فيلادلفيا نيوز
في بداية مجلس النواب الحالي وضعت دراسة مقتضبة تقترح إيجاد قانون للخدمة المدنية وليس نظام على أن تستقر قواعد عامة في الخدمة المدنية لا يتم العبث بها كل فترة بسهولة من حيث قناة تعديل وسن الانظمة على أن توضع طبعا أنظمة تنفيذية للقانون في الفرعيات والتفاصيل التي تستدعي الظروف تغيرها.
سلمت هذه الدراسة والمقترح لنائب تخصصه قانون وعضو لجنة قانونية من بداية المجلس وحتى إنتهاء مدته واعتقد أن تلك الأوراق قد القيت في القمامة منذ سنوات ومستقرها مكب النفايات الذي ترسل إليه كل نفايات مجلس النواب والمنطقة الذي يقبع فيها أو ربما نفايات العاصمة.
سهولة تعديل وسن الانظمة المتعلقة بالخدمة المدنية جعلت موضوع الخدمة المدنية غير مستقر وسيبقى كذلك فالواقع اثبت ذلك وقد جرت تعديلات عديدة وكثيرة كلما جاءت حكومة وفي عهد نفس الحكومة يتم التعديل أيضا مرات ومرات حتى أصبح موضوع الخدمة المدنية غير مفهوم حتى لمن يطبقون النظام وكذلك للموظف العام وتسبب ذلك في شبه انهيار في القطاع العام ونشوء ازمات ومشاكل لا حل لها.
في الماضي البعيد ولأن نظام الخدمة المدنية كان يعامل كشريعة عامة في موضوع الخدمة المدنية ولا يتم الإقتراب منه ولا يتم العبث به وتعديله حسب خواطر أشخاص في الحكومات والمواقع الحكومية ولأنه كان تشريعا مستقرا لم يحتاج أي موظف أن يشرح له ما هي حقوقه وما هي واجباته واليوم وبعد إصابة الحكومات كلها (بالاسهال التشريعي) في كل مجال وأولها (الخدمة المدنية ) فحتى المرجعيات القانونية في الحكومة وفي المؤسسات لا يفهمون النظام وكل يفسره ويطبقه بطريقة مختلفة ناهيك عن أن الإدارات ومديريات الموارد البشرية كل موظف أيضا يفسر ويطبق حسب وجهة نظره وفهمه الخاص.
مع الإشارة إلى أن سن اي نظام يقتضي وضع تعليمات لكل محور أو لتفصيل تطبيق كل قاعدة عامة في النظام تعالج جانبا أو موضوعا ورد عليه نص في النظام وهذا يعني أن نظلم الخدمة المدنية دائما ينفذ بوضع -على الأقل – من ١٠ إلى ١٥ لائحة أو تعليمات يصدرها الديوان أو الهيئة المسؤولة عن تطبيق النظام وعندما يجري أي تعديل على نظام نافذ يقتضي ذلك وضع تعليمات جديدة والغاء تعليمات قديمة مما يعني زيادة أعداد التعليمات الموضوعة للنظام وحيث ليس من واجب الموظف العام أن يتابع كل تعليمات تصدر من الهيئة أو الديوان ولا يعلم متى صدرت وما الذي الغي أو عدل أو وضع حديثا فنجد أغلبية كوادر القطاع العام لا فكرة لديهم عما يجري في القطاع العام ويحصل أن تبقى بعض الإدارات تطبق نصوصا الغيت في النظام أو تعليمات عدلت والغيت وهذا ما لمسته أنا شخصيا من واقع خبرتي كمستشار قانوني في القطاع العام ، يعني أقل وصف لحالة القطاع العام من حيث التشريعات بأنه (حوسه) .
نعم انها (حوسة) فالتطوير أو التحديث لا يكون فقط بسن عشرات القوانين أو الأنظمة آلتي تفرخ مئات أو آلاف التعليمات واللوائح ،بل بتطوير الإدارات نفسها وكوادرها اي تطور الذهنية والعقلية وفهمها للمتغيرات وما تقتضيه وما يتغير من سياسات وأسبابها الموجبة لتتغير مع فهم ما يتم تعديله او سنه لأن الإدارات والكوادر هي آلتي تطبق التشريعات والتطبيق يجب أن يحقق مقاصد التشريعات ويحقق الأهداف آلتي وضعت من أجلها السياسات فالتشريعات هي أداة القطاع بمجمله واداة كل موظف عام ليحقق المصلحة العامة ويترجم السياسات العليا للدولة ، فتكدس الدراسات وتكدس الانظمة والتعليمات في ارشيف أي حكومة او تكدس ما ينشر في الجريدة الرسمية من تشريعات لا يغير في واقع إدارة صغيرة شيئا فكيف به يغير قطاعا هو العمود الفقري لدولة…؟؟؟!!!؟؟؟
لا اناقش هنا أفكارا عامة أو أحلل أو انظر بل انقل واقعا تشريعيا وواقعا عمليا وما يعيشه المواطن وما يعيشه كل موظف عام هو برهاني ودليلي على ما تم ايضاحه أعلاه واسوق كل موظف على رأس عمله وكل متقاعد في الخدمة المدنية منذ عام ٢٠١١ وحتى كتابة هذا المقال كشهود عيان على كل الأفكار الواردة أعلاه والله قبل كل شيء على ما اقوله شهيد.
أبو عناد