الخميس , ديسمبر 12 2024 | 1:18 ص
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : كيف تعاد زراعة ياسمين الشام..؟

رايق المجالي يكتب : كيف تعاد زراعة ياسمين الشام..؟

فيلادلفيا نيوز

حلل يا صديقي ولكن بعد غسل رأسك من أفكار لا تصلح:

الجميع وبلا استثناء يحللون ما جرى في سوريا وما سيجري وهذا طبيعي جدا ، فكل من يشاهد مثل هذا الحدث لابد له أن تثور في رأسه افكار وأسئلة تحتاج إلى إجابات ، ولكن الغير طبيعي وغير صحيح أن نحلل ونطلق العنان للأفكار والأحكام بناء على ما نتابعه في نشرات الأخبار في أيام قليلة معدودة.

نحن أمام حدث تاريخي كبير بل هو منعطف تاريخي في المنطقة برمتها يتعلق بأمتين عربية وإسلامية وليس مجرد حدث مهم في شأن شعب أو جغرافيا محدودان أو محددان ،فليس الأمر انتصار فئة على فئة أو كأنها بطولة رياضية فاز فيها فريق على فريق ، بل هذا نظام سياسي وحكم دولة عربية كبيرة وعظيمة وهذه الأرض والدولة قد وجدت عليها اقدم حضارة إنسانية ومرت عليها أيضا أعظم الحضارات ، وهذا النظام الذي حكم لمدة (ستون عاما) وجد على خارطة أمتين عربية وإسلامية وفي منطقة الشرق الأوسط مركز كل صراعات العالم العربي كان هذا النظام لاعبا في منظومة دولية بكل تناقضاتها.

إذا نحن لسنا أمام أمر أو حدث تكون له تداعياته المباشرة الواضحة فتستقر بعد فترة وجيزة كل جوانب وتداعيات هذا الحدث أنما هو زلزال سياسي حيث أسقط نظام دام عشرات السنين في حكم دولة بحجم سوريا وهذا يعنى أن التغيير سيكون على كل شيء بناه هذا النظام وكل شيء بني على وجود هذا النظام من سياسات وعلاقات وتموضعات سياسية واقتصادية وأيضا فكل الأفكار التي نشأت في ظل وجوده وكل المشاعر الإنسانية تتغير وسقوط هذا النظام بثورةـ وكما هو تعريف “الثورة” بأنها تطيح بكل ما هو قائم لتبني مكانه الجديد الأصلح ـ يعني أن البناء الجديد لدولة جديدة يحتاج عشرات السنين حتى تستقر الدولة بكل الجوانب.

والطبيعي أيضا أن التغيير كسنة كونية لابد أن يمر بمرحلة الصراع بين القديم والجديد وهذه حقيقة حتمية والقديم هنا لا يعني الطرف الذي كانت له سيادة أو سلطات ولا يعني أيضا أنصاره بل هو صراع بين افكار وبين مصالح وبين أشياء بنيت على النظام العام القديم في الدولة نفسها وفي علاقاتها بالعالم وبين سياسات ومراكز قوى وبين مصالح دولية ومصالح إقليمية وبين وبين.. إلخ.

لذلك فالمهمة اليوم أمام الشعب السوري هي مهمة عظيمة وثقيلة جدا والأهم والاعظم والأشد من الظروف والصراعات بدأت بعد سقوط هذا النظام لأن المهمة هي بناء دولة جديدة على أنقاض دولة كانت قد بنيت على أساسات مختلفة تماما وهذا البناء الجديد يحتاج أولا لإزالة كل الردم من سقوط النظام القديم ويحتاج إلى تنظيف الأرض وتمهيدها ويحتاج إلى ترميم ما هدمه النظام القديم في الإنسان السوري والعربي وما هدمه في هذه البقعة الطيبة من العالم العربي.

وأيضا هذا البناء الجديد يستدعي حسن انتقاء البنائين وحسن إختيار الإتجاهات والمواد السليمة التي ستدخل فيه ليكون صلبا وصامدا أمام كل العوامل التي قد تنحت فيه وكذلك يستدعي حماية كل هذا أثناء وضع كل حجر فوق الآخر لضمان حسن وجودة إنجاز مراحل البناء.

لهذا كله علينا حين نحلل أن ندرك حجم وعظمة وصعوبة المهمة في المستقبل بالنسبة للشعب السوري وتحديدا لمن كانوا رأس الحربة في هدم وإسقاط النظام السابق ، وأن ندرك أن هؤولاء وخلفهم الشعب السوري لن يقف بقية العالم ـفي المنطقة والعالم ـ مجرد متفرجين بل سينقسمون بين من سيدعم ومن سيحارب بكل قوته هذا البناء الجديد.

ومثال بسيط وسريع واضح ومباشر فهيئة تحرير الشام كما سميت تتخذ خطوات مدروسة في إدارة الدولة بشكل متدرج لكنها تدير الدولة بنفس ادوات الدولة فهي لن تأتي بمؤسسات جديدة وكوادر بشرية جديدة وهذا وحده يكشف ويظهر مشاكل كبيرة بل اشكاليات لا تحل بين ليلة وضحاها ، فتصويب أوضاع وإصلاح مؤسسة صغيرة أو شركة في أي دولة في العالم بالضرورة ليس سهلا وستظهر معه مشكلات عديدة فما بالنا بمؤسسات دولة ودولة بحجم سوريا بكاملها.

نحن نحلل فقط عناوين نتابعها بينما التفاصيل آلتي لا حصر لها ولا نعلم عنها شيئا هي التي تحدد مستقبل هذه الدولة ، فلنتوقف عن هذا التفاعل على طريقة تفاعل جماهير كرة القدم مع قمة أوروبية أو مباراة كلاسيكو اسباني لننقسم في التشجيع وتتباين ردود أفعالنا بين غاضب وسعيد وبين متوعد ومتوجس من تقلبات دقائق المباراة وتذبذب أداء الفريقين وتحليل تداعيات فوز فريق على الآخر على مستقبل نادي أو منتخب وعلى مستقبل لاعبين فيهما.

إنها سوريا وإنها أمة عربية وإسلامية وزلزال عظيم على بنية سياسة في المنطقة وفي العالم.

ولندعو رب العزة ومالك الملك وخالق الأكوان القدير الجبار المهيمن أن يتم نعمته على الشعب السوري والعربي والإسلامي ويوفق هذا الشعب العظيم ويلهمه الصواب لما فيه خيره وخير أمتيه العربية والإسلامية وأن يحميه من كل شرور العالم الذي أصبح اليوم يحكمه الشيطان الرجيم.

أبو عناد/رايق المجالي

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com