الأحد , مايو 4 2025 | 3:35 ص
الرئيسية / stop / رايق المجالي يكتب : في اليوم العالمي للصحافة ،،،،

رايق المجالي يكتب : في اليوم العالمي للصحافة ،،،،

فيلادلفيا نيوز

الإعلام المفترض أنه “المهني” لما “يسيب الحمار ويمسك في البردعة”…؟!؟!؟؟

المثل في العنوان هو مثل مصري يضرب عندما يترك أساس الموضوع أو السبب الرئيسي في أي مشكلة ويتم التركيز على شيء شكلي أو ثانوي ، أما لماذا استخدمته في العنوان فلأنه أدق ما يصف ويشخص الحالة اليوم في اعلام الدولة الأردنية بكل مؤسساته وذلك على الوجه التالي:

في البداية علينا أن نتذكر حقيقة لا ينكرها إلا المتخلف الجاهل الذي غلقت كل نوافذ المعرفة لعقله وتكلست لديه افكار قديمة بائدة وتوقف تفكيره في ماض بعيد ، وهي حقيقة التقدم التكنولوجي ودخولنا عصر الانترنت ووجود فضاء لا حدود لأتساعه دون حواجز وقيود على تدفق المعلومات والأخبار وتبادلها وتداولها ، وهذا خلق أنواعا لا حصر لها من “الإعلام والإعلاميين” من حيث القدرة على الحصول على المعلومات ونقلها وعرضها بطرق أيضا لا حصر لها ،وهذا ما أوجد مفاهيم جديدة في كل شيء وفتح الباب على مصراعيه لأي إنسان أن يمارس (الإعلام والصحافة) فظهر ما يسمى (المواطن الصحفي أو الإعلامي) فقد توفرت كل الوسائل للنشر والطرق والأدوات الحديثة التي كانت قديما مجرد أدوات محددة لا يمتلكها إلا المؤسسات مثل ادوات عمل الصحف أو محطات الإذاعة والتلفزيون وهذه الادوات التي كانت مكلفة ولا تصنع وتستخدم إلا من متخصصين أصبحت اليوم موجودة في جهاز صغير يحمله أي إنسان وهو (الهاتف الذكي) أو اشكال الأجهزة الإلكترونية التي يحملها الإنسان ويتنقل بها وهي مربوطة مع شبكة الإنترنت بكل ما فيها من تطبيقات الإلكترونية تصنع وتفعل كل شيء وتحتوي على كل شيء أيضا.

اليوم يمتلك اي إنسان وبثمن زهيد تقنيات هي ذاتها التي تستخدمها أعظم وأكبر وسائل الإعلام لجمع المادة الإعلامية ومعالجتها وحفظها وتوثيقها وتوجيهها وعرضها ونشرها حسب ما يريد ، وهذا يعني أن كل إنسان يملك ممارسة أعمال الصحفي أو الإعلامي ولكن وفق ما يراه هو وبالاتجاه الذي يحقق فيه رغباته ومصالحه الخاصة ،فالصحافة بمفهومها الجديد (المواطن الصحفي): أصبحت حرية من ضمن حريات الإنسان يمارسها كيفما شاء ولأسبابه وأهدافه الخاصة فأصبحت وسيلة له يستطيع استخدامها لما يريد ،فإذا أراد التجارة وتوفير عمل ودخل أو إذا أراد إرسال رسائله الخاصة لأي إنسان أو جهة أو إذا أراد رسم صورة أو تغيير صورة أو تلميع صورة أو تشويهها أو إذا أراد النفع له أو لغيره أو نقيض ذلك إذا أراد الهجوم لألحاق الضرر.

وهذا يعني أن عدد الإعلاميين والصحفيين تحت مفهوم (المواطن الصحفي) أصبح بعدد سكان أي دولة أو بعدد كل من أصبحوا قادرين على إستخدام (هاتف ذكي) من سنوات عمر الإنسان الأولى ، فالمواطن الصحفي أو هذا النوع من الاعلام والصحافة ليس هو الإعلام والصحافة المهني أي الإعلام الذي لديه (رسالة) في مجتمع الدولة ويستند الى قواعد علمية ومهنية ويعمل وفق منهجية تنتج خططا إعلامية تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة للمجتمع.

والحقيقة الأخرى تقول أن الإعلام المهني لم ينتهي وجوده ولم يلتغي وبقي له ذات الأهمية وذات الدور ولكن المهام الجسمية والعظيمة ولعب الدور بمهنية وحرفية أصبح أكثر صعوبة بمراحل عن السابق وأصبحت تأدية الرسالة الإعلامية في أي مجتمع مهمة معقدة وصعبة جدا لأن كل ما طرأ من تقدم تكنولوجي جعل ( المنافسة معركة حامية الوطيس وقاسية) فالمتلقي للاعلام المهني هو المنافس وهو المصارع لما أصبح لديه من أدوات وأسلحة هي ذاتها ادوات وأسلحة المؤسسة أو الإعلامي أو الصحفي الممتهن للأعلام والصحافة وهذا المصارع هو أيضا المستهدف من عمل المؤسسة والإعلامي والصحفي.

ولكن حتى يبقى للإعلام المهني دوره ويتطور مع ما حدث من تغيير شامل في الحياة يجب أن يتطور هذا الإعلام وأن يستوعب فعليا هذه الثورة وهذا التغيير وأن يستثمره لصالح تعزيز دوره ليحافظ على الحد الأدنى من القدرة على التأثير لتحقيق الرسالة الإعلامية في المجتمع ، ولا يكون هذا إلا بوجود العقليات التي تعمل في مجال الإعلام التي تطورت مع كل تطور تقني وكل تطور ذهني عند المتلقي أو الجمهور أو المجتمع والعالم ، وهذه العقليات يجب أن تطور أدواتها في التلقي والاستيعاب والفهم وفي صناعة المحتوى والمادة الإعلامية المهنية القادرة على كتابة حروف الرسالة الإعلامية وأن تطور عقلية أو عقليات الإعلام المهني ادوات إيصال الرسالة ، فكل الادوات والوسائل والأساليب التقليدية لم تعد نافعة ” فلم يعد المتلقي يهتم بأي خبر او مادة أو محتوى لمجرد أنه صادر عن مؤسسة إعلامية أو عن شخص مصنف أنه اعلامي أو صحفي ويمتهنهما” وأيضا أصبحت وسائل جذب الإنتباه لدى ( المواطن الصحفي) أكثر فاعلية بل ابهارا فلم تعد وسائل الإعلام المهنية تحتكر الاشكال والأطر والوسائل التى تميزها كوسيلة إعلام وصحافة عن أي صانع محتوى عبر شبكة الإنترنت .

كل ما مر كما قلت لا يعني إلغاء أو انتهاء دور الإعلام المهني ولكنه فرض عليه أن يتسلح بما يجعله ممسكا للدفة أو قادرا على التوجيه والضبط بالقدر الذي يجعل رسالة الإعلام المهني مستمرة وواضحة بعض الشيء وتحقق أهدافها جلها إن لم تكن كلها ، فليس مطلوب من الإعلام أن يحقق أهدافه كلها فالمسألة نسبية دائما والمطلوب تحقيق النسبة المقبولة للقول بأن الرسالة وصلت وأن المجتمع يستفيد من وجود إعلام مهني نسميه (اعلام دولة) وحتى يكون لدينا هذا الحد الأدنى من كل شيء لبقاء الإعلام المهني مؤثرا يجب أن يبقى مهنيا وأن يتبع القواعد المهنية مع تطوير أساليبه وأهم هذه القواعد هي (المصداقية) التي تبنى تراكميا مع الوقت وأيضا ارتفاعا حسب إرتفاع مستوى المحتوى والمادة دائما ، فيجب أن يشعر المتلقي أن الجهة الإعلامية أو الصحفية ومن يعملون في مهنة الإعلام والصحافة أولا صادقون وثانيا لا يتناولون المواد التافهة أو قليلة الأهمية ، الأهم هنا أن يبذل الصحفي أو الإعلامي جهدا حقيقيا في جمع المادة وفي فهمها وفي معالجتها وفي طريقة عرضها ، فالمادة القيمة أو العميقة والمهمة تحتاج أولا لكفاءة في كل شيء عند التعامل معها بينما المادة التافهة والسطحية الغير مهمة فلا تحتاج لأي جهد ، والإعلام المهني لا يجب أن يبحث عن السهل والأقل تكلفة في الجهد الذهني أو المادي فهذا هو أسلوب (الهواة) أو (المواطن الصحفي) لأنه لا يقوم بمهمة أو وظيفة ليحقق مصلحة عامة وأيضا لا توجد جهة توفر له وسائل وأدوات عمله لذلك فهو حر في الجهد الذي يبذله.

نحن في الأردن نشهد حالة من تحول الإعلام المهني أو (إعلام الدولة) إلى (إعلام شعبي) أو أسلوب (المواطن الصحفي) وأصبح اعلامنا يتبع هذه المفهوم في كل شيء ، فكما يمارس الأفراد نشاطهم وبنفس الأساليب ولنفس الغايات صارت مؤسسات إعلامية بأنواعها تسعى لسبق صحفي الذي هو (ترند عند المواطن الصحفي) وتسعى وراء أي معلومة أو خبر مهما كان تافها لمجرد أنه متداول بين الناس ودون تدقيق على تفاهاته بمدى صحته من كذبه.

صار الإعلام الأردني تماما كأي صفحة عامة على موقع الفيسبوك يتداول ويتناول كل شيء ويركز على أي شيء يجذب انتباه العدد الأكبر من الناس مهما كان تافها أو قليل الأهمية ، وحتى المواضيع أو القضايا المهمة فيتناولها من الجوانب التافهة أو السطحية مبتعدا عن العمق والجوهر لمجرد أن هذه الجوانب فيها جذب أو إثارة أكثر مما لو تم التركيز على العمق وجوهر القصة أو القضية ، فصار إعلام الدولة (يسيب الحمار ويمسك بالبردعة) .

لا احتاج إلى إيراد شواهد وأدلة كثيرة كما هو الاسهاب أعلاه لإثبات ما اسهبت في شرحه وفقط لو توقفنا عند (أهم برامج المحطات والقنوات الأردنية) لوجدناها دائما تتلقى من الشارع أحاديثه عن أي قضية وتناقش أي أمر حتى لو كان تافها أو كان مجرد إشاعة فقط كردة فعل من أجل تحقيق مشاهدات ومتابعات للبرنامج أو القناة ، ولو مسحنا المواقع الصحفية الإلكترونية كلها -إلا ما رحم ربي – لوجدنا المواد المتصدرة أخبارها جميعها مأخوذة عن (نشر لمواطن على صفحته لخبر أو فيديو) عن موضوع (تافه أو غير مهم) فيتحول الأمر التافه أو قليل الأهمية إلى (قضية رأي عام) وأحيانا كثيرة تخرج علينا وسائل إعلامنا بأخبار (الشكر و الامتنان للجهات الرسمية في السلطة لإستجابتها لما نشرته هي) فنشعر أننا أمام (قضية ووترغيت) جديدة كشفتها تلك الوسيلة الإعلامية.

للأسف الشديد والمحزن حد البكاء أن إعلامنا أو ما يسمى إعلام الدولة أحيانا (كله) يسير في (زفة) على موضوع (تافه) أو (غير مهم) وقد قاد الزفة في باديء الأمر ربما (مراهق نشر على صفحته تسجيلا بالفيديو لحدث ما في الشارع العام) فتداولته صفحات (مراهقين آخرين) وانتشر كالنار في الهشيم على معظم صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لأن الجميع يعيش (الفراغ أو الإحباط أو حالة تصيد ما “يتفششون به”.؟!؟!؟؟

نقطة انتهى.

أبو عناد.

طباعة الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تنويه
• تتم مراجعة جميع التعليقات، وتنشر عند الموافقة عليها فقط.
• تحتفظ " فيلادلفيا نيوز" بحق حذف أي تعليق، ساعة تشاء، دون ذكر الأسباب.
• لن ينشر أي تعليق يتضمن إساءة، أو خروجا عن الموضوع محل التعليق، او يشير ـ تصريحا أو تلويحا ـ إلى أسماء بعينها، او يتعرض لإثارة النعرات الطائفية أوالمذهبية او العرقية.
• التعليقات سفيرة مرسليها، وتعبر ـ ضرورة ـ عنهم وحدهم ليس غير، فكن خير مرسل، نكن خير ناشر.
HTML Snippets Powered By : XYZScripts.com