فيلادلفيا نيوز
أكد مراقبون وسياسيون أن تراجع الإدارة الأميركية عن حل الدولتين كأساس للتوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يعني “نسف قرارات الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية التي بنيت عليها تلك القرارات”.
واعتبروا، في حديث لـ”الغد”، أن ذلك يؤشر إلى “إلغاء” حق العودة للفلسطينيين وان الأراضي الفلسطينية أراض محتلة، موضحين أن واشنطن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء والملف الفلسطيني للمربع الأول وتجهض جهود السلام.
وقال هؤلاء المراقبون إن ذلك يشكل تهديدا للأردن الذي سيكون المتضرر الرئيس بعد الفلسطينيين، داعين إلى ضرورة تفويض الزعماء العرب لجلالة الملك عبدالله الثاني بشأن موضوع القدس وأن يكونوا واضحين بهذا الأمر، خلال القمة العربية المزمع انعقادها نهاية الشهر المقبل.
وأوضحوا أن تلميحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب “ليست سوى رسائل تؤكد أن هناك تفاهمات تحت الطاولة تشمل عددا من الدول العربية”.
وكان الرئيس ترامب قال، بمؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض أول من أمس، “ان حل الدولتين للصراع الاسرائيلي الفلسطيني ليس السبيل الوحيد من أجل السلام”.
كما أعلن البيت الأبيض أن واشنطن لن تصر بعد الآن على هذا الحل الذي يعتبره المجتمع الدولي مبدأ أساسيا للحل، وأنه لن يملي بعد الآن شروط أي اتفاق سلام محتمل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقال ترامب إن مبادرة السلام الجديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين “قد تتضمن الكثير من الدول”، مضيفا “أودّ أن أرى السفارة الأميركية تنقل إلى القدس وأبحث الأمر بعناية كبيرة”.
رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري قال إن ما قيل وما اتفق عليه “يغير” الصورة في المنطقة بالنسبة للقضية الفلسطينية بشكل كبير، مضيفاً “عندما يقول ترامب بأن حل الدولتين ليس الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، فإن ذلك يعني نسف كل قرارات الأمم المتحدة والمبادئ الأساسية التي بنيت عليها هذه القرارات الدولية”.
واعتبر أن تصريحات وتلميحات ترامب تؤشر إلى “إلغاء” حق العودة للفلسطينيين وان الأراضي الفلسطينية أراض محتلة، لافتا إلى أن الحل الآخر لدى ترامب عن وجود دولة فلسطينية مستقلة “غير وارد”، فقد سمى الدولة الفلسطينية بالحكم الذاتي او ان ترتبط الضفة الغربية كسكان مع أطراف عربية أخرى لم يسمها.
وتابع ان حديث ترامب ليس مبطنا، والتداعيات والمعاني المبطنة واضحة تماما في حديثه، قائلاً “لا نريد أن نثير مخاوف الناس، ولكن علينا أن نتنبه إلى ما قيل وهو يعنينا كموقف وطني أردني، ونتنياهو يعرف معناه جيدا”.
وبين المصري أن كل ما قاله ترامب لا يعني الفلسطينيين وليس له وقع على الأرض إنما حسم لموضوع الدولتين، مشيراً إلى ضرورة تفويض جلالة الملك خلال القمة العربية المقبلة، من الزعماء العرب، بموضوع القدس”، مؤكداً أهمية الوضوح بهذا الأمر.
كما أكد ضرورة “أن يدافع الزعماء العرب عن موقف الاردن ووضعه، وما يمكن ان يشكل تهديدا له”.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر إن الاردن ركن اساسي من أركان الحق الفلسطيني في فلسطين وليس متطفلا أو مراقبا، مضيفاً أن هذا الحق مكتسب عبر التاريخ، فضلاً عن الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس.
ولفت إلى أن تلميحات ترامب “ليست سوى رسائل تؤكد أن هناك تفاهمات تحت الطاولة تشمل عددا من الدول العربية”، مشيراً إلى أن عقد القمة العربية المقبلة في هذا الوقت مهم لوضع النقاط على الحروف حول ماذا يريدون أن يفعلوا تجاه الدولة الفلسطينية، فضلاً عن ضرورة معرفة الموقف العربي تجاه التغييرات الجديدة في الموقف الأميركي.
وأوضح أن التغييرات الجديدة التي “يتم الكشف عنها لأول مرة شملت ليس فقط الاعتراف بيهودية إسرائيل، ولكن السيادة الكاملة لإسرائيل عسكريا وأمنيا على كامل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية”.
وعبر أبو جابر عن اعتقاده بأن القضية الفلسطينية هي مفصل رئيس و”واجب على الزعماء العرب تدبر أمرهم، ومصارحة شعوبهم، وعدم اللعب من تحت الطاولة، إذا أن المؤشرات تشير إلى مشاركة دول عربية في طبخ ما يجري الآن في واشنطن”.
من جهته، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق تيسير الصمادي إن الإدارة الأميركية الجديدة تظهر ضحالة درايتها في الملفات الإقليمية والدولية وتتعامل مع الأمور من منطلق العقائدية والنرجسية.
وأضاف أن تصريحات ترامب تلك تعيد الأمور في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي إلى المربع الأول، وتشكل ضربة لجهود السلام بين العرب وإسرائيل، وخصوصا بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وتابع أن ترامب تأثر كثيرا بموقف نتنياهو، ويبدو أن أركان الإدارة الأميركية (وزارة الخارجية، الأمن القومي) لديها توجهات معينة.
وأشار الصمادي إلى أن لدى الفلسطينيين “خيار إعادة الأمور إلى عهد الاحتلال، وتكون إسرائيل بالتالي مسؤولة عن شعب محتل، وهي ضربة قاسمة وقوية من الفلسطينيين لنتنياهو”، لكنه أضاف أن الموضوع برمته شائك ومعقد وسابق لأوانه وله من التبعات ما له.
وبين أن الأمور اختلطت واصبحت مربكة الى حد كبير ومطلوب من القمة العربية المقبلة أن تؤكد على الاتفاقيات التي تمت برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة والدول الكبرى، والتزام هذه الدول بالاتفاقيات من جهة وخطة السلام العربية التي طرحت من قبل العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز من جهة أخرى.
كما أكد الصمادي أن الأردن هو المتضرر الرئيس بعد الشعب والسلطة الفلسطينية من هذه الإجراءات اذا ما تمت على الأرض، مشددا على أهمية أن يكون هناك لغة حاسمة وضغط عربي في الملف الفلسطيني، إذ ليس من مصلحة العرب والفلسطينيين إعادة عقارب الساعة الى الوراء.الغد