فيلادلفيا نيوز
في غمرة ما تمر به البلاد من أحداث لا نعرف لها تسمية أو وصفا واضحا لتشعب الأفكار وإختلاطها بل ولتناقضها أحيانا لدى الجهة الواحدة فنرى الطرف الرسمي في ذات التصريحات يعترف بحق المواطن بالتعبير عن رأيه ولكن يتم التلويح أو التهديد بالضرب بيد من حديد” كل من تسول له نفسه العبث” بالأمن وبالممتلكات العامة وهذه التلويحات والتصريحات تأتي في سياق الرد على حالة إحتقان أو هيجان وغضب شعبي يتم التعبير عنها بطرق سلمية مثل وقفات أو اعتصامات أو اضرابات وما يتخلل ذلك من خطابات غاضبة ورفع شعارات وإطلاق هتافات موجهة فقط إلى مستوى رسمي محدد وهو الحكومة وكبار المسؤولين مع رفع الشكوى منهم إلى سيد البلاد ورأس الدولة ومناشدات صريحة وواضحة تطالب بإقالة الحكومة وبتغيير كل طواقم المسؤولين الذين لم يستمعوا سابقا لشكاوى المواطن ولم يكترثوا لمعاناته، أي أن الأصوات كلها تقول بطرق مختلفة أن الشعب قد إضطر للنزول للشارع ليخاطب الملك مباشرة لأن كل القنوات التي رسمها الدستور والقانون لهذه الغاية هي قنوات مسدودة وغير مجدية فالتمثيل النيابي قد فقدت به الثقة تماما لأنه أصبح مجرد (تمثيل) بالمعنى الدرامي وليس السياسي ولأن هذه القناة أصبحت أداة للسلطة التنفيذية لتمرير كل ما تريد وبإسم الشعب حتى بات الوصف الوحيد للمجلس النيابي هو ما نطق به أحد الأعضاء المخضرمين والذي كان رئيسا للمجلس في الدورة الماضية ” مجرد ديكور”.
ومن جانب آخر وعلى الطرف الآخر من المشهد نرى إجماعا من كافة الفئات والاطياف والأفراد على قدسية مؤسسات الوطن العسكرية والأمنية بالنسبة لكل أردني لأنها مؤسسات مكونة حصرا من الشعب وهي المحصنة تماما من تغلغل الأغراب إلى صفوفها فلا يسمح إبتداء إلا للأردني الأصيل والصميم الإنخراط في صفوفها فهي إذن من طينة وعجينة هذا الشعب وهذا الشعب يعي ويعلم دورها ومهامها التي تنصب على حماية الشعب وممتلكات الشعب.
وهذا ما يبرز السؤال الذي جاء في العنوان (لماذا الشغب) و(ما الحاجة ليد الحديد)…؟؟؟؟
لماذا الشغب أولا من مواطن يشكو ضيق الحال ويشكو ويلعن كل ما ومن إعتدى على ماله وممتلكاته العامة وكل ما في الشارع وفي القرى والمدن والبوادي من بنية تحتية ومؤسسات خدمية هي ممتلكات وأموال هذا المواطن وهي بالإضافة إلى المواطن ذاته من تحرسهم المؤسسات العسكرية والأمنية بكوادرها وطواقمها وصنوفها.
ولماذا يد الحديد إذا كان من في الشارع وفي البيوت وفي الوقفات والإعتصامات والإضرابات هم الآباء والأمهات والأخوة والأخوات والأبناء بالنسبة للطواقم والكوادر العسكرية والأمنية والساحة هي أرض المواطن وممتلكاته.
وقبل هذا السؤال هناك سؤال أهم هو :”لماذا المواجهة…؟؟؟”.
شعب واحد ومعاناة واحدة واجماع على ثوابت ومفاهيم وفقط إنقسم هذا الشعب إلى من لهم صفة رسمية ودور وطني بوظائف عسكرية وأمنية ومن لهم صفة مدنية ودور وطني بممارسة المواطنة.
وإن قال قائل أن الكلام – عن يد الحديد – موجه لمندسين من غير هذا الشعب فهو اذا مكانه وزمانه ليس هذا المشهد العام فهذا أمر بدهي يعرفه ويطالب به الشعب الأردني وطبقه المدني مع العسكري فأحداث قلعة الكرك مثال ساطع على حرص المواطن المدني على فداء وطنه وأرضه والفزعة للوقوف مع رجل الأمن لا بل حمايته بالصدر العاري في مواجهة المندسين والعابثين.
و الخلاصة أن أي شغب أو عبث ليس مبررا ولا يصدر عمن يفتدون ذرة التراب بأرواحهم وكذلك فاليد الحديدية لا مكان لها ولا مبرر في هكذا مشهد تتفق فيه الأطراف على ذات المباديء وذات الثوابت وذات الخطوط الحمراء.
هذا شعب يحتاج في هذه الظروف يدا حانية وناعمة لا حديدية ويحتاج أن يعلم أنه يخاطب قائده دون حواجز ودون حجاب وأن يعرف أن صوته يصل دون أن يمر بقنوات النميمة السياسية التي تشيطن كل صوت يشكو حكومة أو مسؤول.
والأمر في النهاية لا يحتاج إلى خبراء السياسة ليعرف كل من يقرأ المشهد أن القصة (شعب يريد أن يقول لقائده : يا مولانا كل الحكومات وطبقة كبار المسؤولين قد خذلونا وخذلوك ولم يكونوا على قدر الثقة والمسؤولية)…!
هذا وطننا صغارا كبارا رجالا نساء وعسكريين وأمنيين والكل في خندق واحد في مواجهة الإستهداف ومواجهة التضييق على هذا الوطن ومواجهة الأيام الصعبة بما فيها من ضيق وفقر وشعور بالظلم والقهر والأهم من كل مهم أن يعلم كل مسؤول وكل مهتم أو متابع لأحوال الأردن من الداخل ومن الخارج أن هذا النظام الهاشمي وهذه الدولة بناء وكيان سياسي مادته وركائزه الشعب لا شيء غير الشعب.
أبو عناد.. رايق المجالي.