الخميس , نوفمبر 14 2024 | 5:54 ص
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : يا قصر ياللي بالسهل…ما خضخضك صوت النذير

رايق المجالي يكتب : يا قصر ياللي بالسهل…ما خضخضك صوت النذير

فيلادلفيا نيوز

 

(القصر) قريتي ،،،

وهي، قرية في شمال الكرك في سفح شيحان سميت في التاريخ الحديث نسبة لمعبد خرب يعود إلى زمن (الأنباط والرومان ) فكان يطلق على هذا المعبد الكبير لأنه متعدد الاستخدام أيضا (القصر) ولكن التسمية الأصلية والتي نقشت على أحد حجارة هذا المعبد هي (بيت كرم) والكرم هنا هو (بستان العنب او الأرض المزروعة بالعنب وليست الجود والكرم لأن هذه المنطقة في العصور القديمة كانت سهولا تنتشر فيها كروم العنب حول هذا المعبد وكانت محاصيل هذه الكروم تجمع في هذا المعبد فتستخدم في الطعام والشراب وصناعة (النبيذ) وكل ما يستخدم له محصول العنب ، وسمي هذا المعبد (بيت كرم) .

أما مسألة أن الإسم يشير للكرم والجود لأن أهالي المنطقة ومن سكنوها هم أهل جود وكرم فهذه ركبت لاحقا لأنهم وهم عشيرتي (المجالي) أجدادي كسائر عشائر الكرك والأردن عرب وقيمهم هي قيم العربي الأصيل وأول سماته (الكرم والجود) ولو كانت هذه هي التسمية الصحيحة لنسبت كل قرى الكرك والأردن وبواديها لكرم ساكنيها فكانت اسامي كل المناطق واحدة.
وساختصر الحديث عن أصل التسمية والأحاديث للأنتقال لتفاصيل هذه القرية الأهم تفاصيل حيث يجب علي أن اتلمس واشير لتداعيات جغرافية القرية التي تمتد من سفوح جبل شيحان شمالا، وحتى قبر هزاع المجالي وحابس المجالي (حاليا ) جنوبا، ومن قرية مجدولين غربا وحتى وادي الحمة والبالوع والسنينة شرقا.

ولهذه البقعة مهابة، وجمال، لإرتباطها بمعاني تاريخها،وكل ما مر عليها وإرتباطها أيضا بكل الأجيال التي مرت وقد نبتت منها فكانت سهلا ينتج العظماء و لعلي ومثلي أبناء العمومة من عشيرتي وكذلك كل أبناء العشائر التي سكنتها كجيرة للمجالي ،إذا ما ذكر إسم (قصرنا) نشتم فورا روائح( الهيل) وعبق (قهوة ) بيوتها التي كانت مشرعة على الدوام للقريب والبعيد ولكل( الخطار والضيوف) فتتردد أسماء من تفننوا في الكرم والجود فأشتهروا بطرقهم في الكرم وبفلسفة كل منهم لقصة اكرام الضيوف فيقفز إسم ( كريم بن فارس وشلاش بن فارس وعايد بن موسى ونوفل وفلاح الغصوب وجار السكنى وشقيق تاريخ الطيب والكرم في القصر فلاح المبيضين ) واعلام غيرهم اشتهروا بطريقة كرمهم من اعمام وأبناء الاعمام لمن ذكرتهم والذين أطلقت عليهم القابا تشير إلى طبائعهم في الكرم (تليل اللحم، أبو غلاية ، راعي الصحن ، سكينة نوفل ) و(لشلاش بن فارس قصة بأنه فوق اكرامه الضيوف كان يخلع ثوبه ويهديه لبعض من يدخلون مجلسه حتى جاء اليوم الذي نادى فيه وعلى ( راعية البيت) في (المحرم) لتناوله ثوبا يستبدل به ثوبه الذي يرتديه لأنه أراد منحه لأحد جلسائه وضيوفه فردت بأنه لم يعد يملك ثوبا اخر غير الذي يرتديه لأنه أهداها جميعها.

وتقفز في الأذهان أصوات نقرات (الجرن) (وحمحمات خيول فرسانها) (سلامة بن مصطفى ـرافع الخاوة عن الكرك ـ وشقيقه خليلـ أبو سيفين) ثم من عقبوا من أمضى الفرسان (عيال سلامة وعيال خليلـ ) والذين كانوا (فرسان العشيرة ومخزونها العسكري فكانت ( الفرسة) وعقيد الخيل لعشيرة المجالي والكرك منهم( السليمان والد مصطفي وجد سلامة وخليل /القصر) ومعهم بقية الفرسان من بقية افخاذ العشيرة من (اليوسف/ والداوود و وقوم الجد في قرايا ومناطق ترامي مضارب المجالي .

والقصر إضافة إلى ثراء تاريخها بوجود آثار المعبد في وسطها، يوجد فيها، أيضا، في أطراف القرية القديمة، العديد من الخرب التاريخية مثل خربة( البالوع) و(الحمة) و'(السنينة)، وخربة (الزقيبة/خربة عيال خليل) وخربة (تدون) ويوجد في هذه الخربة مكتشفات رومانية وكنائس قديمة، وهي تسمى كذلك (خربة فارس/نسبة لفارس بن سلامة) .

يتحدث الرحالة وعلماء الآثار عن القرية من خلال المعبد الذي يعتبر من أهم ملامحها، لأنه يحمل الجزء الأكبر من ذاكرة المكان القديمة جدا وعن معبد (بيت كرم) يقول أحدهم الذي كتب عن المنطقة في الخمسينات، مشيراً إلى هذا الموقع بقوله: “بعد أن يقطع المسافر 15 كيلومترا بعد الخروج من الوادي (ويقصد وادي الموجب)، فإنه يصل إلى قرية القصر، حيث توجد خرائب هيكل نبطي صغير. لقد أدخل أهل القرية بعض حجارة الهيكل المنحوتة ضمن جدران منازلهم، ويتبين من هذه الحجارة أنها تماثل حجارة خربة التنور في وادي الحسا وتعود إلى نفس الفترة الزمنية.. لم تجر قط أية حفريات في الهيكل، وترى داخله كومة من الحجارة المتراكمة، لا يستبعد أن تخفي تحتها حجارة مزخرفة أخرى”.

تاريخ القرية القديم يشير إلى أنها كانت مستوطنة سكانية نبطية، ذات تعداد سكاني كبير، وقد أكد هذا كبر حجم المعبد واتساع الصالة المركزية فيه، وانتشار الكثير من الكسر الفخارية في مناطق مختلفة منه، كما يوثق ذلك الباحثون والذين يبينوا بأن بناء هذا المعبد، الذي يعتبر من أهم المعابد النبطية في هضبة مؤاب، يعود إلى الربع الأول من القرن الأول ميلادي، وقد قدر هذا التاريخ اعتمادا على قطعة نقد وجدت في الموقع تعود لفترة الحارث الرابع .

إضافة إلى مقارنة منحوتات المعبد المتساقطة منه، بتلك القطع التي وجدت في معبد التنور، مثل منحوتات آلهة الشمس النبطية التي تنتمي لنفس الطراز الفني، وكذلك النحت الذي يمثل رأسا لأسد وزخارف نباتية تمثل ورودا مختلفة.
كما أن المعبد (القصر) كان بالإضافة الى قداسته الدينية، كان يرتبط به نظام دفاعي تمثل بوجود برجين دفاعيين، يتم الوصول اليهما عبر مجموعة من الدرجات، التي تقوم فوق منصات حجرية،وربما كان لهذه الأبراج وظيفة دفاعية أو دينية، لأن منطقة القصر ازدهرت كمحطة تجارية ودينية هامة خلال القرنين الأول والثاني الميلاديين، وكان المعبد يلبي هاتين الغايتين.

والمتتبع أو من يدقق في تشكيل بيوت قرية القصر القديمة، يلاحظ إيقاعا خاصا ونمطا تتميز به، حيث ملاحظة كثير من دلالات المساحات فيها واشكال البناء تخبره عن طبيعة السكان لهذه البيوت وكيف ولماذا شيدوها ، بعض تلك البيوت طينية، وأخرى حجرية قديمة بنيت من حجارة مزركشة، كما أنه يلاحظ في بعضها أن جوانب من قناطرها تتكئ على قواعد من حجارة نبطية عتيقة، وهناك بعض أقواس مبنية من حجارة ملتفة بطريقة هندسية مذهلة وبمساحات كبيرة، وهذا الحال ينطبق ـ مثلا ـ على بيت( إبراهيم باشا ابن خليل أبو سيفين) والذي أصبح حاليا ملكا لدائرة الآثار العامة، لأن البيت يلبي قدرا كبيرا من وجاهة صاحبه من ناحية الفخامة التي بني منها، وهو ملاصق للمعبد أو القصر، ويحتوي على مجموعة من الأحجار والتحف التي تنتمي في جذرها الأول إلى الأصل النبطي من (بيت كرم) وتمثل في أغلبها أشكال رسومات وتماثيل لآلهة أسطورية قديمة.

وهناك آخرون تعتبر بيوتهم القديمة أيضا، في تشكيلها هي جزء من القصر الأثري القديم، بحكم الجيرة، واختلاط الحجارة أيضا، ومنهم بيت (نايف باشا المجالي)، وبيت (الشيخ هجهوج المجالي)، وبيت (الشيخ ذياب بن سلامة المجالي)، ومجموعة أخرى من الأبنية التي صارت تعد جزء من تاريخ، وآثار، وذاكرة القصر.

وقصص وأحاديث هذه المضارب والبيوت لا ينتهي فإذا استرجعنا جوانب أخرى لهذه البيوت، فسنلاحظ أن لهذه البيوت دلالات ومعان أخرى لدى أهل قرية القصر، فهي بالإضافة إلى قيمتها التاريخية كبنيان كانت تُصاغ فيها تفاصيل الحياة التي توثقها ذاكرة القرية التي تقول إن هذه البيوت لم تكن تستعمل فقط لأغراض السكن، بل كانت مقرا لممارسة العمل العام، ولجلسات التصالح (والقضاء /المجلي منقع الدم وقاضي الكرك ) ، ولترتيب شؤون الأهالي وأيضا كانت مركزا حيويا لصناعة أمجاد الكرك سياسيا أيضا في تاريخها الحديث وفي نهايات الالفية الثانية.

كما أنها استخدمت في فترات لاحقة لشؤون الخدمات العامة، حيث يتحدث أهل القرية بأن أول مدرسة للبنين والبنات تأسست في بيت (نايف باشا المجالي) وعلى يد ابنه (الشراري بن نايف) ومعه من أبناء عمومته عيال سلامة وعيال خليل من ساعدوا وساندوا فمنهم من تبرع بأرضه لبناء أول موقع دائم لمدرسة للأولاد فكانت أول مدرسة على أرض تبرع بها ( توفيق ـ تافيقـ بن فارس) ومن ثم بعد ذلك كان (فايق بن عبدالله بن فارس) متبرعا بقطعة من أرضه لبناء مقر مديرية الناحية.

وفي ملف التعليم في قرية القصر، فإن أول ما يخطر في بال كثير من الأهل هناك، إسم المرحوم الأستاذ عبد الله بن توفيق الذي يعتبر رائد الحركة التعليمية في القصر، وقد مكث في إدارة المدرسة ما يقارب الأربعين عاما، كما أنه من أوائل أبناء البلدة الذين تخرجوا من مدرسة السلط، هو وأبناء عمومته الذين يتذكرهم كل الأردن بخدمتهم في مواقع تربوية وقضائية وسياسية وعسكرية رفيعة المستوى (هزاع ،حابس،عبدالوهاب ،عبدالسلام ،عبدالهادي ،عطالله ,داوود) وفي ملفاتها وصفحاتها (العسكر/ثعلب الدورع خالد هجهوج أبو سرحان وخيرة الجند من ابناء عمومته) وكبار رجال الدولة وتأدية مهامها العظيمة والجسيمة في كل سلك وجهاز.

هذه هي حكاية قصرنا وناسها والمضارب والقرية والبلدة ثم المدينة اليوم مركز لواء القصر شمال الكرك الحبيبة.

رايق عياد المجالي/ أبو عناد

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com