فيلادلفيا نيوز
عندما يلتحق أي طالب علم بإحدى كليات الحقوق في العالم بكل مدارسة لدراسة تخصص القانون فإن أول ما يبدأ بتعلمه أبجديات هذا العلم ويبدأ بمعرفة المصطلحات والمفاهيم وعناصرها وخصائصها وفي القانون أول ما يبدأ مساق التعليم به هو تعريف وشرح (القاعدة القانونية) بمفهومها المطلق أي كل قاعدة توضع لتنظم شؤون المجتمع والدولة وهي (القاعدة الدستورية، القاعدة في قانون، القاعدة في نظام، القاعدة في تعليمات) وهذه القواعد لها تعريف وتوصيف وخصائص جامعة هي ما يجعلها قاعدة قانونية ويفرق بينها وبين الأوامر الشخصية الفردية التي تصدر من شخص أو جهة، وهذا التوصيف أو التعريف هو : “القاعدة القانونية عامة ومجردة” والعمومية والتجريد هي خصيصتان لا خلاف أيضا على شرحهما بحيث تعني العمومية تطبيق القاعدة على العموم دون إستثناء ويعني التجريد أنها تطبق على العموم كما هي لا يتدخل في تطبيقها اي عامل أو معيار يرتبط بمن يطبقها أو من تطبق عليه فلا يختلف الأمر – مثلا – عند إختلاف الزمان أو المكان أو الجنس أو العرق أو الطائفة.
هذه هي القاعدة القانونية في كل مستويات التشريع وفي كل مكان وزمان ونظام قانوني في العالم فإذا تخلفت خصيصة من هذه الخصائص فتتحول حتما إلى شيء آخر هو أمر أو أوامر شخصية يطلقها شخص بإسمه أو بإسم جهة وتتعلق هذه الأوامر بأسباب الشخص أو الجهة وبمعايير وعوامل شخصية أو جهوية ترتبط إما بمصدر الأمر أو بمن تصدر له تلك الأوامر.
وأول ما تفقده القاعدة عندما تتخلف إحدى خصائصها الرئيسية (العمومية والتجريد) هي صفة الإلزام للعموم وهي الخصيصة التي تستند إلى العمومية والتجريد ولا تبقى للقاعدة إلزامية في هذه الحالة إلا في مواجهة من تصدر لهم الأوامر بالخصوص وحسب قبولهم ومزاجيتهم كما هي كذلك بالنسبة لمن يصدرها لأنها تتعلق أيضا برغبته ومعاييره ومزاجيته، فيكون تطبيق الأوامر نسبيا وفق مقتضي الحال أي أنه غير مضمون وكذلك فالأكيد أن الأوامر تكون متقلبة ومتغيرة حسب الزمان والمكان والمزاج وتغيير المعايير والعوامل وأي من التفاصيل التي تدخل في عملية صدورها وتطبيقها.
وعليه فإن سيادة القانون تدور وجودا وعدما مع وجود خصائص القاعدة القانونية من عدمه، فإذا لم تكن القواعد عامة تطبق على الكافة ودون الركون إلى أي عامل فهي إذا ليست قاعدة قانونية ملزمة للعموم ولا ترتب الإلتزام للعموم ولا ترتب أثر المحاسبة والعقاب على من يخالفها ما دامت غير متعلقة به وقد خصصت إصدارا وتطبيقا.
ولإسقاط ما تم بيانه سابقا على الحالة الأردنية فإننا نشهد في أكثر من مرة وفي العديد من القضايا المطروحة على الساحة تساؤلات في الشارع – ترقى إلى التململ والإحتجاج الشعبي العارم – عن الكيل بمكيالين في تطبيق القانون بدء بقوانين المحاسبة والمراقبة ومعاقبة المعتدين على المال العام وإنتهاء بمحاسبة عدد من المواطنين على أفعال وأقوال مما يدخل تحت باب قضايا الرأي، فقد كثر الحديث عن وجود الإنتقائية في تطبيق القانون على حالة دون غيرها وإستثناء بعض الأفراد من تطبيق صريح النصوص عليهم بإلتماس الأعذار غير القانونية لهم مثل العذر الذي أصبح شائعا ويتذرع به كل من إقترف خطأ بحق الوطن أو بحق جهة أو شخص.
إن تطبيق القانون على العموم هو ما يضمن إلتزام العموم وهو ما يجعل لكل قاعدة قانونية صفة الإلزام للعموم وهو ما يحقق الردع الخاص والعام للكافة الذي يعني بالنتيجة التطبيق الفعلي لمبدأ سيادة القانون وبغير ذلك فكل تشريع وكل قاعدة لن تكون بالنسبة للشعب وللأفراد إلا مجرد أوامر تصدر من أشخاص وفق المزاج وتطبق وفق المزاج وهذه أخطر حالة يمكن أن تمر على مجتمع دولة لأن كل المظاهر السلبية والمشاكل الأخرى بل والكوارث هي نتائج طبيعية لوجود هذه الحالة التي كانت توصف في اللهجة المحكية “فلة حكم”.
أبو عناد… رايق المجالي.