فيلادلفيا نيوز
سعود ساطي السويهري
تتداعى أمامنا اليوم وبشكل متزايد العديد من الدعاوى للتعايش مع مفهوم (المثلية) وتقبّله، وتعمل آلة الإعلام بقوة وكثافة على إرسال العديد من الرسائل الاتصالية من خلال البرامج والأفلام والمسلسلات، لتغرس هذا المفهوم كأنه أمر طبيعي وواقعي ويجب تقبّله، ومن هنا تأتي ضرورة توضيح مفهوم المثلية أو الانحراف الجنسي، والإشارة إلى جوانبه النفسية، لبناء الوعي تجاهه، والتأكيد على أنه ظاهرة مرضية وغير طبيعية، إلى جانب حرمانيتها الدينية التي لا تخفى على أحد من المسلمين.
ويمكن تعريف المثلية الجنسية أو (البارافيليا) بأنها: «مصطلح يطلق على مجموعة من الاضطرابات العاطفية التي تتمثل على شكل سلوك وتصرفات ودوافع جنسية غير طبيعية». وتتصف المثلية الجنسية بوجود تخيلات جنسية خارجة عن نطاق المألوف والطبيعي، وتكون عادة تجاه أشياء لا تملك أي دلالة أو صلة بالجنس، والتي لا يعتبرها الآخرون عادة مثيرة للشهوة والرغبة الجنسية.
وتبدأ البارافيليا عادة خلال فترة المراهقة وتستمر حتى مرحلة البلوغ، وتختلف شدة ومعدل حدوث الأوهام والتخيلات المرتبطة بالمثلية الجنسية باختلاف الأشخاص، إلا أنها عادة ما تنخفض مع تقدم العمر.
ولا يمكن تحديد عدد الأشخاص الذين يعانون من المثلية الجنسية بدقّة؛ وذلك لعدة أسباب أهمها معاناتهم من هذه الاضطرابات في الخفاء، وشعور من يعاني منها بالخجل، أو انخراطه في بعض السلوكيات الجنسية المسيئة.
ولكن من الجدير بالذكر أن معظم الأفراد الذين يعانون من الانحراف الجنسي هم من الرجال. ويتعرض عالمنا اليوم لمحاولات ضخمة في تطبيع هذا النوع من المثلية، وبحسب عالم النفس الهولندي «جيرارد أردفيج» فإن المصاب بهذه الحالة من المثلية عادة ما يقوم بقمع عقله وضميره، واستبدال الفهم الداخلي بأن المثلية الجنسية تتعارض مع الطبيعة بخداع الذات بأنها فطرية وعالمية.
وعندما يبدأ الشخص بالكذب على نفسه بهذه الطريقة، فإنه يضطر إلى التشبث بشدة بأن هذا الأمر طبيعي، مما يبرر اختياره ويساعده على رؤية نفسه كفرد طبيعي وصحي وأخلاقي.
وهكذا، فإنه ينفر نفسه من الواقع، ويحبس نفسه في التمني، ويرفض أن يرى الحقيقة عن نفسه، ويعمل على تغيير المشاعر والآراء الطبيعية حول المثلية الجنسية في 98% من البشرية، التي يعتبرها هو «بيئة معادية».
وإن أيديولوجية المثليين تروج لمختلف الأعذار والأكاذيب، والتي ساعد في انتشارها تخلي جمعيات علم النفس والطب النفسي الأمريكية عن النزاهة العلمية، مما أدى إلى انتشار هذه الأيديولوجية بشكل كبير، وقد بذل العديد من الباحثين جهودًا في سبيل العثور على العوامل البيولوجية للمثلية الجنسية، ليثبتوا بأنها أمر طبيعي، إلا أنهم توصلوا لنتائج معاكسة، فالكمية المتراكمة من البيانات العلمية زادت الشكوك في وجود مثل هذه العوامل التي تشير إلى أن المثليين يملكون هرمونات وجينات وأدمغة طبيعية، إلا أن عمليات التلقين الجماعي باستخدام الوسائل كافة وعلى رأسها الإعلام بأن المثليين هم ضحايا للاضطهاد الجماعي، والسعي للتغلب على المقاومة الاجتماعية والدينية لهذه الحالة المخالفة للفطرة الطبيعية.
وإلى وقت قريب كانت «منظمة الصحة العالمية» تعتبر المثلية الجنسية مرضا يستلزم العلاج، قبل أن تضغط الشركات الدولية من خلال أبواقها الدعائية من باحثين (علمويين) يوظفون شهادتهم العلمية في قلب الحقائق عبر دراسات يصفونها «بالعلمية» وينشرونها في الدوريات الأكاديمية الكبرى للترويج لأسطورة المثلية، وضرورة القبول بالنوع الثالث من الجنس البشري، وتقديم العديد من الحجج والأدلة التي تزعم أن المثليين لا ذنب لهم في اختيار انتمائهم الجنسي، لأن الطبيعة هي التي قامت بوظيفة الانتقاء لميولاتهم الجنسية المرتبطة بتركيبة جيناتهم الوراثية وهرموناتهم البيولوجية، وغيرها من الادعاءات التضليلية؛ التي تهدف لضرب العلاقة الطبيعية بين الرجل والمرأة، والانقضاض على مؤسسة الزواج.
وهناك العديد من النظريات عن سبب ظهور المثلية الجنسية، منها نظرية التحليل النفسي التي ترى أن هناك أسبابا في الطفولة المبكرة قد تؤدي إلى تكون عقدة لدى الفرد تجاه الجنس الآخر، مثل: العلاقة السيئة ما بين الابن والأم أو الابنة والأب.
رفض أحد الوالدين لأفراد الجنس المشابه.
فقدان الطفل لأحد الوالدين، مما قد يؤدي إلى بحث الولد أو البنت عن الجنس المشابه في الحياة المتأخرة للتعويض عن فقدان الأب أو الأم.
وبعد إجراء الأبحاث على تأثير الغدد الصماء والهرمونات على الحالة الجنسية، ثبت علمياً أنه خلال الحياة الجنينية بين الشهرين الرابع والسابع أن الوطاء يتكون حسب الجنس المحدد جينياً وحسب نسبة الأندروجينات.
وأن نقص الأندروجين في الجنين الذكري يؤدي إلى تأنيث دماغ الجنين في المرحلة المذكورة، وزيادة الأندروجين في الجنين الأنثوي يؤدي إلى ذكورة الجنين، ولاحقاً إلى المثلية الجنسية أو الشذوذ الجنسي.
ومن هنا يجب الإشارة إلى أن هذا الموضوع يعتبر في غاية الأهمية والخطورة، مما يحتم على جميع العلماء والباحثين العمل بمصداقية وشفافية لإثبات أن هذه الظاهرة تعتبر اضطرابا نفسيا وجسديا يستلزم العلاج لا التقبّل، والوقوف بوجه النداءات الحثيثة لتقبّل هذه الظاهرة بأنها أمر طبيعي، ولا ينافي الفطرة والطبيعة البشرية.