فيلادلفيا نيوز
إننا نخلط بين مفهوم الضبط ومفهوم التقييد أو المنع والقمع، فالضبط هو تقنين أو تهذيب الأمر أو تحديد المسموح من غير المسموح لتوجيه السلوك إلى وجهة صحيحة، بينما التقييد أو المنع أو القمع يعني إغلاق الباب تماما ووقف أي سلوك وعدم السماح بالممارسة بشكل مطلق.. ¿! ¿!
ونشهد على مواقع التواصل يوميا وعلى مدار الساعة إنفلات تام بحيث يقول أي كان ما يشاء في أي موضوع – وللأسف – يعتقد الكثيرون أن هذه حالة طبيعية وتمثل مناخ الديمقراطية وهذا إعتقاد خاطيء فالحرية دون ضوابط هي فوضى عارمة، فالحرية ممارسة يجب أن لا تعتدي على الآخرين وعلى حرياتهم وعلى ما ضمن القانون حمايته من شؤونهم، وما نشهده في المجمل يتضمن إعتداء على الأفراد أحيانا وأحيانا على مؤسسات وأحيانا أخرى على المجتمع وعلى العناصر أو الخصائص الإيجابية لهذا المجتمع مثل وحدة نسيجه وسلامة أمنه وهذه الإعتداءآت تتخذ أشكالا كثيرة منها ما هو مجرم نصا بالقانون.. ¿! ¿!
لقد أصبحنا ننام أحيانا على قصص تثار عبر مواقع التواصل ثم نصحو على تلك القصص وقد تفاقمت أو اثيرت قصص جديدة تتحول من إدراج على الفيسبوك أو نشر صورة أو مقطع إلى عاصفة من الإدراجات والتعليقات تتحول إلى معارك وحروب وفتن بين مكونات المجتمع، فقد تكون فتنة عشائرية أو طائفية وهذه من أخطر الأشياء على أي مجتمع آمن وعلى دولة مستقرة… ¿! ¿!
لهذا فإن فهم معنى الضبط وقبوله أمرا ملحا والأكثر إلحاحا هو تطبيق مفهوم الضبط على الوجه الصحيح ووفق ما رسمه القانون، فالقانون يجرم العبث بالنسيج الوطني وإثارة النعرات بأنواعها وبأي شكل، والضبط هنا يكون بملاحقة كل من ينشر إدراجا أو يتداول ويعلق ويشارك في أي موضوع سواء بإثارته أو بالتفاعل والتداول والخوض فيه إذا كان هذا الموضوع أو حتى مجرد العنوان يفتح الباب لنقاش واخذ ورد تشكل بحد ذاتها الركن المادي لجرائم الفتنة وإثارة النعرات والعبث بالنسيج الوطني، ويجب تفعيل النصوص المتعلقة بأي جرم قد يرتكب بوسائل إلكترونية وتفعيل دور الأجهزة التي وجدت لملاحقة تلك الجرائم دون إنتظار تحريك شكوى من أفراد أو جهات متضررة وهذا ما ينص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني حيث للنيابة العامة تحريك دعوى الحق العام بمجرد علمها بوقع الجرم ..!
على سبيل المثال لا الحصر نجد أن حرية الدين ومكفولة وحرية ممارسة الطقوس الدينية كذلك ولكن هذه الكفالة لا تشمل تطرق شخص أو جهة لطائفة أخرى في المجتمع ومناقشة معتقد تلك الطائفة أو إنتقادها أو الهجوم عليها إنتصارا لمعتقد وطائفة معينة هي معتقد مرتكب فعل الهجوم أو الإنتقاد، فحرية المعتقد والدين مكفولة فقط كما اسلفنا أن يكتب الشخص عن معتقده هو ويستنبط منه العظات والأحكام التي تتعلق بشؤون حياته وله أن يمتدح معتقده ويحاول شرحه وتوضيحه لأتباع نفس الطائفة – وطبعا فكون المتحدث أو الكاتب أو الواعظ صاحب علم من عدمه فهذا متروك له ولما تقوله تعاليم دينه عن ذنب من يفتي بغير علم أو أجر صاحب العلم والمجتهد – أما الإصرار على التصدي للفتاوى والخوض فيما يتدخل في معتقدات الآخرين فهذا خروج على القانون ومساس بحرية المعتقد..!
للأسف الشديد نحن في الأردن أصبحنا نجد مثل هذه النقاشات وهذه المواضيع التي تثار وتتحول إلى فتنة طائفية بالرغم من أن الأردن عبر تاريخه وقبل قيام الدولة حتى لم تكن مثل هذه الفتن الطائفية موجودة يوما ولكن وجود هذا الفضاء وهذه الفوضى هو ما أوجد المناخ المناسب لكل من لا يريد بهذا الوطن خيرا من أعدائه الظاهرين وإعدادئه الغير ظاهرين.!
برأيي الشخصي لو تم تطبيق القانون على عدد من الذين يصرون على الخوض فيما يثير الفتن وتمت معاقبتهم لتحقق الغرض من التشريع الجزائي وهو الردع الخاص والردع ألعام ولتم ضبط الفوضى بالقانون ودون مساس بالحريات..!
أبو عناد