فيلادلفيا نيوز
أولا لنعرف ما هو حزب الكنبة ..؟
(حزب الكنبة ) :
مصطلح سياسي اجتماعي عرف في مصر وبلاد الربيع العربي وانتشر بُعيَد ثورة 25 يناير 2011 ومثيلاتها من الثورات.
ومصطلح “حزب الكنبة” من المصطلحات السياسية المستحدثة التي اكتسبت أهمية وزخماً كبيراً في الفضاء السياسي ابتداء في مصر ثم في أقطار عربية اخرى ولذلك تعددت تعاريفه وتوصيفاته , فهو عند البعض مصطلح يعبّر عن (الأغلبية الصامتة ) من الشعب العازفة عن السياسة بأشكالها كافّة ومنهم من يحصرها في قطاع من الشعب يتجاهل كل نداءات الانخراط في الأحزاب أو المشاركة في الحياة السياسية.
حزب الكنبة يضم بين جنباته فئات شتى منهم المواطنون المؤيدون للعملية السياسية لكن غير المهتمين بالمشاركة فيها ومنهم غير المشتغلين بالسياسة والشأن العام سواءً بالتأييد أو الرفض وهم فئات الشعب من غير النخب في المجتمع مثل ربات البيوت والعمال وكذلك الموظفون والتجار واصحاب الحرف والمهن المختلفة .
ما تقدم أعلاه إذا ما لخصناه بأن حزب الكنبة هو (الأغلبية الصامتة من الشعب منها المؤيد للعملية السياسية دون المشاركة فيها بأي شكل ومنها من لا يهتمون اصلا بما يجري على الساحة الداخلية في البلاد ) فإننا سنجد أن لدينا خلافا لما وجد في اقطار اخرى حالة تشبه هذا المفهوم لحزب الكنبة ولكنها تختلف عنه بأن لدينا (طقما من الكنب ) أي قطع من (الكنب ) في السياسة او الشأن السياسي الأردني وبنفس توزيع أطقم الكنب من حيث الحجم والأهمية في ديكورات (غرف الضيوف ) في بيوتنا , فهناك (الكنبة الرئيسية الكبيرة ) التي تتكون من مقاعد ملتصقة وتوضع في صدر المجلس وهي مخصصة دائما لكبار لضيوف ومن نجلسهم في صدارة المجلس (الصدر ) وهناك قطعة اخرى (كنبة ) اقل عددا من المقاعد الملتصقة واصغر حجما ) ثم هناك مقاعد (كنب مقعد واحد ) بعدد يتناسب مع حجم (الطقم ) ومساحة غرفة أو صالة الضيوف .
وكما قلت بخلاف الوضع في اقطار اخرى التي تصف الاغبيلة الصامتة بحزب الكنبة أي ان الاغلبية هذه هي التي تجلس على الكنبة الكبيرة متعددة المقاعد فنحن في الأردن قد جلست كافة النخب وخاصة المجتمع على هذه الكنبة الكبيرة وهذه الفئة (النخب بأنواعها ) تؤيد العملية السياسية لا بل تشجع عليها وتدعو بقية فئات الشعب للمشاركة لكن من على بعد ومن على الكنبة كمراقبين وهم لا ينخرطون فعليا في العملية السياسية وفقط يؤيدونها ويشجعون عليها ولا احد منهم يريد ترك الكنبة التي تتصدر المجلس لإعتقادهم جميعهم أن الأدوار السياسية والوظيفية توكل فقط لمن يجلسون على هذه الكنبة ولا يتم انتقاء الشخصيات لتولي المسؤوليات إلا من الجالسين أو من حجزوا مكانا أو مقعدا على الكنبة الرئيسية .
ثم تأتي الكنبة الثانية في الحجم وعدد المقاعد وهذه كنبة تكون عادة في جانب الكنبة الرئيسية أو الكبيرة والأقرب لها ويجلس عليها عادة من هم من النخب الذين وصلوا متأخرين على وصول من تصدروا الكنبة الرئيسية أو من كانوا يجلسون على الكنبة الرئيسية لوقت فأضطروا لإفساح المجال لغيرهم من كبار الضيوف ,وهم (أي نخب الكنبة الاصغر ) من يتبادلون الأحاديث ومجاملة الكنبة الرئيسية ومن عليها وطبعا فكل ما ينطق به من يجلس على (الكنبة الرئيسية ) محل تأييد وإعجاب من كل من يجلسون على (الكنبة الأصغر ) الأقرب .
وعلى (الكنبات المنفردة بمقعد واحد ) يتوزع أيضا من يأتون كضيوف في المرتبة الثالثة قد يكون منهم من كان في السابق قد جلس على (الرئيسية ) أو (الأصغر ) وقد يكون فقط منهم من بدأ معرفته بالكنب وعالم الكنب بأن حجز مقعدا منفردا (كنبة منفردة ) ولكنه يتطلع إلى الوصول إلى (الكنبتين الرئيسية والأصغر الثانية ) في وليمة قادمة .
وفي الساحة السياسية الأردنية نجد أن (الكنبة الرئيسية ) كما قلنا تؤيد وتشجع ولا تشارك (والكنبة الثانية الأصغر ) فقط هي التي تجد في المشاركة عن طريق (تكوين احزاب والإنخراط في العملية الحزبية ) وسيلتها لتنتقل لتجلس يوما على (الكنبة الرئيسية ) وتتصدر مع المتصدرين في إنتظار الوليمة والأكل من (الصحن أو الصينية ) والطاولة الرئيسية للطعام فهي قطعا ما تحوي على الكمية الأكبر والألذ والمعدة بأفضل وأشهى طريقة , أما من يجلسون في (الكنب المنفرد ) فهؤولاء المستقلون الذين يرون أو يدعون أن (الكنبة الثانية الأصغر ) لا تناسب أحجامهم ولا يرتاحون لمشاركة أحد الجلوس عليها لأنهم عريضوا الأكتاف مفتولوا العضلات وكروش وجاهتهم تحتاج لحيز أكبر حتى يتحدثوا براحة أكثر .
أما بالنسبة لعامة الشعب الأردنية ولمن هم الأغلبية الشعبية فجزء منهم يقف في الباب يقدم الضيافة من (صب القهوة ) و(تقديم الطعام ) وجزء في مكان (الطبخ ) وإعداد الوليمة والجزء الأكبر خارج جدران غرقة أو صالة الضيوف ولا يتسنى لبعضهم إلا النظر من النوافذ من الخارج ومحاولة الإستماع للحديث الدائر فيسمعون بعضه ولا يسمعون البعض الآخر , وبالنتيجة إذا ما قدمت الوليمة وأكتفى من في الصالة وشبعوا ثم غادروا فقد يصيب من هم في خارج ومحيط الصالة نصيبهم من بقايا الوليمة (كطارة )ثالثة أو رابعة .
وفي المحصلة فنحن في الأردن في العمل السياسي وموضوع الأحزاب لدينا (طقم كنب ) وفي (الساحة أو الصالة السياسية ) يشكل هذا (الكنب ) بأحجامه وألوانه ديكورا جميلا يجعل (الصالة ) ليست فارغة بل ممتلئة وبشكل جميل يتوافق مع (الموضة ) .
أنا شخصيا في الساحة السياسية الأردنية أجلس في (قاع شجرة ) هي من أشجار الحديقة الخلفية (للصالة السياسية ) وأراقب المشهد وأكتفي (بزير ماء ) في ظل هذه الشجرة أشرب منه وأحيانا تسقط إلى جانبي بعض حبات من ثمر هذه الشجرة فأسد رمقي بها وقانع بذلك بالرغم من أن الذبائح للوليمة من (حلال جدودي ) والفاكهة والخضار ) من بساتينهم ومزارعهم والبساط أو المفارش التي فرشت بها صالة الضيوف وتحت (طقم الكنب ) هي من نسج أمي وجداتي بمغازلهن وأنوالهن وهن ينشدن ترويدة ( الخوخ قطف الموز ..غرب بلدنا …يا ثقيل الروز ..يا بي فلان ) أو ( يا بي فلان عالساحة رجاجيل(ي) …حياهم الله لو كانوا ثمانين(ي) ) .
المهم …ارقب وأقول في نفسي “سقا الله أيام ما كانت الصالة مفروشة (فراش عرب ) وتتزين (بالمساند ) ” حيث كانت الفرشات بنفس الحجم وتتسع لنفس العدد بالتساوي والمجلس كله يتسع لأكبر عدد وتفوح منه رائحة (الهيل ) والأحاديث كلها عن (الخيل والخيالة ) ولا يجلس في الصدر إلا (شيوخ ) شيخهم أهلهم وربعهم لأنهم خدم لهم لا أسياد يأمرون وينهون فقط وكل قادم (للعرب أو المضارب أو الشق الواحد أو الصالة ) فهو ضيف يكرم من (زاد الشيخ أو من يأخذ واجبهم من أهل المجلس ) وسقا الله أيام ما كان الجلوس في المجلس على قاعدة ” الضيف الأول معزب للتالي ” ..!!!
ولكني أيضا في ذات الوقت (اهوجس) بأنني أخشى مما أراه أن يأتي الدور على الشجرة التي استظل بها فتقطع ليصنع من خشبها كنب جديد يضاف إلى طقم الكنب في تلك الصالة عندما يتوافد مدعوون جدد على الوليمة من حلال أهلي.
أبو عناد ..رايق المجالي /من تحت الشجرة .