فيلادلفيا نيوز
بقلم محمد داودية
لا يصبح الرجلُ زعيمًا، ولا نجمًا بقوى الدفع الذاتية، أي أنه لا يصنع نفسَه، فثمة آليات ومنصات وروافع متخصصة محترفة، تتولى في ظرفٍ ما، تحويل شخص ما، إلى زعيم مهيوب، ونجم محبوب، تقوم له الجماهير ولا تقعد.
فكما أنه لا يستقيم ولا ينفع ولا يحقق المطلوب، تركيبُ أرجُلٍ من شمعٍ أو جبصين، لغير المؤهلين، لإطلاقهم في سباق 100 متر، مع الإيطالي الصاروخ جاكوبس، أو مع الجامايكي الأسطورة بولت.
فإنه لا يمكن أيضًا تحويلُ شخص خِمِعٍ، إمّعة، قلقٍ، متقلب، خفيفٍ، جبان، بخيل ومرتج، إلى زعيم معدود، مرقوب، مُطاعّ، قَرم “أبو ندهتين”.
صناعة الزعيم تشترط توفر الامكانيات الطبيعية والاستعدادات الأساسية في الشخص، للانتقال به من صفوف الطليعة والنخبة والصفوة، أي من دكة البدلاء إلى دكة الأصلاء، وإلى صولجان القادة وسكة الريادة.
نلاحظ أنه في سنوات منصات التواصل الزائفة، أخذ “العِقِب”، المتطلعون إلى الشهرة أو “الشّرهة”، أو إليهما معا،
النكراتُ المتعطلون من المواهب، الأغرار عديمو الخبرة والتجربة السياسية -ما عدا موهبة الفجور والسباب والزعيق والفغير- أخذ اولئك يتفلتون وينفلتون على الميكروفونات والمسيرات والمظاهرات والاعتصامات، ذات الطابع المطلبي والسياسي، محاولين ركوب حاجات الناس وتعبهم وأوجاعهم. ومحاولين لبس عباءة الزعامة، التي من ابسط شروطها وأولها، الاتزان والرزانة والصدق والثقل والعفة والوقار.
معلوم ان هذه “النُّمَر” سرعان ما تخبو وتنطفئ وتنفثئ، وتزول غشاوتهم عن أعين المواطنين الذين تنطلي عليهم إلى حين، النماذجُ البكّاشة الباحثة عن دور وصرر، على قاعدة: “الأرض الواطية تشرب ماءَها و ماءَ غيرها” !!
لا خِفّة في الزعامة، ولا زعامة للخفيف، الطائش. الزعيم طودٌ، وازنٌ، ثقيلٌ، عفيفٌ، غويطٌ، وساعٌ، شجاعٌ وجواد.
والزعيم لا يكون عنتريًا ولا مُزاودًا.
الزعيم لا يتوكأ على المصاب، ولا يصطهج للخراب.
صناعة الزعيم على الورق، ذاك زعيمٌ كرتوني مرسوم، ونمرٌ من ورق.
الزعامة، كما حدد الأولون مواصفاتها “فت ما هي هَتْ”، والمقصود بالفت ليس فت المصاري، بل فت الثريد وهشم الخبز الذي كان الهواشم سادة من فت وأطعم وأكرم.
والهت، عدم التطاول على خلق الله.
فيلادلفيا نيوز نجعل الخبر مبتدأ