فيلادلفيا نيوز
انتهت جولة مفاوضات “جنيف7” الماراثونية أول من أمس دون أي نتائج على الأرض، فيما عاد مفاوضو “المعارضة” إلى تنظيماتهم بخفّي حُنين، ليبقى ملف حل الأزمة السورية معلقا ومفتوحا على أصعب الخيارات، التي تنذر بتقسيم سورية لمناطق نفوذ بين دول كبرى في مفاوضات سرية، بعيدا عن المنظمة الدولية التي أصبحت تائهة بين أجندات هذه الدول المؤثرة في الأزمة.
وأعلن وفد المعارضة في اختتام المفاوضات التي بدأت في العاشر من الشهر الحالي تموز (يوليو) أن “المفاوضات لا تتقدم كما نريد ونرغب، وتستمر دون ثمرة تذكر؛ لأن النظام وحلفاءه وداعميه يعرقلون استمرارها ونجاحها لرفضهم الحل السياسي”.
واصبحت جولات المفاوضات المعلنة حول مستقبل سورية سواء “جنيف” او “استانا”، تعاني موتا سريريا بحسب “المعارضة”، بسبب ما تعتبره غيابا للإرادة الدولية الحقيقية بحل الأزمة، وهو ما تؤكده مستشارة الهيئة العليا السورية للمفاوضات وعضو وفد المعارضة في جنيف مرح البقاعي من أن “هناك غيابا تاما للإرادة الدولية في الدفع باتجاه مفاوضات بناءة وحقيقية، للانتقال السياسي في سورية”.
وتضيف البقاعي باتصال هاتفي لـ”الغد”، “نحن جئنا إلى هنا بروح إيجابية لمناقشة السَّلات الأربعة، التي عكفت اللجان في العمل عليها لأشهر متواصلة، لكن فوجئنا بالمماطلة وتحويل مسار الحوار حول ماهية تلك الأبحاث لتمييع اللقاءات وحرفها باتجاه ضرورة تشكيل وفد موحد قبل البدء بأي مفاوضات جدية، وهذا الأمر لم يكن في أجندة جنيف 7 على الإطلاق”.
والسلات الاربعة هي اربعة محاور اقترحها المبعوث الاممي لسورية ستيفان دي ميستورا على المعارضة للبحث فيها وهي محور الانتخابات والانتقال السياسي ومكافحة الإرهاب والأمن وبناء الثقة.
ومع أن البقاعي تقول إن “وفد المعارضة السورية موحد تحت اسم الهيئة العليا للمفاوضات، الا المؤتمر طلب منا ضم ما يسمى بمنصتي “القاهرة” و”موسكو” المعارضتين الى الوفد”.
ومنصتا “القاهرة” و”موسكو” تجمعان سوريان تم الإعلان عنهما في مصر وروسيا عام 2014، ويعلنان أنهما يمثلان طيفا من المعارضة السورية. إلا أن بعض أطياف المعارضة الأخرى ترى أنهما تحابيان روسيا ونظام بشار الأسد وتملكان توجهات وأولويات تتباين مع أولويات الهيئة العليا للمفاوضات التي يشكل الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة العمود الفقري لها.
وقد أعطى وفد المعارضة المشارك في مفاوضات” جنيف4″ لمنصتي القاهرة وموسكو مقعدا لكل منهما قبل أن يتم رفع تلك الحصة إلى ثلاثة لكل منهما.
اما كبير مفاوضي المعارضة السورية الى جنيف محمد صبرا فيرفض مقولة الموت السريري لـ”مفاوضات جنيف”، مؤكدا بان” عملية المفاوضات في جنيف لم تولد بعد، وما يحدث هو أن البعض بدلا من العمل على تغيير نظام مجرم ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حسب قرارات مجلس الأمن وتقارير لجان التحقيق الدولية، قرر ان يغير المعارضة ويحولها لأشبه بكائن هلامي غير متماسك”.
وقال صبرا في اتصال هاتفي لـ”الغد” إنه “حتى اللحظة لا يوجد مفاوضات بالمعنى الحقيقي للكلمة في جنيف، بل ما يحدث هو مجرد مباحثات نظرية تتعلق بقضايا شكل الدولة السورية في المرحلة النهائية، وهذه المحادثات بين المعارضة والأمم المتحدة وليست بين المعارضة والنظام وهي ذات طابع فني بحت”.
واضاف ان “العملية السياسية الحقيقية لم تبدأ بعد لأنه حتى اللحظة لا يوجد شريك لنا في هذه العملية فالنظام ما زال يرفض الانخراط الجدي بالعملية السياسية، وهو لا يواجه اي ضغط من أي جهة لإجباره على الالتزام بعملية سياسية جدية وفق قرارات الأمم المتحدة”.
وقال إن الهدن تحمي السوريين لكنها تقتل عملية التغيير الحقيقي قي سورية وهي ليست حلا لأنها تبقي على جذر المشكلة وتؤسس لحروب مستقبلية”، مؤكدا إنها “سلام أسوأ من الحرب خاصة وأنها لا تشمل كل سورية وفق منظومة متكاملة تسعى لوضع حد للانتهاكات للقانون الدولي وتوفير الحماية اللازمة لكل الشعب السوري”.
واوضح ان” الهدن على أهميتها في توفير دماء السوريين، باتت مجرد إدارة للمجهود الحربي للنظام، بحيث أنه يبرم هدنة مع منطقة ليوجه مجهوده لسحق منطقة أخرى”.
واصدرت “الهيئة العليا للمفاوضات” بيانا، اتهمت فيه المجتمع الدولي والأمم المتحدة بعدم القيام بـ”الضغط اللازم على النظام للانخراط بجدية في العملية السياسية”، مجددة تمسكها بـ”رحيل بشار الأسد وزمرته، ورفض أن يكون له أي دور في المرحلة الانتقالية وفي مستقبل البلاد”، مشددة على أن “القتلة والمجرمين يذهبون إلى مكانهم الطبيعي تحت قوس العدالة”.
وكان رئيس وفد المعارضة السورية لجنيف 7 نصر الحريري، اكد في مؤتمر بمقر الأمم المتحدة الأربعاء 12 الشهر الحالي، إن “النظام ما يزال يرفض العملية السياسية، مطالبةً الأمم المتحدة بالوفاء بالتزاماتها بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سورية”.
وحول ما أشيع عن التحضير لمفاوضات مباشرة بين النظام والمعارضة نفى رئيس وفد النظام بشار الجعفري في تصريحات صحفية “التوصل إلى أي اتفاق لعقد مفاوضات مباشرة مع المعارضة”. وقال إن “وفده ركز في المباحثات على موضوع مكافحة الإرهاب واجتماعات الخبراء القانونيين والدستوريين فقط”.
وتجد “المعارضة” بكافة تلاوينها بعد فقدان الأمل في الحل السياسي وبالمنظمة الدولية، بان العودة الى السلاح أصبح هو الخيار الوحيد أمامها لحل الأزمة.
بيد أن إحساس “المعارضة” خاصة الجنوبية برفع التحالف يده عن مناصرتهم، وخصوصا في البادية السورية التي شهدت تقدما للجيش السوري في مناطقهم، وحشودات النظام السوري على خطوط الجبهة في الجنوب، يدفعهم حاليا للتفكير مليا في امكانية اندماجهم في 4 فصائل بدلا من 51 فصيلا، تحمل معظمها ذات الفكر والتوجه والأهداف.
وبحسب ما قالت مصادر سورية موثوقة لـ”الغد” فان هناك حوارا حقيقيا يجري في أروقة هذه التنظيمات لتحقيق الاندماج خلال الايام المقبلة، بيد انها تتخوف من تدخلات دولية خارجية تمنع من تحقيق هذا الاندماج.
واضافت ان هذا الاندماج يستبعد اي حوار مع جبهة فتح الشام “النصرة سابقا” بسبب اختلافات في التوجهات والاهداف، اضافة الى ضعف حضور “النصرة” في الجنوب السوري.
الى ذلك أكد مدير المكتب الاعلامي لجيش أسود الشرقية سعد الحاج لـ”الغد” ان المعارك مستمرة في البادية السورية وفق هجمات كر وفر واستنزاف، خاصة بالقرب من أطراف منطقة محروثة.
وأضاف الحاج ان الطيران الحربي الروسي قصف مواقع الثوار، فيما يرد الثوار بقصف مواقع قوات النظام السوري ومليشياته المذهبية براجمات الصواريخ”.
وأوضح ان الثوار حققوا اصابات مباشرة في تجمعات للمليشيات المذهبية بالبادية مما أدى إلى وقوع قتلى وإصابات بين أفراد هذه المليشيات.