفنية والبيئية والاجتماعية بالتنسيق مع كافة الأطراف المعنية، وإذا تم اللجوء لتغيير موقعه الجغرافي، فسيتطلب ذلك إعادة النظر بكافة تلك الدراسات الموافق عليها مسبقا، معتبرا أن تلك الطروحات غير منطقية ولا يمكن أن تكون بديلا عن المضي عن تنفيذ المشروع كما هو مخطط له.
كما تحدث العواملة عن أن تنفيذ المشروع سيتيح خدمة جمع المياه العادمة ونقلها بالانسياب الطبيعي، مما يؤدي إلى خفض الكلف التشغيلية والإسهام في تحسين مستوى كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى جدواه الاقتصادية، مقارنة مع المقترحات الأخرى، فضلا عن اعتماده على الأنظمة المتطورة في معالجة المياه.
من جهته، قال مصدر حكومي مطلع على تفاصيل ملف المشروع، إن “قرار إلغاء المشروع جاء بعد ظهور ما وصفها بـ”سلبيات وتعقيدات جديدة”، أبرزها تعذر الحصول على استملاك لقطع أراض ضرورية لغايات إقامة المشروع”.
وأكد المصدر بعدما طلب عدم نشر اسمه، أن الحكومة قررت إثر ذلك تشكيل فريق فني يمثل وزارات ودوائر رسمية عدة، بهدف تقديم دراسة تفصيلية ومعمقة حول إمكانية تأهيل وتوسعة ورفع قدرة محطة تنقية البقعة وفق الأساليب والأنظمة التقنية الحديثة.
وأقر المصدر، بأن “إلغاء المشروع يُدخل الحكومة بلا شك في مأزق مع الجهة الممولة”، لكنه أشار إلى أن “التطورات المتعلقة بهذه الجزئية لم تتضح بعد”.
“الغد”