فيلادلفيا نيوز
إستقالة أو إقالة أمين عام الحزب مخرج وحيد لحفظ ماء الوجه لتجربة:
مسألة إحالة أمين عام حزب في شبهة جنائية ومخالفة القانون في بيع وشراء مواقع حزبية في قائمة أو غيرها وإن كانت من حيث الشكل مسألة قانونية يختص القضاء بالفصل بها إلا أنها قضية سياسية في جوهرها وبإمتياز ولا يمكن على الاطلاق أن تخرج عن هذا الإطار ،هذا يعني أن المحاكمة فعليا أو الجهة التي تحكم وتفصل فيها من هذا الجانب هو الرأي العام والشعب.
من المعروف أن كل قضية جنائية أخرى ومن كل نوع برغم ما يقوله القانون وتقره مباديء العدالة (من أن المتهم بريء ما لم يدان بحكم قطعي) فهناك دائما أحكام الناس التي تطلق مبرمة بمجرد مثول متهم أمام القضاء فلا ينتج حكم محكمة بالبراءة في تبرئة الأشخاص أمام الناس ولا يؤمن بهذه البراءة عادة إلا الأقرباء من الدرجة الأولى.
وأيضا ورد النص دائما في الأنظمة الإدارية كنظام الخدمة المدنية الذي ينظم عمل المؤسسات الرسمية بأن الموظف المحال من خلال مؤسسته إلى القضاء وأن حصل على حكم براءة من تهمة جنائية إلا أن هذا لا يمنع الإدارة من إتخاذ إجراءات تأديبية إدارية باعتبار أن ما قد لا يرقى إلى جرم جنائي هو بالقطع مخالفة مسلكية تستوجب إيقاع العقوبة المناسبة ، فمن تبرئه محكمة فهو بريء أمام السلطة القضائية من ارتكاب جرم ولكنه أمام السلطة الآخرى الرئاسية وهي الإدارة فهو قطعا قد ارتكب مخالفة مسلكية استدعت التحقيق إداريا معه ولولا توافر أدلة تثبت المخالفة أولا ولكنها تجعل المحققين الاداريين يشتبهون بوجود ما هو اكبر من مخالفة مسلكية بل شبهة ارتقاء الفعل إلى جنحة او جناية لما كان الموظف قد حول إلى الجهة القضائية المختصة.
هذا وما سبق تعليق في البعد القانوني للقضية وانعكاسها على الناس وعلى جهات غير القضاء يفيد بأن الإدانة من الناس ومن الإدارة تقع بمجرد الإحالة إلى القضاء ،ولكن الأهم في هذه القضية ولأنها في جوهرها سياسة لتعلقها بالحياة السياسية والحزبية والمشتكى عليه أمين عام حزب والشكوى تتعلق بقيادته للحزب وفي أهم مسألة داخلية في الحزب وهي قائمة الحزب للإنتخابات ومن يمثله وما هي أسس الإختيار فإن المحاكمة هنا سياسية والقاضي هو الشعب -شاء من شاء وأبى من أبى – لاسيما أن جميع الأحزاب على الساحة متهمة أصلا من هذا الشعب بأنها ليست أحزابا حقيقية وأنها أحزاب نخبوية قامت على تلاقي مصالح مجاميع من المترفين والمسؤولين السابقين لغايات إعادة تدوير ذات الشخصيات من مسؤولين ونواب وأعيان سابقين أو حاليين ودخولهم المرحلة والحياة السياسية القادمة من الباب الأوسع وهو البرلمان .
وهذه الأحزاب جميعها متهمة أمام الشعب بممارسات وتهم أسوأ من التهمة الموجهة أو الشبهة الموجهة للأمين العام المعني في هذه القضية مما يعني أن المحاكمة فعليا وعمليا تجري لجميع هذه الأحزاب السياسية وفي ذهنية هذا الشعب فجميع الامناء العامين للأحزاب تلتصق بهم هذه الشبهة وهذه التهمة وليس المعني بقضية تحقيقية بشخصه وبإسمه وإسم حزبه.
في السياسة القاعدة القانونية “المتهم بريء حتى تثبت ادانته” معكوسة تماما “فالسياسي مدان حتى تثبت الايام الطويلة إدانته” وأحيانا سنين طوال من الإنجاز لا تثبت البراءة للسياسي وبقاء الشخص في موقعه السياسي لا يتضرر منه إلا السياسة نفسها والموقع والجهة التي يعمل بها أو لها وبالتالى الأهداف آلتي تعمل من أجلها المؤسسة السياسية أو الحزبية.
لذلك فإن تجربة حزبية وكافة الأحزاب السياسية القائمة بل ومرحلة هي التي على المحك في هذه القضية وهذا يقتضي أن يرى الناس بأم أعينهم وبما لا يدع مجالا للشك إحدى أمرين:
الأول: إما يستقيل هذا الأمين العام طواعية من قيادة الحزب لإبعاد المؤسسة السياسية والحزب عن الشبهة التي وقع فيها وإبعاد الأحزاب الأخري عن ذات الشبهة وإثبات أن الأشخاص شيء وأن الأحزاب والمؤسسات السياسة المدنية شيء منفصل وليست مملوكة لقياداتها وأن الحزب وبقية كوادره أهم وأولى من شخص أو قيادة لأن الحزب فكرة وبرنامج ومباديء والأمين العام مجرد شخص يتولى موقعا ،والأهم أن يثبت هذا الأمين العام أنه نفسه يؤمن بمباديء الحزب ويؤمن بالرؤية وبالتجربة الوليدة وأهميتها لوطن وليس لأشخاص وإيصالهم إلى طموحات لديهم ،فيعتزل القيادة ويعود إلى مصاف المنتسبين ليبدأ السلم من درجته الأولى كفرد ومواطن ينتسب لحزب سياسي هدفه خدمة الوطن أولا وأخيرا.
الثاني: في حال تمسك هذا الأمين العام بموقع القيادة أو تقوم الهيئة العامة للحزب بالإنعقاد فورا وإتخاذ القرار بتنحية الأمين العام المدان بحكم قطعي أمام الرأي العام والشعب بمحكمة الشعب السياسية وهذا لإنقاذ الفكرة والتجربة والحزب والإثبات للرأي العام وللشعب أن هذا الحزب ليس حزبا للأشخاص وليس- كما وصمه الشعب مسبقا -دكانا أو شركة مملوكة لشخص أو أشخاص..؟؟!!؟؟
أما غير ذلك فبقاء الأمين العام في موقعه والتمسك منه بموقعه وكذلك تداعي الهيئة العامة للحزب للدفاع عن أمينها العام فلن ينتج إلا الإنهيار الكامل لهذا الحزب في القاعدة الشعبية أيضا- إن وجدت- لأن الحزب في هذه الحالة يكون قد تخلى عن الفكرة وعن المباديء التي أعلنت وفقط تمترس خلف مبدأ واحد ” اخذتهم العزة بالإثم”.
هذان خياران لا ثالث لهما لمخرج يحفظ ماء الوجه- إن وجدت – لذات الحزب ولكافة الأحزاب السياسية على الساحة بل هو مخرج وحيد ضيق لإنقاذ تجربة وليدة في مرحلة الخداج وتتأثر بأبسط الاشياء والأحداث على الساحة لاسيما أن استحقاق الانتخابات نحن على أبوابه مباشرة ولم يتبقى أي وقت لتطبيب أو ترميم ما أحدثته هذه الواقعة أو القضية للحزب نفسه وللأحزاب جميعها على حد سواء.
وأخيرا فهذا حزب ينافس الأحزاب الأخري في الشارع الأردني فهل يتوقع منتسبوه أن لا (تفرمه) الأحزاب الأخرى مستخدمة هذه السقطة وهذه القضية في السباق الذي يتهيأون له جميعهم على مستوى الوطن ،بل هل لا يتوقع وبشكل قطعي وحاسم كل عاقل أن تقوم الأحزاب الأخري برجم هذا الحزب للدفاع عن نفسها وإثبات برائتها من هذا الحزب وقيادته وهذا أمر طبيعي بل هو أمر واتجاه لابد منه لتحاول الأحزاب الأخرى أو تقلل من الضرر الذي الحقته هذه القضية بها مجتمعة.
ليستقيل أو اقيلوه إن كان هناك بعض الذكاء السياسي وكانت هناك فعليا إرادة وطنية حقيقية جماعية وفردية.
أبو عناد .. رايق المجالي