فيلادلفيا نيوز
كان الأجدر بمجلس الأمة عند تعديل قانون العقوبات أن يعدل أيضا قانون الجرائم الإلكترونية بأن يلغي النص الغريب العجيب الذي يجرم التطرق للهيئات الرسمية بأي نقد “ذم هيئة رسمية” وذلك لأن علة التجريم هنا تتعارض مع مبدأ دستوري وهو ضمان وصون حرية التعبير عن الرأي وكذلك يخالف النص الدستوري على حق الأفراد والمواطنين في مخاطبة السلطات فيما ينوبهم من أمورهم الشخصية والأمور العامة.
فجرم الذم والتحقير للأشخاص الطبيعيين أو للشخصية الإعتبارية الغير رسمية كالشركات والمؤسسات التجارية الذي تم إشتقاق هذا النص منه والقياس عليه علة وجوده هي حماية الكيان المعنوي والمادي من وقوع الضررين المعنوي والمادي نتيجة الذم بحيث تقدر – عند ثبوت الفعل – قيمة التعويض عنهما من قبل الخبرة التى تنتدبها المحكمة لهذه الغاية بينما في حالة أن يكون المجني عليه مؤسسة رسمية فما هو الضرر المادي والضرر المعنوي للمؤسسات الرسمية وهي مؤسسات ليست تجارية وربحية لتتضرر سمعتها فيحجم الناس عن التعامل معها فتتراجع ارباحها حيث أن حكمة التجريم في قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية في جرم الذم تحديدا هي درء أنواع الضرر المادية والمعنوية للأشخاص الطبيعيين والإعتباريين المتصور والممكن تضرر مصالحهما من أفعال الذم والتحقير.
وكما ذكرت فهذا النص وهذا التجريم كما يخالف نصوصا ومباديء دستورية وهي المتعلقة بضمان حرية التعبير – والمقصود هنا حرية التعبير في مواجهة السلطات الرسمية طبعا – وكذلك النص الدستوري المتعلق بحق الأشخاص بمخاطبة السلطات فيما ينوبهم من أمورهم الشخصية والأمور العامة فهو أيضا يخالف مبدأ قانونيا في التشريع الجنائي الذي يقول بعدم جواز القياس في التجريم وفي سن نصوص التجريم وهذا ما حصل في تجريم نقد الهيئات الرسمية حيث تم القياس على النص الأصلي الذي يجرم ذم الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الإعتباريين في القوانين الخاصة.
وللأسف أيضا وفي ظل منظومة التشريعات الناظمة للحياة السياسية التي أقرت فبقاء هذا النص يتعارض أيضا معها مجتمعة فهل سيطبق مثلا على الأحزاب عند قيامها والتي دورها الرئيس أن تشكل حكومات الظل التي تنقد وتراقب الحكومة المكلفة ومؤسساتها..؟؟؟؟
ومما تجدر الإشارة إليه أن طريق الطعن بعدم الدستورية في مواجهة نص التجريم المخالف للدستور للمواطنين والأفراد هي حسب قانون المحكمة الدستورية فقط عن طريق المحاكم عند وجود قضية منظورة بحق أحدهم إستنادا لهذا النص، لهذا فكل من تنسب إليه هذه التهمة إستنادا لهذا النص لديه هو الطريقة والفرصة للطعن بعدم الدستورية لإلغاء هذا العوار التشريعي لأن الحكومات لا يمكن أن تتقدم بمشروع تعديل لهذه الغاية إلا إذا اصدرت المحكمة الدستورية قرارها بعدم دستورية هذا النص أو تحت الضغط الشعبي والإعلامي الكبير.
برأيي هذا نص معيب ويعد عوارا تشريعيا في قانون الجرائم الإلكترونية كان الأوجب إزالته لأنه نص يفضح تماما العلة والحكمة من وجوده وهي لمجرد (تكميم الافواه)
ابو عناد.