فيلادلفيا نيوز
في الوقت الذي تنتفض فيه كل أوصال الدولة والحكومة للتحذير من البرد والإنجماد وتهيب بالمواطنين عدم الخروج من دفء المنازل إلا للضرورة القصوى وإبان إستغراق (المقاتلين في الميدان ) من كبار كبار المسؤولين -بدليل إنتشار اللون الأحمر على (نمر سياراتهم الفارهة ) – في نومهم العميق فوق ريش النعام بعد إسترخائهم مع الأسرة وتناول وجبة (الحمام والجمام ) وفي مكان هناك حيث ليل الصحراء -حتى في الصيف- قارص البرودة كانت العيون التي لا تنام وهي قابضة على الوطن فيد على الزناد ويد على ذلك الجيب من (الفوتيك ) جهة القلب والذي يحتوي (محفظة ) ليس فيها إلا (بضع دنانير ) -وقد تخلو من أي قرش أحيانا -و(شهادة التعيين) وصورة فوتوغرافية ( لأم وأب) و” لأفراخ زغب الحواصل لا ماء ولا شجر ” .
هناك حين تلوذ حتى الذئاب والضباع وسباع الأرض بملاذاتها هربا من برودة الليل ووحشة الصحراء كانت تلك العيون وتلك القلوب- التي لا تضخ إلا الدم الأردني النقي والزكي – تعزف إيقاع ” تخسى يا كوبان منته ولف إللي ..ولفي شاري الموت لابس عسكري …يزهى بثوب العز واقف معتلي …بعيون صقر للقنص متحضري ” .
هناك على حدود أمننا وشرفنا وكرامتنا ” كانت الأسود في الجنبات ” تردد ومع آذان الفجر وتزأر ” الله أكبر ” وتلبي نداء ربها ” حيا على الفلاح ” وأي فلاح أعظم من “جهاد في سبيل الله والوطن ” ..؟
هناك ومع إنبلاج الصبح صارت أصوات الريح وتساقط حبات البرد والمطر (كورالا) يردد حداء روح (الشهيد النقيب محمد ياسين الخضيرات ) وهي ترتقي ” يا يمه لا تبكي علي ..هذي المنايا مقدره ” ثم تعلو أنفاسه الأخيرة ترافقها أنفاس الجرحى من رفاقه لتطغى على كل صوت تغني ” حنا كبار البلد ..حنا كراسيها ..حنا رماح القنا اللي تعكزت فيها ..وش علمك بالمراجل يا ردي الحيل ..وش علمك بالمراجل والمشي بالليل ”
إلى رحمة الله ورضوانه ووعده الحق أيها الشهيد (محمد ياسين الخضيرات ).
اللهم شفاء عاجلا لا يغادر سقما للجرحى من جندنا البواسل .