فيلادلفيا نيوز
سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
خلقنا الله عز وجل شعوبا وقبائل لنتعارف ونتواصل فيما بيننا، ولنتقارب ونعيش سويا في إطار إجتماعي موحد يسوده المحبة والود والقرب، ولكن السبق والأفضلية والأكرمية تكمن في التقوى، فلا فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض أو أسود، فطبيعة الحياة أن الإنسان كائن إجتماعي بطبعه، وينبغي أن تكون علاقاته واسعة وتتسم بالإيجابية مع القريب والغريب.
وللأقارب على وجه التحديد خصوصية أكثر في العلاقات الإجتماعية والحب والمودة وصلة الأرحام، حيث الرابطة الوجدانية في التقارب والتآلف وحب الوحدة والتجمع بين أفراد العائلة الواحدة، ولا يخفى على الجميع مدى الفخر والسعادة حين يكون في العائلة الواحدة فئات معينة تشرف بها العائلة كالطبيب والمهندس والوزير والسفير والتاجر وغير ذلك من المهن والمجالات ذات القيمة والقامة الإجتماعية .
وعلى الوجه المقابل نلاحظ وجود خلافات وصراعات داخل أبناء العائلة الواحدة أو الأسرة الواحدة، فتصبح المشاعر والوجدانات بين الأقارب أكثر تعقيدا وتناقضا، وفقد الانتماء أساسا في التعامل فيما بينهم، ولعل الخلافات بين الأقارب تولد المشاعر السلبية وقطع للعلاقات وصلة الأرحام، والإنفصال والبعد والخصومة بدلا من التلاقي والود وتبادل الزيارات واللقاءات وتطوير العلاقات.
ومن أهم الأسباب النفسية التي تؤدي للخلافات بين الأقارب ما يلي:
1 – الشعور بأفضلية البعض عن البعض الآخر؛ من حيث وظيفة أو مركز معين، وافتقادها لدى البعض الآخر ( الغيرة والتعالي ).
2 – إشعال البعض لنار الفتنة بين الأقارب؛ لمجرد وجود سمات شخصية سلبية ودوافع نفسية لمن يقوم بالتفرقة بينهم، أو وجود نقص عاطفي واجتماعي لديه .
3 – المشكلات الخاصة بالميراث، فقد يمتنع البعض عن إعطاء الميراث الشرعي كاملا لذويه، ومن هنا تنشأ الخلافات والكره والبغضاء.
4 – تكوين إتجاهات سلبية تجاه بعض الأقارب بسبب الطباع السيئة، فيكوِّن البعض أفكارا تسهم في قطع الصلات والبعد عنهم، وعدم الرغبة في التواصل.
5 – قد تكون الخلافات بسبب التدخل الزائد في الشؤون الخاصة بالأفراد رغم القرابة، فمحاولة وضع حد فاصل في العلاقات والخصوصيات هي أساس الحفاظ على العلاقات الناجحة والمستمرة، خصوصا إذا ما كان هناك تفاهما ووعيا بهذا الأمر لدى الطرفين من الأقارب، ويطبق هذا أيضا مع غير الأقارب على وجه العموم.
6 – قد يكون الإبتعاد بين الأقارب من لا شيء، بمعنى أنه قد يتم البعد بمجرد سماع معلومات غير محققة من البعض عن القريب، فيقوم الطرف الأول باستشعار البعد وعدم الرغبة في التواصل ويُكوِّن الطرف الآخر شعوره برغبة القريب من عدم القرب أيضا، فيبني كل منهما إحتمالات وافتراضات أساسها الكبرياء وعزة النفس وعدم البدء في السؤال والزيارة، وأن فلانا ليس أفضل مني لكي أبادر بما لم يبادر هو به وهكذا…. .
7 – قد تنشأ الخلافات بسبب أن هناك أقارب مؤذين بالفعل، نياتهم غير سليمة، والأذى وعدم الشعور بتقدير الآخرين وإحترام القرابة واللامبالاة هو شعارهم، فيسعى الأقارب إلى تجنبهم والإبتعاد عنهم.
وحقيقة الأمر أن للجوانب النفسية أهمية قصوى في بناء أواصر العلاقات الأسرية والعائلية، وخصوصا أن للأقارب رابطة عاطفية أعمق من العلاقات مع الأفراد العاديين، ولابد للأهل من يقوموا بتوطيد العلاقات وصلة الأرحام فيما بينهم، وأن يحدثوا الأبناء عن حب الأهل والروابط العائلية بدلا من حديثهم السلبي عنهم؛ الذي يولد الجفاء والكره والبغضاء والتباعد الأسري والعائلي.